توجهاتنا بين الدائرة والخط المستقيم

توجهاتنا بين الدائرة والخط المستقيم
ادهم ابراهيم

ان مجتمعاتنا تدور في حلقة مفرغة حتى بتنا نشعر بأننا عالقون في مستنقع الافكار والمفاهيم البالية ، دون اي تقدم في مجالات الحياة .

عندما تضيع في صحراء خالية من المعالم ، او في غابة كثيفة ، فانت لا تسير في خط مستقيم . انما تدور في دوائر .

قام معهد ماكس بلانك لعلم التحكم الآلي البيولوجي في توبنغن في ألمانيا ، بقيادة جان سومان ومارك إرنست ، بعمل تجريبي . فاثبتوا علميا ان الأشخاص معصوبي الأعين ، او التائهون في البوادي من دون مثابات او علامات ، يسيرون في دائرة ضيقة ، وهم يعتقدون انهم يسيرون في خطوط مستقيمة.

ولكن لماذا لا نستطيع السير بشكل مستقيم في مثل هذه الاحوال ؟

حتى الآن ، لا أحد يجزم من أين تنشأ الانحرافات المتراكمة للشخص التائه بحيث يسير على شكل دائرة .

وهنا يجب التمييز بين السير الى الامام في خط مستقيم . ام السير في دائرة او حلقة مغلقة .

ان الزمن يسير على شكل خط مستقيم . يبدأ في الماضي ثم الحاضر حتى ينتقل الى المستقبل .

اما ان تسير في حلقة دائرية فهذا يعني انك تراوح في مكانك دون تقدم ، رغم اعتقادك بانك تسير في خط مستقيم .

هل شعرت يومًا بأنك عالق في نفس الدوامة القديمة ؟
هذا يعني انك تستمر في ارتكاب الخطأ نفسه مرارًا وتكرارًا ، لأنك تدور في حلقة مفرغة ، وانت تعتقد انك تحرز تقدمًا . ثم تجد نفسك في نفس حالة الإحباط أو الغضب أو التوتر ، على الرغم من بذل قصارى جهدك .

ان هذا يرجع غالبا الى تخلف فكري او اجتماعي . ويستند على الخوف من المجهول والقلق ، فينكفئ على نفسه ، ويتمسك بافكار قديمة متخلفة ، خوفا من السير في طرق جديدة ، ويعزز هذا الشعور قهر حياتي كنتاج للتسلط الاجتماعي الريفي . او تقاليد عشائرية جامدة تشل الفكر الانساني ، وتمنعه من الانفتاح على عوالم مختلفة . او التقدم الى المستقبل بخط مستقيم .
ولذلك نشاهده يتقوقع داخل دائرة التخلف والرضوخ الى الافكار والتقاليد القديمة . ويتخذها معياراً لحياته ونظرته إلى الوجود ، ويبشر بها باعتبارها افضل صيغة للتعايش الاجتماعي والفردي . فتنعدم ارادته
وتنغلق أمامه كل آفاق المستقبل .
انه يهتم بالماضي بدلاً من التفكير في الحاضر والمستقبل .
انها ثقافة راكدة متخلفة .

اما المتفائل الواعي فانه يسير نحو المستقبل بخط الزمن المستقيم لتحقيق اهدافه .

ان الفرق بين الحي والميت يكمن في التغيير والتقدم . والجسم الذي لايتجاوب مع التغييرات ، يستكين للركود ثم الموت .

وهنا نذكر ان مجتمعاتنا ، اصبحت تعيش في بيئة جاهلة ترفض كل انواع التقدم والتطور ، مما جعل الفرد مشوش الفكر غير قادر على مواجهة الحياة . وتسليمه بواقع الحال على اعتباره قدرا مفروضا عليه .
ولذلك تجده غير قادر على تطوير حياته فاصبح يسير في دائرة مقفلة ، فلم يعد يهمه من اين بدأ ولا الى اين سيتجه وهو بالتاكيد لن يصل الى اي مكان بل سيعاود السير بنفس الطريق الدائري .

في مثل هذه الأحوال كان من الطبيعي أن تزداد الازمات، وتزداد الحيرة وفقدان الحيلة ، وأن ينتشر الخطاب المتخلف ، وبالتالي التطرف على حساب العقلانية والمنطق السليم وكسر الدائرة المقفلة ،نتيجة اجترار افكار الماضي العقيمة .

لقد ثبت تاريخياً أن الخروج من الدوائر المقفلة ، والانفتاح على العالم هو الطريق الوحيد القادر على التعايش السليم والبناء الخلاق .

لاتتعلق بامل تغير الواقع الذي تعيشه ، مالم تغيره بارادتك . ابعد مخاوفك من المستقبل واتخذ موقفا ايجابيا باستئصال كل الافكار السلبية التي تقيدك ، وامضي للحياة بخط مستقيم لتحقيق اهدافك .
ادهم ابراهيم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here