رغد صدام حسين من هي ؟

بقلم مهدي قاسم

بين حين وآخر تثير رغد صدام حسين حفيظة بعض العراقيين اثناء تصريحاتها السياسية عبر فضائيات محاولة التخفيف من جرائمها والدها الطاغية البائد واعتبار ممارساته الإجرامية ومجازره الدموية مجرد” قسوة عادية ” عابرة ليس أكثر ، ولا تقل عن قسوة باقي الحكام العرب .. أو قولها ” نحن سادة العراق ” !!؟ .. وعندما تتكلم هي تفضحها أقوالها وأفكارها السطحية و العادية لنشعر ونحس بأننا إزاء امرأة عادية ليس عندها مواهب أو مؤهلات فكرية أو سياسية مميزة ، بقدر ما تتحدث مثل جدات متابعات لأخبار أسعار الخضروات في الأسواق .. ومما يجعل الأمر أكثر سوء بالنسبة لها ، هو محاولتها غير مقنعة إطلاقا بالنسبة لغالبية العراقيين تبرئة والدها هاوي الحروب و القتل ، تبرئة ساحته من عبء تلك الجرائم التاريخية المروعة واعتبار سياساته وحروبه الطائشة عملا وطنيا قام به من أجل كرامة العراقيين وسعادتهم وحماية سيادة وطنهم ، بينما نحن نعرف جيدا كيف أن صداما قد أذل العراقيين إذلالا شديدا وجعل العراق حائطا واطئا يقفزه كل من هب ودب ــ مثلا توغل القوات التركية إلى عمق الأراضي العراقية بين حين و آخر مثلما الآن أيضا ــ بل وجعل من العراق سجنا كبيرا حتى الهواء تشبع بدخان القمع والتنكيل و سلسلة إعدامات طويلة لا متناهية طالت حتى عشرات من بعثيين قياديين أنفسهم ، ممهدا الطريق شيئا فشيئا ليحكم العراق عصابات من لصوص و عملاء من أحزاب و ساسة فاسدين أتت بهم قوات الغزو الأمريكي.. ولكن يجب أن نعرف في الوقت نفسه أن رغد لا توجّه حديثها عن والدها للعراقيين تحديدا إنما للعرب قاطبة ، لعلمها إلى أي مدى يحب غالبية العرب والدها ولحد الصنمية و التقديس أحيانا ، لكونهم يعدونه ” بطل الأمة العربية ” لا لشيء فقط لأنه أطلق بضعة صواريخ فاشوشية ضد إسرائيل عندما كان محاصرا من قبل جيوش 33 دولة تتهيأ لتحرير الكويت من قواته الغازية ، فأراد تحريك الشارع العربي دعما له ليبقى محتلا الكويت لفترة أطول ، فضلا عن علمها ـ أي رغد ــ أن هؤلاء الصحفيين والإعلاميين الذي يجرون معها مقابلة تلفزيونية لا يوجهّون لها أسئلة محرجة عن سلسلة جرائم ومجازر والدها ولا عن هروبه أمام الغزاة الأمريكيين تاركا العاصمة العراقية تسقط أمام ثلاثة دبابات فقط ليخرجوه من حفرة بطريقة مخزية ومعيبة، ليس لأنهم لا يمتلكون معلومات كافية عن هذه الجرائم إنما لأنهم أيضا يحبونه مثل غيرهم من العرب ، و تاليا لا يعتبرونه لا مجرما كبيرا ولا مهزوما أمام الغزاة ولا فاشلا حتى في الدفاع عن نظام حكمه العائلي والعشائري ..:. هذا دون أن نضيف إلى أن عديدا من قادة بعثيين ــ على رأسهم القيادي البعثي علي صالح السعدي أمين سر القطر لحزب البعث في العراق قال في بتصريحه المشهور : ــ ــ( لقد جئنا إلى السلطة بقطار أمريكي في عام1963 ) .. كثير من حكام عرب حكموا طويلا ثم ماتوا على رأسهم الرئيس جمال عبدالناصر ـ مثلا وليس حصرا ــ الذي كان هو الآخر معبودا صنميا من قبل الجماهير العربية الواسعة لفترة طويلة إلى حد ــ قيل ــ كادوا أن يرفعوا سيارته على أكتافهم مثلما حدث أثناء زيارته لسوريا أثناء الوحدة بين سوريا ومصر* ــ ولكننا لم نرِ أحدا من أبنائه أو بناته كان يستغل مكانة والده ليبرز يظهر ويشتهر .. إلا أننا لو نظرنا إلى المسألة من منظور آخر فنستطيع أن نتكهن أنها ــ أي رغد ــ تعتقد أن لها حصة في الحكم ، أو يجب أن تكون لها حصة في السلطة، لكونها ابنة رئيس دولة سابق ، على غرار حصص سلطوية لكل من مقتدى الصدر وعمار الحكيم و قوباد الطالباني وأبناء مسعود البارزاني الذين توارثوا الحصص السلطوية وامتيازات الحكم عن والدهم .. ففي النهاية ليس حتما إن يكون هؤلاء أكثر موهبة أو أهلية منها ، لو أصبحنا منصفين وعادلين في الحكم على الأشياء..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here