الحجر على العقول

الحجر على العقول، الدكتور صالح الورداني
——————
ابتدع أرباب المذاهب العديد من القواعد والمحاذير التي ترهب الأتباع وتلجم العقول وذلك من أجل الحفاظ على مذاهبهم لا على الدين..
وهو ما أنتج لنا تحريم الخوض في الروايات والصحابة والحوادث التأريخية التي ارتبطوا بها وحتى في الحكام..
وهو ما قنن في النهاية لنفى الآخر..
ونرى ذلك بوضوح من خلال منشورات مذاهب اهل السنةالتي أطلق عليها سنة تارة وعقيدة تارة أخرى..
مثل أصول السنة لابن حنبل وشرح السنة للمازني ورسالة السنة للبربهاري..
والعقيدة الطحاوية للطحاوي ولمعة الاعتقاد لابن قدامة والعقيدة الواسطية لابن تيمية..
ولو كانت هذه المذاهب قد احترمت عقول المسلمين بداية ومنحتهم حق الاختيار وحرية التلقي كما أوجب القرآن ما كانوا قد وصلوا لحالة الجمود والتعصب والتنافر والتطاحن السائدة..
إلا أن التعصب وسيادة العقل الروائي أوصلنا إلى ما نحن فيه..
قال ابن حنبل في أصول السنة : أصُول السّنة عندنَا التَّمَسُّك بِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَاب رَسُول الله (ص) والاقتداء بهم،وَترك الْبدع وكل بِدعَة فَهِيَ ضَلَالَة، وَترك الْخُصُومَات فِي الدّين..
وَالسّنة تفسر الْقُرْآن وَهِي دَلَائِل الْقُرْآن وَلَيْسَ فِي السّنة قِيَاس وَلَا تضرب لَهَا الْأَمْثَال وَلَا تدْرك بالعقول وَلَا الْأَهْوَاء إِنَّمَا هُوَ الإتباع وَترك الْهوى..
وَأَن لَا يرد مِنْهَا حرفاً وَاحِداً وَغَيرهَا من الْأَحَادِيث المأثورات عَن الثِّقَات..
وقد أسس ابن حنبل بهذا لنهج ضرب العقل وتبعية الرجال ونبذ الاخر..
الذي قامت على أساسه مدرسة الحنابلة وابن تيمية من بعد ثم الوهابية والفرق السلفية التي تولدت منها..
وقال البربهاري في رسالة السنة: اعلموا أن الإسلام هو السنة، والسنة هي الإسلام، ولا يقوم أحدهما إلا بالآخر، فمن السنة لزوم الجماعة، فمن رغب عن الجماعة وفارقها فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، وكان ضالاً مضلاً..
وقال ابن تيمية في الواسطية:اسْتَقَرَّ أَمْرُ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى تَقْدِيمِ عُثْمَانَ، ثُمَّ عَلِيٍّ. وَإِنْ كَانَتْ هَذِه الْمَسْأَلَةُ ـ مَسْأَلَةُ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ ـ لَيْسَتْ مِنَ الأُصُولِ الَّتِي يُضَلَّلُ الْمُخَالِفُ فِيهَا عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ السُّنَّةِ، لَكِنِ الَّتِي يُضَلَّلُ فِيهَا: مَسْأَلَةُ الْخِلاَفَةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ أَنَّ الْخَلِيفَةَ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ، ثُمَّ عَلِيٌّ. وَمَنْ طَعَنَ فِي خِلاَفَةِ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلاءِ؛ فَهُوَ أَضَلُّ مِنْ حِمَارِ أَهْلِهِ..
وقال ابن قدامة في لمعته :معاوية خال المؤمنين، وكاتب وحي الله، أحد خلفاء المسلمين..
ومن السنة: هجران أهل البدع ومباينتهم، وترك الجدال والخصومات في الدين، وترك النظر في كتب المبتدعة، والإصغاء إلى كلامهم، وكل محدثة في الدين بدعة، وكل متسم بغير الإسلام والسنة مبتدع، كالرافضة والجهمية والخوارج والقدرية والمرجئة والمعتزلة والكرامية والكلابية ونظائرهم، فهذه فرق الضلال، وطوائف البدع، أعاذنا الله منها..
وقالوا:الكف عن الصحابة والكف عن الوقيعة فيهم، وتأول القبيح عليهم، ويكلونهم فيما جرى بينهم على التأويل إلى الله عزّ وجل.
مع لزوم الجماعة،هذا أصل الدين والمذهب..
وَقالوا : الْحَجُّ وَالْجِهَادُ مَاضِيَانِ مَعَ أُولِي الْأَمْرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بَرِّهِمْ وَفَاجِرِهِمْ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ لَا يبطلهما شيء ولا ينقضهما..
ولا يحل قتال السلطان والخروج عليه وإن جار..
وَقالوا : عُلَمَاءُ السَّلَفِ مِنَ السَّابِقِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالْأَثَرِ وَأَهْلِ الْفِقْهِ وَالنَّظَرِ لَا يُذْكَرُونَ إِلَّا بِالْجَمِيلِ وَمَنْ ذَكَرَهُمْ بِسُوءٍ فهو على غير السبيل..
وجاء في عقاءد الامامية للمظفر : الراد على المجتهد كالراد على الله..
وهى رواية شيعية..
وغير ذلك كثير مما تزدحم به منشورات المذاهب التي وطنت في نفوس المسلمين أنها تمثل عقيدة الفرقة الناجية من النار بينما هى في الحقيقة قادت المسلمين نحو التهلكة..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here