لا جدوى

لا جدوى

علي علي

هم شفت هم سمعيت هم مثلي چادود
بالدين اسد الدين وادين ردود
من غير المعقول أن يبذل الفرد جهدا جما في عمل ما، يرافقه صرف مادي وتحضيرات لها أول وليس لها آخر، مقابل أمر لايعود بنفع ملموس او محسوس، او تحقيق غاية له او لغيره.
فمن المؤكد ان أول ما يفكر فيه هو مردودات ذاك العمل وعواقبه، فان كانت نيته الانتفاع منه، فعليه وضع خطط مدروسة مسبقا، لتحقيق غرضه بما يشتهي ويهوى، وتلك الدراسة يجب ان تأخذ بنظر الاعتبار مدى القيم التي ستؤول اليها النتائج، وهي ماتسمى بالجدوى. فان كان مشروعا لتحقيق مأرب مادي، فهي (جدوى اقتصادية)، وان كان المبتغى غير ذلك فلها مسميات أخرى متعددة، ومن دون هذه التخطيطات والدراسات فإن عمله ووقته وجهده تذهب هباءً منثورا، وكأنها والعدم سيان، فالعمل من دون غاية وجدوى، كالكلام من غير فحوى ومعنى، وهو بهذا يحاكي شاعرا لم يحقق من قصيدته، إلا الوزن والقافية والتي من أبياتها:
الأرض أرض والسماء سماء
والمـاء مـاء والهـواء هـواء
والماء قيل بانه يروي الظمـا
واللحم والخبز للسمين غذاء
ويقال ان الناس تنطق مثلنا
أمـا الخراف فقولهـا مأماء
كل الرجال على العموم مذكر
أما النساء فجميعهن نساء
ماذكرني بهذا كله، هو ما تؤول اليه أغلب إجتماعات سلطتنا التشريعية في برلماننا العراقي، التي عادة ما تأخذ من الوقت طويلا، ومن المال كثيرا، ومن الوعود سرابا، ومن الآمال خيبة، ومن الاعتماد خذلانا، ومن الثقة زعزعة، ومن اليقين شكوكا، في الوقت الذي ظن العراقي ان حلمه في العيش كباقي شعوب العالم، بات على وشك التحقيق. فما اقرب تلكم الأبيات الجوفاء التي لا صدى لها، مما يحدث في ساحتنا العراقية، حيث لاجدوى من الاجتماعات والجلسات، إلا التأجيلات المتكررة، وما همَّ أحد الخيرين بتقريب وجهات النظر بين الفرقاء، إلا ازدادوا بذلك خلافا وابتعادا عن واجباتهم تجاه المواطن. ولا أرى العراقي في حاليه، قبل اجتماع ساسته وقادته، وبعد اجتماعهم، إلا وقد نفض يديه يائسًا من أية جدوى مرتقبة منهم، وبات على يقين ان جلساتهم ليست أكثر من (گضيان وكت)، وان دخول حمام مجلس نوابنا كخروجه تماما، ودأب يردد بيت الدارمي الذي يصف حاله بسؤال وجواب بين اثنين:
الأول: هم شفت هم سمعيت هم سولفولك؟
الثاني: لاشفت لاسمعيت لا سولفولي
أرى أن الجلسات التي تتم فيها مناقشة قانون الموازنة العامة، لاتخرج بفحواها عن الأبيات المذكورة آنفا، فضلا عن كونها جلسات بلا وزن ولا قافية، فالموازنة مسروقة مسروقة لا محال، ووجه التأخير في إقرار الموازنة ليس من باب دراسة فقراتها او التدقيق في موادها وأرقامها، وبذا تكون اجتماعاتهم قريبة من أبيات لشكسبير يقول فيها:
الحياة حلم عابر.. حكاية يرويها أحمق
مليئة بالضجيج والغضب.. وبلا معنى…
[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here