كلام ثقيل جاش به صدري غيظاً فوضعته على الورق بدون تزويق ورتوش

محمد مندلاوي

المعروف عن الكورد عبر تاريخهم القديم والحديث أن مساحة التسامح والإنسانية لديهم كبيرة وكبيرة جداً، لا يتصف بمثلها أحدٌ غيرهم على الكوكب الأرضي. لكن للحق أقول،باستثنائهم، إنها صفة غير بشرية، يجب على الإنسان أن يكون خليط من هذا وذاك،لأنه ليس بملاك، إنه بشر مجبول بالخير والشر على هذه الأرض، تماماً كغيره الذي يحب ويكره، يقتل ويزني، يجرم ويصفح، يصادق ويعادي الخ. بناءً على هذه القاعدة العلمية لا يجوز أن يصفح الكوردي دائماً ولا يعاقب الذي أجرم بحقه، وقتل أخيه ووالده ووالدته، ونهب ممتلكاته، واحتل أرضه وغير ديمغرافيته الخ الخ الخ. إلا يعرف، إن الشرائع السماوية والقوانين الوضعية تقول أن المجرم الذي أرتكب جريمة ما على أي شبر من الأرض يجب أن يعاقب ويدفع ثمن جريمته، لا يجوز أن يصفح عنه ويفلت من العقاب، لأن هناك ذئاب بشرية لا يوجد في قواميسهم مصطلح الصفح والعفو، إذا عفوت عنهم سيتمادون أكثر من ذي قبل وسيقومون بجرائم وأعمال وحشية أشد فتكاً وقساوة، لا يتصورها العقل البشري المتحضر. عزيزي القارئ الكريم، يحضرني هنا كلاماً للديكتاتور صدام حسين قاله في لقاء تلفزيوني، إذا لا تخوني الذاكرة كان في السبعينات أو الثمانينات القرن الماضي: في زمن الحكم العثماني تعرض أجدادي للاضطهاد والقمع ففروا إلى “تازه خورماتو” أو “طوزخورماتو” في كوردستان عند الأكراد. انتهى كلام صدام حسين. هنا يحضرني المثل الشعبي الذي يقول: من فمك أدينك. إذا تازة أو طوز كوردستان فكيف بكركوك إذاً التي تقع فوق منهما نحو عمق كوردستان؟؟. عل أية حال. لكن صدام حسين حين سنحت له الفرصة لم يرد الزين الكوردي بكل ود واحترام، بل رده بالشين العربي، حيث قام بتعريب كركوك الكوردية الكوردستانية وكل المدن الكوردية الأخرى في منطقة گرميان (جرميان). وعلى مستوى عموم جنوب كوردستان الذي يمتد من زاخو إلى بدرة. لقد قام بقتل مئات الآلاف من أبناء الشعب الكوردي المسالم بدم بارد. وفي مدينة حلبجة التي ضربها بالسلاح الكيماوي المحرم الدولياً قتل خمسة آلاف كوردي بين امرأة وطفل وشيخ مسن وشاب في مقتل العمر ومثله من الجرحى. وأمر بعمليات الأنفال سيئة الصيت التي قتل خلالها 182000 كوردي بريء من كل الفئات العمرية. وقتل البارزانيين ليس لشيء سوى إنهم يحملون اسم عشيرة بارزان التي ينتمي لها القائد (مسعود البارزاني). وقبل البارزانيين أمر الديكتاتور صدام حسين بقتل شباب الكورد الفيلية في معتقلاته الرهيبة. هنا نتساءل، هل أن الزين الكوردي، الجميل الكوردي مع الذئاب البشرية – أجداد صدام- كان في محله؟ بالطبع لا وألف لا. ألم يجب على الكورد آنذاك تسليمهم إلى العثمانيين الأوباش حتى يخوزقوهم حتى الموت، وبعدها لن يولد شخصاً… مثل صدام عام 1937، لأن أسلافه المخوزقون كانوا قد رحلوا عن الدنيا على أيدي جندرمة آل عثمان…؟ وبهذا خدموا العالم أجمع، لأنهم بطريقة غير مباشرة منعوا ولادة ديكتاتور دموي لم يشهد مثيل له التاريخ البشري.

الآن نأتي إلى الجميل الكوردي الآخر الذي لم يكن أيضاً في محله، إلا وهو احتضان كوردستان للأحزاب والمنظمات والشخصيات الشيعية في السنين العجاف، وتقديم العون والحماية لهم، التي كانت سبباً لغضب صدام حسين على كوردستان وشعبها وعقابه لهم على الطريقة الصدامية، وذلك بإرسال السيارات المفخخة وتفجيرها في المدن الكوردية الرئيسية وتقديمه العون والمساعدة للجهات التي تعادي الكورد وكوردستان، أضف لهذا، التهديد المستمر لكوردستان من قبل الجيش العراقي المجرم الذي كان يأتمر بأوامره، إن كل هذه المخاطر والضحايا حصل للكورد وكوردستان بسبب احتضان الكورد للشيعة في كوردستان وتسهيل ومساعدة قياداتهم وأعضاء أحزابهم بالفرار من العراق إلى قلبتهم طهران. لكن هذه التنظيمات والشخصيات الشيعية حين جاءت بها 2003 “العم سام- Uncle Sam” إلى دفة الحكم في بغداد وارتقت سلم السلطة نسيت كل شيء، كأنها شيئاً لم يكن، وعضت اليد الكوردي التي امتدت لها!! وسرعان ما بدأت هذه المجاميع العنصرية والطائفية أن تتعامل مع الشعب الكوردي الجريح وإقليم كوردستان بكل خسة ودناءة. هنا نقول؛ ألم تكن القيادة الكوردية على خطأ حين مدت يد العون إلى من تخرجهم من الحظيرة البشرية وتصفهم بجنس غير بشري؟ لقد قلنا من خلال كتاباتنا سابقاً، يجب على القيادة الكوردية قبل أن تجلس وتتفاوض مع كائن من كان حزباً سياسياً أو دولة ما أو… أن تدرس انتمائه العقدي، هل هو أو هي ديني إسلامي، ومن ثم، هل هو سني أو شيعي، مسيحي، لا ديني، هل هو شيوعي ومن أي خط أو مدرسة شيوعية؟ هل هو قومي بعثي أو قومي عروبي غير بعثي الخ، بناءً على انتماء الطرف الآخر لإحدى هذه المدارس الفكرية، العقدية، السياسية، يجب أن تقوم مركز الدراسات الكوردي بدراسة مستفيضة عن هذه الجهة وعن العقيدة التي تتبناها ونظرة هذه العقيدة أو المدرسة الفكرية عن الشعب الكوردي وتضعها أمام القيادة الكوردية. على سبيل المثال وليس الحصر، عندما تتعامل القيادة مع أي تنظيم إسلامي أن كان شيعياً أم سنياً يجب أن تعرف أن هذا التنظيم لديه نصوص مقدسة لا يستطيع الخروج عليها؟ أضف لهذا أن أدبياته تعتبرك جنس غير بشري وملعون، وهذا يمنحه كارت أخضر للتعامل معك كيفما يشاء، يكذب عليك، لا ينفذ اتفاقياته معك – كما فعل نوري المالكي وغيره من قيادات شيعة 2003- يقتلك حين تسنح له الفرصة وليس عليه إثم أخروي، وذلك بسبب إنك ملعون وعنصر غير بشري في نصوصه وقواميس… . لكن هذا الأمر يختلف مع حزب البعث المجرم، لأن توجهه يختلف عن التوجه الإسلامي، إنه يجرم بحقك أيها الكوردي بدافع قومي عروبي عنصري، لأنه يعتبر أي شبر من الأرض التي وطئتها خيول الغزاة العرب يوما ما تعتبر في مخيلته… أرض عربية!!. وهكذا هو الشيوعي العراقي، يجب أن تتعامل معه بأدوات أخرى غير الأدوات والأبجديات التي تتعامل بها وتستخدمها مع الإسلامي والقومي، لأن الشيوعي يقول في أدبياته إنه أممي؟ رغم أني أجد إنهم في العراق أشاعوا عن الأممية بشكل مغاير عما هي في الوطن الأم -اتحاد السوفيتي- الذي صار يعرف بلاحقة السابق. كما قلت قبل قليل، إنه غير الإسلامي وغير القومي، لكن للتاريخ أقول؛ – أعرف أن كلامي قد لا يعجب البعض- أن قيادات الحزب الشيوعي العراقي هي الأخرى لم تتعامل مع الشعب الكوردي وفق التراث الفكري لمعلمها (لينين)، الذي لا أحد مثله تكلم عن الحقوق القومية. باستثناء واحداً منها إلا وهو (بهاء الدين نوري) الذي كان يعرف بـ(أبو سلام) – حقيقة لا أدري لماذا اختار اسماً عربياً لنفسه: أبو سلام مع إنه كوردي وله لغته الكوردية!!- أدخل أستاذ بهاء عام 1953 حق تقرير المصير للشعب الكوردي في برنامج الحزب الشيوعي العراقي، إلا أنهم بعد ترك الأستاذ بهاء سكرتارية الحزب تلاعبوا بمصطلح حق تقرير المصير فيما بعد وأفرغوه من محتواه الحقيقي، وذلك من خلال تبديله بمصطلحات وعبارات أخرى لا تتوافق مع ما قاله المعلم (لينين) في كتابه القيم الذي بعنوان: مسائل السياسة القومية والأممية البروليتارية. لكن، رغم هذا الذي قلناه، يبقى الحزب الشيوعي العراقي هو الأقرب بين جميع الأحزاب العراقية إلى الحركة التحررية الكوردية والشعب الكوردي. على أية حال. من هنا، نقول لسياسيينا بكل تواضع هذه هي ألف باء السياسة الصحيحة عند التعامل مع الآخر، لا أن تجلس معه وأنت لا تملك أية معلومة عنه وعن المدرسة السياسية التي ينتمي لها، وتبني معلوماتك على اللقاءات الدبلوماسية وكلمات المجاملات التي تقال على

موائد الطعام، هذا تصرف طفولي غير سليم وغير صحيح في عالم السياسة، ممكن أن يكون أي شيء لكنه ليس بسياسة.

عزيزي المتابع اللبيب، بما أن القيادات الكوردية لا تتعظ من تجارب الماضي، وكأنها مختبر تجارب،لا تستفيد من التجارب المريرة التي مرت بها خلال الأعوام المنصرمة بعد تحرير العراق من براثن صدام حسين وحزبه العنصري. لقد سمحت القيادات الكوردية لمجرمي البارحة،أولئك الذين ضربوا الشعب الكوردي بالسلاح الكيماوي، وأنفلوهم، وهجروهم في داخل العراق، وإلى خارجه، بحجج واهية وملفقة ليس لها صحة على أرض الواقع، أعني قيادات حزب البعث… من مدنيين وعسكريين، وتركت لها الحبل على الغارب وتسرح وتمرح في طول جنوب كوردستان وعرضه دون حسيب أو رقيب. نسيت أو تناست القيادات الكوردية أن هؤلاء… هم الذين كانوا يد الديكتاتور صدام حسين التي ضرب بها الشعب الكوردي المسالم دون رحمة أو شفقة ودمر بها 4500 قرية كوردية، وسممت عيون المياه، وأحرقت الغابات، وفتكت بالإنسان والحيوان معاً. صدقوني؛ لو سنحت لهم الفرصة لهؤلاء أشباه البشر وعادوا مجدداً إلى دفة السلطة لعادوا الكرة، تماماً كما نسيت التنظيمات الشيعية جميل الكورد هؤلاء أيضاً سينسون احتضان الشعب الكوردي وقيادته لهم في أيام المحن التي مروا بها، وسيكونون أسوأ وأجرم من ذي قبل مع هذا الشعب المضياف، الذي للأسف الشديد لا يتعظ من تجارب الماضي الأليم.

وفيما يخص ظاهرة “داعش” وتهديدها للعالم بصورة عامة وبلدان الغرب بصورة خاصة. ووقوف الشعب الكوردي المناضل وقواتها العسكرية المتمثلة “بالپێشمەرگە” في وجهها كسد منيع ووقف زحفها، وحاربته بضراوة وشراسة نيابة عن العالم أجمع وحطمتها وأنقذت العالم والغرب تحديداً من غزوها بجحافلها التي أعدتها لهذا، وساعدتها مادياً ومعنوياً كل من جمهورية تركيا ودويلة قطر. لكن للأسف، أن الغرب كما كان الآخرون الذين ذكرناهم أعلاه، لم يوفوا بالتزاماتهم مع الشعب الكوردي كما يجب؟إنهم أيضاً أداروا ظهورهم لهذا الشعب العريق الذي من خلال الاستفتاء الديمقراطي الذي أجراه عام 2017 أراد أن يعيش على أرض وطنه كوردستان حراً كريماً سيد نفسه. بلا أدنى شك، وكالعادة، أن القيادة الكوردية هي الأخرى تتحمل جزءً مما حل به بعد الاستفتاء على أيدي الأصدقاء الأعداء الغربيين، لأنها لم تعرف كيف تستغل فترة محاربتها لداعش نيابة عن العالم سياسياً في المحافل الدولية، وعند الدول صاحبة القرار السياسي في العالم، وذلك من أجل سحب البساط من تحت أقدام محتلي كوردستان المعروفين بمربع الشر إيران، العراق، تركيا، وسوريا. لكن للأسف الشديد بسبب ضعف الأداء السياسي للقيادة الكوردية وخيانة بعضها استطاعت الكيانات الذميمة المذكورة أعلاه أن تكسب دعم بلدان العالم لها، وسرعان ما استغلت هذا الدعم الباطل ضد الحق الكوردي وهجمت بقواتها المجرمة على كوردستان تحت راية السلطة الشيعية الحاكمة في بغداد، وبقيادة ذلك ناكر الجميل الكوردي حيدر العبادي واحتل نصف أراضي جنوب كوردستان بما فيها كركوك “قلب وقدس” كوردستان؟؟.

“للسيف حدان، وللسان مائة حد”

23 02 2021

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here