زيارة البابا.. لماذا يعد الشيعة أكثر قرباً للكاثوليك؟

ذكرت صحيفة “ذا تابليت” الكاثوليكية الاميركية ان زيارة البابا فرانسيس الى العراق قد تكون فرصة لتعزز علاقات الكنيسة الكاثوليكية مع “الحليف الاسلامي الطبيعي المتمثل بالشيعة”.

واوضحت الصحيفة الاميركية في تقرير انه “مع بدء زيارة البابا الى العراق، فانه سيتم النظر اليها في غالبية العالم المسيحي على انها رحلة لتكريم ذكرى الشهداء المسيحيين الذين عانوا من اهوال كبيرة تحت الاحتلال الداعشي في سهل نينوى بين عامي 2014 و2017”.

وبالنسبة الى المسلمين، أفادت الصحيفة الاميركية، بان الزيارة سينظر اليها على انها مبادرة تقارب مع الفرع الشيعي من الاسلام، خاصة في السادس من مارس، عندما يزور البابا النجف للقاء المرجع الاعلى علي السيستاني، مشيرة الى ان الشيعة يشكلون ما بين 10 الى 15 % من مسلمي العالم، ويقدر عددهم بنحو 200 مليون شخص.

وتابعت ان الاكثر اهمية من ذلك ان الشيعة غالبية في ايران، وهي دولة دورها حاسم في الامن العالمي ومستقبل الشرق الاوسط، وهو ايضا غالبية في العراق الدولة التي يزورها البابا الان.

وبعدما اشارت الى ان بعض المسلمين السنة يتهمون الشيعة بالهرطقة لاسباب عدة من بينها تركيزهم على الامام علي وايمانهم بالائمة الـ12 وغيرها من المسائل، تابعت ان كثيرين في الغرب ايضا ينظرون الى الشيعة بكثير من الحذر غالبا بسبب ذكريات الثورة الايرانية ومواقف الرئيس السابق محمد احمدي نجاد المعادية للسامية والغرب. الا انها اشارت الى ان من الشيعة ايضا السيد علي السيستاني الذي رشحه المسيحيون في العراق في العام 2005 من اجل جائزة نوبل للسلام.

واشارت الى ان التقارير الصحافية تشير الى ان السيستاني لن يوقع وثيقة “الاخوة الانسانية” التي وقعها البابا فرانسيس مع امام الازهر، أعلى سلطة سنية في العالم، خلال زيارته البابوية الى الامارات العام 2019.

ومهما سيحدث حول هذه المسألة، اعتبرت الصحيفة الاميركية ان بالامكان تقديم طرح مقنع بان المسلمين الشيعة هم “شركاء الحوار الاكثر بداهة مع الكاثوليك في العالم الاسلامي، وان الفاتيكان في موقف فريد للانخراط مع الغالبية الشيعية”.

واعتبرت الصحيفة انه على مدار السنوات، فان العلاقات الكاثوليكية-الاسلامية كانت تميل الى التركيز على السنة، مشيرة الى انه يشكل تلاقيا غريبا نوعا ما وإلى ان السنة يشبهون اتباع المذهب الكالفيني (مذهب انفصل عن الكنسية الكاثوليكية في القرن الـ16)، أكثر من شبههم بالكاثوليك.

وفي المقابل، فان الباحث الايراني فالي نصر نشر في كتابه “الاحياء الشيعي” في العام 2006 العديد من أمثلة التشابه بين التشيع والكثلكة، من بينها “التركيز الشديد على السلطة الدينية، والباطنية العميقة، والتعامل مع القرآن بالربط بين القدسية والتقاليد، والاخلاص للعائلة المقدسة (في حالة الشيعة رابط الدم للنبي محمد)، والايمان بالقديسين (بالنسبة الى الشيعة الائمة الـ12)، واللاهوت المؤمن بالتضحية من خلال الامام الحسين الذي استشهد في كربلاء، والايمان بالارادة الحرة. والى جانب هذه المشتركات، هناك ايضا احياء الايام المقدسة، والمزارات التي تجلب الشفاء، وانماط التعبير العاطفي القوي شعبيا كما في عاشوراء”.

وتنقل الصحيفة عن الكاتب الايراني رضا أصلان ان التفسير العقلاني للشريعة الاسلامية من جانب رجال الدين الشيعة، يخلص مرونة اكبر احيانا مقارنة بالاسلام السنة. ويشير الى ان المجتمعات المتأثرة بالفكر الشيعي، قد تكون أكثر تقبلا لاختبار الديمقراطية وحقوق الانسان والتعددية، كما بالنسبة الى النظرية الاجتماعية الكاثوليكية.

كما تنقل عن الاب مارك سيرنا الذي كتب في العام 2005، انه بالمقارنة مع المسلمين في التقليد السني، فان المسلمين الشيعية شركاء حوار طبيعيين للكاثوليك والرهبان، وهناك العديد من أوجه التشابه” كتبجيل القديسيين حصوصا السيدة مريم، وتركيز أكبر على مسائل العقل في قضايا الايمان وفي الدراسات الفلسفية واللاهوتية.

ولذلك، تعتبر الصحيفة ان كل هذا يخلق ارضا خصبة للتحاور الكاثوليكي-الشيعي. واشارت الى وجود الكاثوليك في مجتمعات شيعية، كالمارونيين في لبنان والكلدانية في العراق بالاضافة الى الارمن والكلدانيين في ايران، مضيفة ان هؤلاء الكاثوليك يتحدثون لغات هذه البلدان ويعرفون تقاليدها.

وخلصت الى القول ان “التاريخ قد خلق فرصة خاصة للكاثوليكية لاقامة علاقات مع الشيعة، وان زيارة البابا تمنحه فرصة تاريخية لا مثيل لها للاستفادة من هذه الاحتمالات.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here