نحن أعداء الدين!!

نحن أعداء الدين!!

نحن أصبحنا عبئا على ديننا لأميتنا التأريخية والقرآنية , هذه الأمية التي تعصف فينا وتمزقنا وتهلكنا , ونتوهم بأننا عارفين, لأننا نتكلم اللغة العربية ولا ندري منها شيئا.

إن الكثير من مسلمي الأرض من غير العرب أحرص من العرب على الدين , وأفقه منهم وأكثر فهما للغة العربية ومعاني القرآن.

فهناك رجالات في أمم مختلفة , تفقهوا بالإسلام واللغة العربية وتفوقوا على من يدّعي فهم الدين واللغة العربية من العرب.

وما جلبته علينا أميتنا وجهلنا وإمعاننا في تجهيل أنفسنا , أن صرنا ننتمي للتأريخ والدين بعواطفنا , فلا توجد فسحة لإعمال العقل في ربوع حياتنا , وتلك مأساتنا الحقيقية ونبع المآسي والويلات العاصفة بنا.

لو أصحاب الكراسي تفقهوا بتأريخنا , وأدركوا معاني الأفعال وهضموا الحِكم والأفكار, وتمثلوها مثلما يتمثلها البشر , لتحققت عندنا أسباب السعادة والحياة الحرة الكريمة.

لكننا أمّيون ونتصور أننا ندري , لوجودنا على أرض الأولياء والأنبياء والصالحين , وما نحن بعارفين بل في غاية جهل الجاهلين وبؤسهم.

نحن حائرون بحاضرنا وتائهون على أعتاب تقرير المصير , ولا نتجاوز رغبات النفوس الشريرة المعسكرة في أعماقنا , فتقودنا إلى الرذيلة وتقتل فينا الفضيلة , بإسم الدين والمذهب والحزب واللون والهوية.

نحن مخلوقات عاطفية متمترسة في الرغبات الدنيوية , مصابة بقصر النظر , وداء الضلالة والخسران , فتمذهبنا وكفّرنا بعضنا البعض وندّعي أننا مسلمون , وهذا هراء وأفك مبين.

فارحموا أنفسكم أيها الناس وحاربوا جهلكم , واستعيذوا من شرور شياطينكم وعفاريت ضلالكم وبؤسكم , وتخلصوا من أمراض الحقد والكراهية والإنتماءات العاطفية الإنفعالية المخجلة , التي آذت الدين , وأدمت قلوب الأولياء والصالحين.

وجعلت الأنوار والرموز في تأريخنا , يبكون في قبورهم , ويلعنون الأجيال المسعورة بالمذهبية والفئوية والتكتلية , والتي لا تفقه من دين المحبة والرحمة شيئا.

إننا في مأزق حضاري مفجع وطامة كبرى , تعلن إنقراضنا وسحقنا , وما دمنا بهذه القدرات السيئة , فأن الله سيسلط علينا من يهيننا ويذلنا ويرفع عماد الدين بدوننا , فما أوفينا لرسالتنا وآلمنا ديننا , وأسأنا لعقيدتنا , وللصحابة والتابعين , وأوجعنا رموز المجد الحضاري وأنوار الإسلام , فحوّلنا أفكارهم إلى جحيمات نحرق بها بعضنا البعض , وسيرهم إلى مآسي نستحم بها , ونحسب أن ذلك دينا وإيمانا ووفاءً لهم ولنبينا الكريم.

فهل من يقظة , وعلم , ومَن يرحم دينه؟!!

وهل نحن عاهة أضرت بالدين , لتمادينا بجهلنا وغينا وإدّعائنا ما ليس فينا وعندنا؟
أم أننا مراؤون والدين منا براء؟

مَن يقرأ القرآن من أبناء العربية يعجز عن إدراك معاني ما يقرأه , وإن كان يمتلك أعلى درجات المعرفة في حقل إختصاصه , فمعظم الذين يتحدثون عن الإسلام ويكتبون ويلعنون ويكفِّرون وينظرون ويحسبون أنهم من العارفين , في أميتهم وضلالهم وتضليلهم لأنفسهم ولغيرهم غارقين.

الذين يتكلمون اللغة العربية أصبحوا لا يعرفون معاني الكلمات العربية !!

إننا في أمية يُرثى لها , فكم من الأساتذة والإختصاصين الذين يقرؤون القرآن ولا يعرفون , فكيف بحال العامة من الناس؟

فصرنا نقرأ القرآن كما نقرأ الفارسية أو الهندية , نقرأ أصوات الحروف والكلمات , ونتغنى بها وما نحن بمدركين ما نقرأ.

ونجد الأجنبي يعرف أكثر منا في ديننا ولغتنا , لأنه يتعامل مع الدين بعقله , ويريد أن يعرف حقائق معاني الآيات والكلمات ويتأملها بإمعان وتبصر.

ما يجري في عالمنا اليوم , نتيجة الأمية القرآنية , والدينية , واللغوية , إنها الأمية الشاملة , فلو نفقه فعلا بالقرآن الذي نقرأه , ما فعلنا الذي نفعله.

لو أن المنتمي لأي مذهب يفقه من القرآن شيئا قليلا , لما فعل الذي فعله , ولإرتعشَ جسده وإهتزت أعماقه وأصابته الرهبة , مخافة من الله , أن يقدم على عمل يؤذي به الآخرين.

وهذا يؤكد وبلا منازع , أننا جاهلون , وضد الدين.

فارفع اللهم هذه الغمة عن أبناء الأمة بإرشادهم إلى سواء السبيل.

د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here