تاريخ التشريع عند اليهود الكُردستانيين/ج3

أعياد اليهود الكُردستانيين

قسمت المصادر الاسلامية أعياد اليهود المعروفة الى قسمين هما: الاعياد الشرعية، وعددها خمسة أعياد هي ما نطقت به التوراة وهي كما يلي:

1- عيد رأس السنة العبرية.

2- عيد صوماري او (الكيبور).

3- عيد المظلو او (الظلل).

4- عيد الفصح (الفطير).

5- عيد الاسابيع أو (عيد العنصرة) أو (عيد الخطاب). القلقشندي: صبح الاعشى في صناعة الانشا، ج13، ص 268-269.

وكان لليهود أعياد محدثة بخلاف أعيادهم الشرعية، وعددها كبير ولكن أشهرها عند اليهود الكُرد ثلاثة، وهي:

1- عيد البوريم (البيوريم ) أي عيد الفوز، وموعد هذا العيد الرابع عشر من شهر آذار، ويبدأ في الثالث عشر من شهر آذار بصوم يسمى (صوم استير)، ويستمر حتى الخامس عشر من نفس الشهر باحتفال صاخب (كرنفال) – وتدور الاصول التاريخية لهذا العيد حول قصة (استير) الواردة في السفر المعروف باسمها ، ورغم ان هذا السفر لا يعتبر من الاسفار القانونية في التوراة إلآ ان مثقفي اليهود ما يزالون يقرأون فصوله في معابدهم أثناء احتفالات هذا العيد، ويتكون هذا السفر من اثني عشر اصحاحاً تحكي قصة فحواها انه بعد تدمير أورشليم (القدس) على يد الملك البابلي بختنصر (نبوخذ نصر) سنة 586ق.م وحوادث الأسر البابلي الشهير، حدث أثناء سكنى اليهود في بابل بعد نقلهم من فلسطين أن وقع الإمبراطور ألاخميني – الهخامنشي المدعو (اكسركسيس) يسميه اليهود (أحشو يرش الاول ) حكم للفترة من 485-465ق.م ، ويطلق عليه المؤرخون العرب اسم (أردشيربن بابك) في غرام أستير التي كانت فتاة رائعة الجمال وكانت ابنة عم أحد أحبار اليهود واسمه (مردخاي)، ولما تم زواج الامبراطور من (أستير) حظيت عنده مما جعله يقرب ابن عمها (مردخاي)، ولكن وزير الامبراطور الاخميني المدعو (هامان – هيمون) أكلته الغيرة من(مردخاي) وغاظه ما توصل اليه اليهود من مكانة في الإمبراطورية الأخمينية، فأقسم ان يستأصل شأفتهم جميعاً من بلاده، ولكن جواسيس (مردخاي) أخبروه بذلك فنقله الى ابنة عمه التي أخبرت الامبراطور، فأمر بقتل(هامان – هيمون)، وأباح لليهود قتل شيعته من الفرس لمدة يومين ما بين الثالث عشر والخامس عشر من آذار. قاسم عبده قاسم: اليهود في مصر، ص62 -63.

ويحتفل اليهود به في اليوم الرابع عشر من شهر آذار (آخر شباط – آذار). وفي رواية البيروني يحتفل به في اليوم الرابع عشر والخامس عشر من آذار، أما المؤرخ المعروف الدكتور حسن ظاظا (= زازا) فيذكر أن اليهود يحتفلون به لمدة ثلاثة أيام، اليوم الثالث عشر من آذار وهو صيام مشهور عندهم يعرف بصيام

استير، واليوم الرابع عشر فهو العيد الذي يستمر طيلة اليوم ويطلق عليه يوم بوريم. واليوم الخامس عشر وهو يوم الكرنفال. وجاءت لفظة البوريم أو الفوريم من كلمة (بور) أو (فور) الفارسية ومعناها (القرعة) مشيرين بذلك الى القرعة التي ألقاها الوزير(هامان) لتحديد اليوم الذي يهلك فيه اليهود. ينظر: حسن ظاظا، الفكر الديني الاسرائيلي، ص207 -212.

أما بخصوص اليهود الكرد فانهم لا يستخدمون تسمية (البوريم أو البيوريم) لهذا العيد الا نادراً، فالتسمية الاكثر شيوعاً بينهم هي (ميكيلا –او ميكالا )أو موعيد ميكيلا (عيد الرق ) في مدن منطقة بهدينان: زاخو ودهوك والعمادية، وهناك ايضا تعبير (جيزنا هامان- عيد هامان ) في مدينة شنو (آشنوية ) في كردستان ايران وفي مدينة السليمانية ، ويطلق يهود مدينة سنة على هذا العيد تسمية (ليلانجي)، بينما يطلق كرد منطقة سنة على البوريم اسم (نُوروز) لتزامنه مع احتفال الفرس برأس السنة على حد تعبيرالانثروبولوجي اليهودي الالماني (اريك براور). ينظر: يهود كردستان، أكمله واصدره: رافائيل باتاي، نقله الى العربية: شاخوان كركوكي وعبد الرزاق بوتاني، دار ئاراس، اربيل ،2002م، ص416.

ومن الطريف أن هذا العيد اليهودي الذي يصادف الرابع عشر من شهر آذار يتزامن مع عيد ميلاد الزعيم الكردي ملا مصطفى البارزاني في الرابع عشر من شهر آذار/ مارس سنة 1903م، ومع انتفاضة أهالي دهوك ضد نظام الرئيس العراقي الاسبق صدام حسين في الرابع عشر من شهر آذار/ مارس سنة 1991م.

اما العيد الثاني عند اليهود الكرد فهو عيد الحنكة أو (الحانوكه). وعيد حانوكه يستمر ثمانية أيام تبدأ في ليلة الخامس والعشرين من شهر كسليو من كل عام، تطور لفظة (حانوكة) وأصبح يعني التدشين، ويتم الاحتفال به حالياً بإيقاد الشموع الكثيرة والانوار المختلفة لمدة اسبوع، كما تقرأ في أثناء الاحتفالات قصائد كثيرة تشيد بالأعمال البطولية التي تمت في تلك المناسبة، وقد أصبح هذا العيد بمثابة عيد للأطفال اليهود يأخذون فيه هداياهم كما يحدث في أعياد الميلاد بالنسبة للمسيحيين حين يهدون أطفالهم هدايا بابا نويل. ينظر: المقريزي، الخطط، ج2، ص473؛ القلقشندي، صبح الاعشى في صناعة الانشا، ج2، ص428؛ حسن ظاظا: الفكر الديني الاسرائيلي، ص205-207.

وترجع مناسبة هذا العيد الى عام 165ق.م حين كانت بلاد الشام تحت حكم البطالمة الإغريق، وحاول الملك (أنطيوخوس الرابع إبيفانس) إرغام اليهود على عبادة الاصنام، ولكن كاهنهم الاكبر قاد حركة مقاومة ضده يعاونه أبناؤه الثمانية، وتمكن الكاهن (متانيا) بمساعدة أصغر أبنائه المدعو (يهوذا المكابي) استعادة الهيكل من جيوش البطالمة. وفي الخامس والعشرين من كسليو نظف الهيكل من التماثيل الاغريقية وزود (متانيا) وابنه (يهوذا) الهيكل بمذبح جديد، وهكذا فتح المعبد مرة أخرى للشعائر الدينية اليهودية، ولكن اليهود لم يجدوا الزيت الكافي لإضاءة الهيكل فوزعوا الوقود على عدد المصابيح التي يوقدونها على أبواب بيوتهم في كل ليلة

حتى تتم ثمان ليال، ويعني الاسم العبري (الحانوكه) التنظيف لان اليهود نظفوا الهيكل من تماثيل آلهة البطالمة.

أما العيد الثالث عند اليهود الكرد فهو عيد الحج (الشافوعوث) أو ثاني أعياد الحج ويتضمن ذلك زيارة الاضرحة والاماكن المقدسة لليهود في كردستان مثل قبر النبي (ناحوم) في قصبة القوش الواقعة على بعد (40) كم شمال مدينة الموصل، حيث يجري تسلق رمزي لجبل القوش كرمز لتسلق اليهود لجبل سيناء مع النبي موسى (عليه السلام). أما قبرالنبي (دانيال) ورفاقه فيقع في مدينة كركوك. فيما يقع قبر النبي الياس (كهف إيليا) في قرية بيتنور(بيت النور) في شرق منطقة برواري بالا شمال مدينة العمادية بالقرب من الحدود التركية.

وتتم زيارة قبري الحازان ديفيد والحازان يوسف في مرقد بي حازاني الواقع في شمال غرب مركز مدينة العمادية بالقرب من كنيسة الكلدان. ويطلق كرد العمادية على هذا العيد اسم (جا زيرا)، أو (إيدا جزرا- عيد الشعير الأصفر)، وهو تحريف لكلمة زيارة. بينما يطلق كرد زاخو على الحج الى قبر النبي ناحوم (عيدا سيد ناحوم). وفي مدينة سنة في كردستان إيران يسمى اليهود هذا العيد أسارتا (بالعبرية عشرت وبالآرامية – السريانية عشرتا)، ويطلق عليه الكرد في تلك المنطقة جزن كالينا (= خبز الكالانا – فطيرة الشافوعوث اليهودي النموذجية). ويقوم اليهود أيضاً بزيارة قبر ر. ناثانيل هاليفي بارزاني في مركز مدينة الموصل. إريك براور: يهود كردستان، ص352.

وفي حقيقة الامر فان الشكوك تحوم حول وجود قبور للأنبياء الصغار لبني اسرائيل في هذه الاماكن المذكورة ضمن منطقة كردستان، ولكن على أية حال فهذا هو التقليد الشفوي الشائع عند اليهود الكرد وبعض مسيحيي كردستان، لاسيما وأن مدينة القوش المارة الذكر تعد مدينة مسيحية مهمة للكلدان الكاثوليك، حيث يقع في شرقها الدير الشهير (دير الربان هرمزد) الذي يرجع الى القرن السابع الميلادي.

عيد الفصح اليهودي:

يعتبر الباسوفر، عيد الفصح (وبالعبرية بيساح) بالنسبة لليهود الكرد، كما هو لليهود في كافة أنحاء العالم، عيدا من الاعياد الرئيسية، وتتوجه العائلات بهذه المناسبة اليهودية من القرى الى المدن للاحتفال مع الاقارب، ولهذا السبب يتدفق على العمادية المئات من القرويين اليهود من القرى القريبة الواقعة في ضواحيها، وهي: بامرني، إينشكي، ارادن، قدش، بيناتان، همزيك، جالبين معهم المواشي والنبيذ. إريك براور: يهود كردستان، المرجع السابق، ص 327

أ.د. فرست مرعي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here