العراق سندان بين مطرقتين جائرتين! الإرهاب الإيراني – التركي المتواصل ضد شعب العراق

كاظم حبيب
العراق سندان بين مطرقتين جائرتين!
الإرهاب الإيراني – التركي المتواصل ضد شعب العراق

إذ نسجل تلك الفترة المظلمة التي عاشها شعب العراق تحت وطأة نظام دكتاتوري بعثي صدامي ارتكب أفظع الجرائم بحق الشعب العراقي بكل قومياته، ومارس أبشع صيغ الاستبداد والقهر الاجتماعي، وتسبب بعدد من الحروب التي انتهت بالموت لمئات الآلاف من العراقيين والعراقيات والمزيد من الدمار الواسع للمشاريع الاقتصادية والبنى التحتية، إضافة إلى ما تسبب به الحصار الاقتصادي الدولي من بؤس وحرمان وأمراض ووفيات، لاسيما بين الأطفال والمرضى، وإذ نسجل حقيقة منح تلك الدكتاتورية للنظام التركي إمكانية انتهاك استقلال وسيادة البلاد بالتجاوز على حدوده واختراقها والاعتداء العسكري على سكان كردستان العراق الآمنين على امتداد سنوات كثيرة انتهت بإسقاط هذا النظام بالحرب الخارجية والمزيد من الموت والدمار، نسجل أيضاً وبغضب شديد بأن ما يجري اليوم لا يعبر إلا عن فشل ذريع للنظام السياسي الطائفي الفاسد في حماية حدود العراق واستقلاله وسيادته وعجزه عن حماية أرواح المواطنات والمواطنين.
** فعلى مدى السنوات الأخيرة يتعرض شعب العراق بكل قومياته إلى اعتداءات دموية غاشمة تمارسهما دولتان جارتان كبيرتان هما تركيا وإيران. ففي الوقت الذي أقامت تركيا قواعد عسكرية لها في مناطق عديدة من محافظة نينوى وكردستان العراق دون موافقة الحكومة العراقية أو حكومة الإقليم، على حد علمي، وتمارس عبرها الاعتداء الفظ والمستمر على السكان الآمنين، تقوم قواتها الجوية بانتهاك مستمر للأجواء العراقية وقصف المناطق السكانية الآمنة التي تسببت حتى الآن بمزيد من القتلى والجرحى، إضافة إلى حرق المحاصيل الزراعية والغابات وتدمير دور سكن الفلاحين. وهذه الدولة الدكتاتورية الضالة تبرر ذلك بذريعة وجود عناصر مسلحة لـحزب العمال الكردستاني (پ ك ك) في المناطق الجبلية من العراق، في حين يفترض أن تكون هذه المسألة من مهمات القوات العراقية ومنها پيشمرگة كردستان العراق، إن كان لهؤلاء وجود في المنطقة الجبلية من كردستان العراق أو مناطق أخرى. وأخر عدوان شرس تركي تعرضت له الأراضي العراقي في إقليم كردستان العراق كان في شهر شباط/فبراير 2021 والذي استوجب الإدانة الشديدة من جانب الشعب.
** ومن جانب آخر يتعرض شعب العراق إلى اعتداءات يومية من قبل الميليشيات الطائفية المسلحة التي شكلتها إيران وزرعتها في العراق، وهي جزء من الدولة العميقة التي تقودها إيران في البلاد وتحت إشراف وقيادة فيلق القدس الإيراني ومجموعة من المدنيين والميليشياويين العراقيين الأعضاء في هذا الفيلق وقيادات تابعة لأحزاب البيت الشيعي الخرب أو مرتبطة مباشرة بالمرشد الإيراني المستبد بأمره علي خامنئي. إذ تقوم هذه الميليشيات بقتل المواطنات والمواطنين العراقيين الذين يناضلون من أجل تغيير الحكم الطائفي الفاسد في البلاد، أو اختطافهم وتغييبهم في سجون سرية في العراق أو في إيران، كما تمارس التهديد والابتزاز ضد السكان الآمنين ونهب موارد البلاد المالية والنفطية.
تؤكد المعلومات المتوفرة وغير السرية أن إيران تسعى إلى جرّ الولايات المتحدة الأمريكية إلى حربٍ ساخنة على الأرض العراقية لا من خلال زج قواتها المسلحة مباشرة، بل من خلال الميليشيات الطائفية المسلحة التابعة لها وقوات الحشد الشعبي التي تدين بالولاء للمرشد الإيراني علي خامنئي، وهي أدوات مخلصة لإيران وليس للعراق، وتأتمر بأوامر إيران وليس بإرادة العراق وأوامر القائد العام للقوات المسلحة العراقي، وإلى ضرب مواقع القوات الأمريكية وقواعدها العسكرية الموجودة على الأرض العراقية بموافقة الحكومة العراقية وحكومة الإقليم.
وللمرة الثانية، بتاريخ 15/02/2021، قامت ميليشيات طائفية شيعية مسلحة تابعة لإيران بقصف مواقع أمريكية في مطار أربيل القديم بـ 14 صاروخاً تسبب بقتل شخص واحد وجرح تسعة أشخاص أخرين من الأمريكيين المتعاقدين مع القوات الأمريكية ومن المدنيين العراقيين ووقوع خسائر بشرية ومادية في المنازل المحيطة بالمطار أيضا. إن هذا الهجوم الوحشي الذي أعلنت ميليشيا “سرايا أولياء الدم”، التي تتحدث عن الانتقام من قتلة الجنرال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس والثأر لهم من الولايات المتحدة الأمريكية، يستهدف توجيه عدة رسائل:
1) رسالة موجهة إلى حكومتي العراق وإقليم كردستان بأننا قادرون على ضربكم في عقر داركم وقادرون على إشاعة الفوضى وعدم الاستقرار في الإقليم وعموم العراق، ولن تحميكم الولايات المتحدة.
2) ورسالة خاصة موجهة إلى حكومة إقليم كردستان العراق مكملة لموقف البيت الشيعي وإيران المناهض للإقليم وشعبه من خلال إعاقة معالجة المشكلات المالية بين الحكومتين في المجلس النيابي العراقي، لاسيما موضوع النفط الخام، وعرقلة وصول الرواتب للموظفين والمتقاعدين في الإقليم.
3) ورسالة موجهة إلى الولايات المتحدة الأمريكية بأننا قادرون على الانتقام منكم وإنزال المزيد من الخسائر بقواتكم في العراق، وإننا نريد إخراجكم من العراق.
4) وهي رسالة إلى أننا باقون وستسير الانتخابات على وفق إرادتنا ورغباتنا ولم نسمح لأي تغيير، ولا للأمم المتحدة الإشراف على الانتخابات، وهو ما أعلنه الحاكم الأسبق والمستبد والطائفي بامتياز عن رفضه إشراف الأمم المتحدة على عملية الانتخابات القادمة.
5) ووهي رسالة تقول بأننا قادرون على إشاعة الفوضى وعدم الاستقرار والخراب في العراق كله ومنه إقليم كردستان العراق ما لم تواصلوا التبعية الكاملة لإيران.
إن هذا الواقع يؤكد عجز الحكومة الاتحادية أو بتعبير أدق عدم توجهها أصلاً لوضع حد لوجود هذه الميليشيات الفاشية المسلحة في العراق ولا لقرينها الفساد والفاسدين في أعلى مواقع الأحزاب الحاكمة والدولة، وبالتالي فأن على الشعب، كما يبدو واضحاً، مواجهة هذه القوى الفاسدة والسلطات الفاسدة في آن واحد. وهو ما أكدته قوى الانتفاضة التشرينية حين نادت بالتغيير وليس بالإصلاح الذي لا يمكن لهذه القوى إصلاحه. كما يؤكد غياب أي تنسيق ضروري ملزم بين القوات الأمنية الاتحادية وقوات الأمن في الإقليم، ولا بين القوات المسلحة العراقية وقوات البيشمركة كجزء منها.
بالرغم من الجزر الراهن الذي تعاني منه حركة الانتفاضة التشرينية ضد الأوضاع المتزايدة تردياً، إلا أن هذا لن يطول كثيراً ما دامت كل القوى المناهضة للتغيير تمارس المزيد من العنت والقهر الاجتماعي والإرهاب ضد الشعب وقواه الديمقراطية، وأن هذا الحراك سيتفجر بعنفوان أكبر وقوة وتميم كبيرين لينهي عهداً مريراً وقاسياً يعاني منه الشعب كله، وأن غداً لناظره قريب!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here