من زمن السومريين الى زمن العرب، يبدًل العراق هويته ! (*) في 4ح، انشرها متعاقبا، ح 1

من زمن السومريين الى زمن العرب، يبدًل العراق هويته ! (*) في 4ح، انشرها متعاقبا، ح 1 د. رضا العطار

اكتسب العراق اسمه من اسم المدينة السومرية اوروك، بعد ان تحول الى كلمة العراق – – وقد اطلق العرب هذا الاسم المطورعلى البلاد كلها – ولم يكن لها اسم موحد قبل ذلك بل كانت بلاد آشور في الشمال وبلاد بابل في الوسط وبلاد سومر واكد في الجنوب – – واستعمل الاغريق ميسوبوتاميا اي مابين النهرين – ولم تعرف هذه التسمية عند الرافديين القدماء انما تداولها اليونان على النحو الدارج. – وتوحد العراق ككيان جغرافي على يد العرب ايضا وهم الذين رسموا خارطته وحدوده بعد الاسلام من الموصل الى عبادان – ومنه جاء المثل الدارج (ماكو وراء عبادان قرية) اشارة الى انها آخر ارض العراق.

ولم تتضمن الخارطة العربية للعراق كردستان الجنوبية المسماة كردستان العراق. – فهذه الحقت به في معاهدة سايكس – بيكو السيئة الصيت. وكان العرب يسمونها بلاد الجبال او بلاد الاكراد.
اول مدينة عمرانية ظهرت في العراق هي مدينة الفراتين الاوائل التي تركت تاثيراتها اللغوية على السومريين وعن طريقهم على الساميين واليهم ترجع تسمية دجلة والفرات واسماء بعض المهن الهامة كالحداد والنجار. التي انتشرت منها صيغة (فعال) للحرفة في اللغة العربية – وهي اقدم صيغة لغوية في تاريخ اللغات كلها لانها ترجع الى ابعد من سبعة آلاف سنة.

ثم جاء السومريون من مكان مجهول – – ولكن صموئيل كريمر، مكتشف الكتابة المسمارية ومترجمها، في كتابه )الالواح الطينية) يقول ان السومريين اقوام كانت تسكن السواحل الشرقية لبحر الخزر (قزوين) في ازمان سحيقة في القدم، نزحوا باتجاه الجنوب حيث المناطق الدافئة واستقروا في جنوب العراق القديم. لكن تواجد هؤلاء القوم في هذا المكان من العراق قد فتح الباب واسعا لامم من شتى شعوب المنطقة لادعائهم، فعم عرب عند القوميين العرب، واكراد عند القوميين الاكراد وسريان عند العرب السريان واتراك عند الطورانيين.

مهما يكن فقد اقام السومريون حضارة مكتوبة بالتزامن مع التي اقامها الفراعنة، لكنها كانت مدنية اكثر منها حضارة او انها كانت حضارة عمرانية لا حضارة ثقافية وانما انتجت ادبا جماعيا جميلا. والادب الجماعي من خصائص الحضارات الاولى التي قامت على قواعد المجتمع البدائي القائم بدوره على الجماعية والمشاعية كما يتسم الادب الجماعي بالعفوية العاكسة مباشرة لاوضاع المجتمع واحاسيس الناس. وهو ادب مؤسطر لانه نتاج الطفولة البشرية التي تفكر من خلال الاسطورة. وهي السمة المشتركة للملاحم العالمية الكبرى مثل كلكامش والالياذة والف ليلة وليلة – وهذه الاخيرة ألفت جماعيا في طور انحلال الحضارة الاسلامية وعكست حالة توقف العقل الاسلامي والعودة الى الفكر العفوي غير المنظم. وكان هذا شأن الحضارات التي بناها الساميون بعد السومريين حضارات عمرانية لا ثقافية – ومثلها حضارة الفرس واليمن.
واول حضارة مثقفة في منطقتنا هي الحضارة الاغريقية – – وفي آسيا الشرقية هي الحضارة الصينية. وكانت الحضارة الاسلامية خاتمة هذه الحضارات المثقفة التي مهدت لحضارة العصر الحديث بناها ساميون (عرب وسريان و اريون (فرس واكراد)

نعود الى العراق القديم فنلاحظ تعاقب الموجات السامية بعد السومريين وكان اولها الاكديون بناة بابل وتلاهم العموريون القادمون من سوريا ثم الاشوريون ثم الكلدانيون ثم الاراميون ثم العرب – وفي كل موجة يبدل العراق هويته – – فقد بدأ سومريا ثم صار اكديا ثم آشوريا ثم كلدانيا ثم آراميا ثم عربيا – واشترك في الهوية الارامية ثم العربية مع بلاد الشام التي كانت تسمى مع العراق بلاد آرام. وتحتفظ سوريا واخواتها الشاميات بالتسميات الارامية قائمة الان الى جانب التسميات العربية والاسلامية – بينما اختفى معظمها في العراق الذي خضع لطاقة تدمير عثمانية اشد مما في سورية.
(كل اسم ينتهي بالالف هو ارامي صحنايا، صيدناها، قدسيا، داريا، بعقوبا، والاخيرة في العراق وما سبقها في سورية – وكذلك كل اسم يبدأ بالباء او بالباء والراء – مثل برعشيت وبقعلين في لبنان – وباخمرا العراقية التي كانت معروفة في العصر الاسلامي واختفت في العصر العثماني.
الحلقة التالية في الغد !

* مقتبس من كتاب المرئي واللامرئي في الادب والسياسة للمفكر العربي هادي العلوي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here