محنة الصحافة في مجتمعاتنا

محنة الصحافة في مجتمعاتنا
عبدالله عطية شناوة
حتى ستينات القرن الماضي كانت الجهة التي تشرف على عمل الصحافة في بلداننا، هي وزارة الإرشاد. اي الوزارة المكلفة بارشاد المواطن الى سواء السبيل ليكون ((فردا صالحا)) مخلصا لملكة أو رئيسه، ومتمسكا بالدين والأخلاق والعادات والتقاليد. لكن لسبب ما، ربما يرتبط بضغط مفاهيم العصر، ومنها حرية الصحافة والفكر والمعتقد، غيرت البلدان العربية، تباعا، تسمية تلك الجهة، الى وزارة الإعلام. لكن مهام الصحافة ظلت في عرفها مجرد نقل إرشادات الدولة الى ((المواطن الصالح الكريم))، وأضيفت لها مهمة التشنيع بالمواطن ((الجانح عن طريق المواطنة الحقة))، وبــ ((العملاء من أعداء الوطن والشعب والأمة)) التي تكون أحيانا، امة عربية، وتتوسع أحيانا لتصبح أمة عربية – إسلامية.

عدم فهم مهمة الصحافة، وعدم إدراك ارتباطها بحرية الرأي والفكر والمعتقد، وبحق الفرد في الحصول على المعلومات العامة التي تهمه، وتؤثر في حياته، ما كان ليفرز الوضع الكارثي الراهن، لو انه اتصل فقط بفهم السلطات لمهمات الصحافة، لكن كارثيته تنبع أولا من الحجم الكبير لأجيال الصحفيين التي درست الصحافة وفهمتها ومارستها وفق الفهم السلطوي في كونها إرشادا، وأن الصحفيين فئة فوق الشعب مكلفة من جهات سيادية بنقل إرشادات السلطة الى ((المواطن الكريم)).

وما يفاقم الكارثة هو الفهم الشعبي للصحافة، الذي لا يبتعد كثيرا عن الفهم الذي اشاعته السلطة و “صحفييها”. وربما يكون القارئ محقا في حجب ثقته عن الصحافة والصحفيين، وحتى الاستهانة بهما، لكنه في نفس الوقت، مازال بعيدا عن النظر الى الصحافة باعتبارها تعبيرا عن حقه في الاطلاع على المعلومات وفي التعبير عن رايه ومعتقده، والسعي الى تحويلها لكي تكون كذلك.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here