كارثة التّغريب في الشّعر

كارثة التّغريب في الشّعر

عبد الله ضراب الجزائري

إلى الذين غرَّبوا الشِّعر فافسدوا ظاهره وأفرغوه من محتواه الأصيل

***

لِمَ المشاعرُ مثل الصَّخْرِ والخَشَبِ ؟… فالشِّعرُ يَضمُرُ في قَحطٍ و في جَدَبِ

أينَ الذين لهم في النَّظْمِ موهبةٌ ؟… أمْ أنَّهمْ سقطوا في اللَّغْوِ واللَّعِبِ

فالشِّعرُ صارَ هُراءً لا أساسَ له … قد جرَّدوه من الأوزانِ والأدبِ

لَغوٌ قبيحٌ فلا وزنٌ ولا نغَم ٌ… ضوضاءُ ذي خَبَلٍ يهفو إلى إرَبِ

مضمونُه عبَثٌ ، لا يحتوي عِبَرًا … أدني إلى الخَبْطِ والتَّخريفِ والصَّخَبِ

لذلك انفَضَّ أهلُ العقلِ من سُبُلِهْ … إنِّي أراهُ مَثارَ الهُزءِ والشَّغَبِ

رَهطُ الخيانةِ بالتَّغريبِ دمَّرهُ … ألقى به في مهاوي القُبْحِ والعَطَبِ

يلوُونَ بالفُحْشِ والتَّهويمِ ألْسِنةً … تَهْذِي ، فَتُمدَحُ بالإبداعِ يا عَجَبِي

الفُحْشُ في الشِّعرِ داءٌ فاتكٌ شرِسٌ … يُلقي الشّبابَ إلى الأهواءِ والرِّيَبِ

لا تنسَ يا باغيَ الإصلاحِ في وطني … دورَ الثقافة فيما حَلَّ من نِّكَبِ

أضحى الأديبُ عميلاً خائنًا ذَنَباً … يُدمِّرُ الجيلَ بالآفاتِ والوَصَبِ

ويطمسُ الوعيَ في لغوٍ يُسلِّطُهُ … يُفْضِي إلى الذلِّ والإحباطِ والذَّرَبِ

***

شِعرُ الأصالةِ أنغامٌ وتربيةٌ … كم أدَّبَ النَّاسَ من عُجْمٍ ومن عَرَبِ

تبدو معانيهِ للأحلامِ نَيِّرَة ً… مثل الكواكبِ والأقمارِ والشُّهُبِ

أو كالرَّياحينِ بالألوانِ فاتنة ً… أو كالجواهرِ من ماسٍ ومن ذَهَبِ

ترى قصائدَه نظْماً له ثَمَرٌ … مثل العناقيدِ من تمْرٍ ومن عِنَبِ

قد يحتوي البيتُ من فكرٍ ومن عِبَرٍ … ما لا تحيطُ به الأكداسُ في الكُتُبِ

أو قد تُثيرُ أحاسيساً لسامعه ِ… تُلوِّعُ القلبَ مثل الجمرِ واللَّهَبِ

أو قد تُحرِّكُ في نفسِ الفتى أملاً … فتشمُخُ الرُّوح ُفي زَهْوٍ وفي طَرَبِ

***

عودوا إلى الجِدِّ في الآدابِ يا عَرَبا ً… مالوا عنِ الحقِّ نحو الزُّورِ والكَذِبِ

ضاعوا فضاعتْ بهمْ أمجادُ أمَّتهمْ … قد سايروا الغربَ في مَضمونِهِ الخَرِبِ

مِنْ دونِ مدرسةِ الأخلاقِ وَيْحكُمُو … سَتقلبُونَ إلى الثَّاراتِ والنُّصُبِ

مِنْ دونِ فِكرٍ أصيلٍ نَيِّرٍ خَصِبٍ … ستخلدونَ وراءَ الوحْشِ كالذَّنَبِ

هوامش :

الذَّرَبِ : شاب ذرب اي فاحش

تقلبون الى الثارات والنصب : اي الى عادات الجاهلية من حروب الثار وعبادة الاصنام

الوحش هنا الغرب المتوحش

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here