محطة رقم 7 الفرزة السابعة

محطة رقم 7 الفرزة السابعة
اما عن حزب البعث فمؤسسهُ هو السوري المسيحي الارثوثكسي ميشيل يوسف عفلق وهو من عائلة
متوسطة الحال تسكن دمشق حي الميدان تلقى تعليمه في المدارس المسيحية الفرنسية اثناء الانتداب
الفرنسي وهو من مواليد كانون الثاني 1910 وقد اكمل دراسته العليا في جامعة السوربون بفرنسا .
بدأ ميشيل يوسف عفلق مشواره السياسي شيوعيًّا في عام 1932 ثم خرج منه بسبب تأييد الشيوعيين
بقاء الانتداب فأسس هو ورفيقه صلاح الدين البيطار عام 1940 حركة الاحياء العربي ثم في عام 1947
اصبحت باسم البعث العربي بعد اندماج حركته مع حركة زكي الارسوزي واصبح ميشيل عميدها او زعيمها
ثم في عام 1952 اندمج حزب البعث العربي بالحزب الاشتراكي الذي اسسه اكرم الحوراني فاصبح اسم الحزب
البعث العربي الاشتراكي واصبح ميشيل يوسف عفلق في عام 1954 زعيمًا له .
اتفق ميشيل عفلق مع جمال عبد الناصر في اواسط الخمسينات على قيام الوحدة بين سوريا ومصر وتم ذلك
بعد طلب جمال عبد الناصر من ميشيل عفلق بحلِّ حزب البعث فوافق ميشيل على الطلب دون الرجوع الى
رفاقه في القيادة وتمت الصفقة بانبثاق وحدة بين الدولتين عام 1957 اسمها الجمهورية العربية المتحدة
الا انها انتهت بانقلاب عسكري في عام 1961 قام به عبد الكريم النحلاوي المقرب الى عبد الحكيم عامر
وموضع ثقته حيث دافع عنه عند ما سأله جمال عبد الناصر الذي كان لديه خبر بالانقلاب وبعد انقلاب
النحلاوي على الوحدة قام بانقلاب اخر على نفسه لتصفية الامور مع مناوئيه بالداخل في اذار عام 1962 .
وبعد الانفصال عاد ميشيل يوسف عفلق الى واجهة الحزب كأمين عام رمزي في انقلاب اذار 1963 ثم اجبر
على الاستقالة عام 1965 من زعامة الحزب وفي اذار عام 1966 يحصل انقلاب عسكري بعثي بعثي بين
العسكريين القدامى الموالين الى ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار وبين العسكريين الذين يتزعمهم
صلاح جديد وهم الوجوه الشابة في الحزب وفي هذه الفترة انقسم الحزب الى جناحين جناح سوري وجناح
عراقي ضم جميع كوادر الحزب السوري السابقين بعد هروبهم ومعهم زعيمهم ميشيل يوسف عفلق وتشكلت
في العراق القيادة القومية لحزب البعث بزعامة ميشيل عفلق وبعد عودة البعثيين لحكم العراق بانقلاب 17
تموز عام 1968 بمشاركة عبد الرزاق النايف وصاحبه عبد الرحمن الداوود ثم قام حزب البعث في 30 تموز
اي بعد اقل من اسبوعين بانقلابه على شريكيه النايف والداوود .
والغريب ان هذه القيادة القومية لا دور لها ولا تأثير في سياسة القيادة القطرية واصبحت مجرد واجهةٍ
اعلاميةٍ للبعثيين العراقيين وقد رحل ميشيل عفلق عن الدنيا في 23 حزيران عام 1989 في مستشفى
بباريس ثم نُقِل جثمانه الى بغداد وشاهدتُ مراسيمَ دفنه التي حضرها صدام مع قيادتّي الحزب ومما استغربتُهُ
أنهم انزلوا جثمانه بحفرة عميقة ثم هالوا عليه كميةً كبيرةً من الاسمنت المخلوط بالحصى ثم بعد ذلك هالوا
عليه التراب وكان الدفن خارج بغداد على ما اتوقع وفي تكريت وكان كل توقعي أن يكون دفنه في مقبرة
العظماء التي كانت تحت الجندي المجهول الذي تم تشييده في زمن البعث بعد تفليش الجندي المجهول
الذي بناه الزعيم في شارع النضال في الرصافة لأن جندي الزعيم شعوبي وانتهت مقبرة العظماء بلا عظيم
وانتهت دولة البعث بلا بعث الروح ولا الجسد على ايدي صانعيها امريكا وبريطانيا في اذار 2003 .
ولا يحتاج قولي الى شهود واثباتات بعمالة حزب البعث وتكفي شهادة اثنين من قيادته وهما علي صالح
السعدي وهاني الفكيكي .
ومن خلال هذا الطرح عن تأسيس الحزبين يستطيع القارئ أن يستنتج حقيقة كل الاحزاب المستوردة وغير
المستوردة بما فيها الدينية التي عملت في العراق والدول العربية الى يومنا الحاضر ان الغاية من تأسيسها هو
الوصول الى السلطة والتحّكم في مصائر الشعوب وما يُكتب من أدبيات وما يُنظّر من نظريات ما هي الا خِـداعٌ
وتضليل وتدمير للمجتمعات وازهاق لأرواح الناس الذين صدّقوا بهذه الشعارات البراقة مثل الوطنية والحرية
والاشتراكية والاستقلال وغيرها من الشعارات الفضفاضة التي يُلوّح بها اصحابها الذين اسسوها لأغراض
بيّتوها في أنفسهم وساعدتهم على ذلك ايدي خارجية تعمل على كل الاطراف وتبقى هي الممسكة بأعِنّتها
فتُحركها بما يتناسب وحاجتها للتغيير كما حصل في الربيع العربي حين غيروا عملاءً قدامى باخرين ولا أدري
متى سيصحو الشعب العربي .
وعن القول باننا دول مستقلة سياسيًّا فهذا كلام فارغ لا حقيقة له فالاستقلال السياسي للدولة لا يكون
حقيقةً ما لم تكن الدولة قد وقفت على ركيزتين اساسيّتين وهما الاقتصاد المبني على سد الحاجة الغذائية
للشعب بتطوير الزراعة والركيزة الاخرى هي قيام صناعة وطنية مشتركة بين القطاعين العام والخاص وهتانا
الركيزتان لا تتوفران في العراق فكيف يكون مستقلًا وهو لا يستطيع حتى طباعة عملته الوطنية .
*************************************************************
الدنمارك / كوبنهاجن الثلاثاء في 2 / شباط / 2021

الحاج عطا الحاج يوسف منصور

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here