الاسلام يدعو الى السلام العادل

الاسلام يدعو الى السلام العادل

لا شك بان الاديان السماوية جاءت لنشر وإشاعة السلام بين بني ادم. بدليل ان الله بعث موسى عليه السلام وقال له بان يذهب الى فرعون لانه طغى وتجبر على عباد الله وامره واخيه هارون ان يقولا له قولا لينا قال تعالى “فقولا له قولا لينا لعله يتذكر او يخشى”. ثم بعث عيسى عليه السلام الى بني إسرائيل برسالة السلام فقال القران على لسانه “والسلام علي يوم ولدت ويوم اموت ويوم ابعث حيا”.
ثم جاء محمد عليه الصلاة والسلام بالرسالة الخاتمة وامره بالصبر على اذى قريش والتوكل على الله. فيوصي القران الكريم رسول الله.”واصبر وما صبرك الا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون”.وقال تعالى في نصحه للتعامل مع المشركين “سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين”. وقال تعالى يوم يستقبل الملائكة اهل الجنة حيث تقول لهم “سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين”.
اما الاداب العامة التي شرعت للمسلم عن مفهوم السلام فيكفي ان يكون اسم الجنة دار السلام. كما ان تحية المؤمن مع غيره تبدا بالسلام عليكم. وان احد اسماء الله الحسنى هي السلام واسم الاسلام مشتق من كلمة السلام. اما المعنى الفقهي العام للاسلام فهو يعني الخضوع والاستسلام لله والقبول والرضى باوامره.
من تكريم الله للانسان عندما خلقه ان فضله على الحيوانات وغيرها بمنحه العقل وحرية الاختيار بين الخير والشر. لكن من جهل الانسان بمصلحته ان اختار بعضهم طريق الشر. اختار البعض الاخر طريق الخير لكن هذه الخيارات المتناقضة بطبيعة الحال ستؤدي حتما لصراع بين الفريقين. فتنشأ الحروب والمنازعات ولا يعم السلام ربوع الارض.
ان القاعدة العامة التي بعث الله بها الانبياء والمرسلين هو اقامة السلم الاهلي بين الناس. لكن طمع الانسان وظلمه لاخيه ونكرانه لشرائع الله منذ بداية الخلق. جعل الحرب بينهم واقرانهم وبين الرسل واتباعهم امر حتمي. لذلك قاتل انبياء الله والمصلحين ظلم الظالمين كي لا يسود الطغيان ارجاء المعمورة.
هكذا فصراع الحق والباطل والسلام والحرب في حياتنا الدنيا دائم الى ان يرث الله الارض ومن عليها. فالانسان ظلوم جهول وعلى الرغم من ان الله اراد له الخير والسلام لكنه ابى. فبعد ان عصى البعض وجحد نعمته امضى الله حكمته فيه ان امهله رغم ظلمه. يتساءل المؤمنين كيف يمكن للانسان ان يبدل نعيم الحياة الابدية التي لا عمل فيها ولا نصب ولا مرض ولا موت في الجنة بالحياة الدنيا القصيرة المليئة بالنصب والتعب والمرض ثم ياتي الموت الذي لا مفر منه. لكن كما قال القران الكريم “واكثرهم الحق كارهون”.
ان من الصحيح ان الاسلام دين السلام لكنه ليس دين الاستسلام والخنوع للطواغيت فبدون العدالة لا يمكن ان يصمد اي سلام. لا يغر الاحرار لهاث بعض الحكام العرب المسلمين وراء الصهاينة والامريكان لتحقيق ما يسمونه السلام. في حين ان اي سلام لا تكون له مصداقية دون تطبيق العدالة لجميع الاطراف. ان ما يسمونه الحكام العرب سلام مع المستعمرين كالصهاينة او امريكا او روسيا ما هو بالحقيقة الا خنوع وذل واستسلام.
يعلم اولي الألباب ان اي سلام مفروض بالقوة لن يصمد طويلا. وما هو الا تحضيرا لانتفاضات وثورات سوف تغير موازين القوى غدا او بعد غد. لقد عانى العرب منذ اتفاقية سايكس بيكو قبل اكثر من قرن من مأسي وحروب لخدمة المستعمرين الذين سلبوا اراض عربية كفلسطين واشاعوا الدمار والقتل والتخلف في العراق وسوريا واليمن وليبيا الخ. لكن من المؤكد ان القوي لن يبقى قويا والضعيف سيكون قويا بعد حين “وتلك الايام نداولها بين الناس” بالنتيجة لن يتحقق السلام الذي امر به الاسلام الا بعد اعادة الحقوق الى اصحابها والاقلاع عن شيطنة العرب والمسلمين واحترام خياراتهم وعدم التدخل المباشر او غير المباشر في شؤونهم.
الدكتور نصيف الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here