الصراع على رئاسة الحكومة المقبلة ، يشعل خلافات عميقة في البيت الشيعي

الصراع على رئاسة الحكومة المقبلة ،يشعل خلافات عميقة في البيت الشيعي
جواد ملكشاهي
مع تغير النظام السياسي في ايران عام 1979 برزت على الساحة المعارضة العراقية الشيعية العديد من الاحزاب والتنظيمات ورغم ان جميعها كانت وماتزال مدعومة من طهران الا انها تختلف معا على المصالح الحزبية والمناطقية بناء على تبعيتها لمراجع عقائدية متعددة وارتباطها بالمؤسسات الايرانية المعنية التي تتلخص في الحرس الثوري الايراني و وزارة المخابرات ووزارة الخارجية.
فكل من تلك المؤسسات تدعم عدد من التنظيمات السياسية والأجنحة العسكرية خارج ايران من ضمنها العراق وفقا لمصالح نظامهم الذي يحدده مجلس الأمن القومي الايراني والذي يشرف عليه المرشد الاعلى للبلاد،ودعم اي تنظيم وجناح يتوقف على دوره وتأثيره في العملية السياسية ومدى امتثاله للأملاءات او المهمات التي تناط به.
التغير الذي حصل في العراق بعد 2003 بفعل العامل الدولي بقيادة الولايات المتحدة واسقاط نظام البعث وحل جميع المؤسسات العسكرية والادارية العراقية، فسح المجال لللاعب الايراني للتدخل بشكل مكثف في مجمل الشأن العراقي عبر تلك الاحزاب والتنظيمات التي اعدها اثناء الحرب العراقية الايرانية و وضعت اجندة معينة لها رغم الصراعات السياسية فيما بينها وتمكنت طهران من بناء منظومة تابعة لها من قمة الهرم الحكومي والسياسي نزولا الى الشارع في جميع المدن والقصبات وحتى المناطق النائية في العراق.
خلال حوالى ثمانية عشر عاما الماضية من التغيير استطاعت المؤسسات الايرانية المشرفة على ادارة الملف الايراني في العراق ايجاد نوع من التفاهم والعمل المشترك بين الاحزاب والتنظيمات السياسية والأجنحة العسكرية الشيعية العراقية لفرض هيمنتها على القرار العراقي وتمشية الامور وفقا لما تقتضيها مصالح بلادها والأمن القومي الأيراني، لكنها اخفقت طهران من حل الخلافات والصراعات فيما بينها.
بعد التظاهرات التشرينية في العام الماضي التي ادت الى سقوط حكومة عادل عبدالمهدي وتشكيل حكومة الكاظمي التي كلفت باجراء انتخابات برلمانية مبكرة وقيام الحكومة بوضع برنامج وخطة للانتخابات وتحديد موعد لها في حزيران من العام الجاري ومن ثم تغييره الى شهر تشرين الاول المقبل، بدأ الصراع الشيعي الشيعي على المرحلة المقبلة من السلطة في العراق يحتدم ويشتد بأعتبار المرحلة المقبلة مختلفة عن السابق ومفصلية .
لاشك ان الصراع الشيعي الشيعي المستمر هو على منصب رئاسة الوزراء وتشكيل اغلبية برلمانية لتمريرالقوانين والقرارات وفقا لمقتضيات مصالحها، لذلك خلال اقل من شهر اعلنت ثلاث قوى رئيسة في البيت الشيعي نيتها الحصول على رئاسة الحكومة المقبلة , التيار الصدري بزعامة مقتدا الصدر اعلن وبشكل صريح بان رئاسة الحكومة المقبلة ستكون لشخصية من التيار الصدري من دون اخذ الصراعات والتدخلات الاقليمية والدولية في العراق بالحسبان ، تلاه نوري المالكي رئيس كتلة دولة القانون الذي اعلن بأنه يعمل لتسلم منصب رئاسة الوزراء المقبلة، ولم يمر على تصريح المالكي ايام حتى اعلنت كتلة الفتح انها سترشح زعيمها هادي العامري لرئاسة الحكومة المقبلة في حال نيلها الكتلة الاكبر.
بتحليل بسيط لتصريحات الزعامات الشيعية للسيطرة على مركز القرار في المرحلة المقبلة والاستعراضات العسكرية التي قامت بها حركة عصائب اهل الحق والتيار الصدري وربما سنشهد استعراضات عسكرية و تبادل تصريحات نارية بين القوى الشيعية ، كل ذلك تظهر جليا ان هناك خلافات وصراعات عميقة و قوية بين القوى الشيعية على ترأس الحكومة المقبلة وسيؤدي ذلك الى تشظى وانقسامات اكبر داخل البيت الشيعي بحيث حتى الجانب الايراني الذي يعد مظلة لتكل القوى سيعجز عن ايجاد نوع من التقارب فيما بينها.
هذه الحقائق ستضع الشعب العراقي اما حقيقة وهي اما ان تشارك في الانتخابات المقبلة وتنتخب القوى والاحزاب التي فشلت فشلا ذريعا خلال السنوات السبعة عشرالماضية بأدارة دفة الامور واوصلت البلد الى الهاوية واما تنتخب قوى وشخصيات وطنية نزيهة جديدة لقيادة العراق في المرحلة المقبلة عسى ان تنهض بالعراق بعد الدمار الذي لحق ببنيته الاقتصادية والادارية والاخلاقية نتيجة للفساد الذي استشرى فيه بحيث لم يشهد التاريخ القديم والحديث مثيلا له.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here