البابا فرنسيس يصل العراق حاملا رسالة تضامن إلى إحدى أكثر المجموعات المسيحية تجذرا في المنطقة

وصل بابا الفاتيكان الجمعة إلى العراق في زيارة تاريخية من المتوقع أن تستغرق ثلاثة أيام، وسط تدابير أمنية مشددة. ويحمل الحبر الأعظم رسالة تضامن إلى إحدى أكثر المجموعات المسيحية تجذرا في التاريخ في المنطقة والتي عانت لعقود ظلما واضطهادا. وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أول مستقبلي الحبر الأعظم، وأقيمت على أرض المطار مراسم رسمية تخللها أداء مجموعة تراتيل دينية وأغان عراقية ورقصات. وسيستخدم البابا سيارة مصفحة في تنقلاته على طرق أعيد تأهيلها خصيصا للزيارة، بالإضافة إلى مروحية وطائرة خاصة للتنقلات البعيدة سيعبر خلالها فوق مناطق لا تزال تنتشر فيها خلايا لتنظيم “الدولة الإسلامية”.

وصل البابا فرنسيس الجمعة إلى العراق في زيارة تاريخية تجري في ظل تدابير أمنية مشددة في بلد تمزقه النزاعات منذ عقود، حاملا رسالة تضامن إلى إحدى أكثر المجموعات المسيحية تجذرا في التاريخ في المنطقة والتي عانت لعقود ظلما واضطهادا، وساعيا الى تعزيز تواصله مع المسلمين.

وهبطت الطائرة التي تقل البابا عند الواحدة و55 دقيقة (10:55 ت غ)، وفقا لصحافية في وكالة الأنباء الفرنسية.

وقال البابا لصحافيين على متن الطائرة “أنا سعيد باستئناف السفر” بعد 15 شهرا لم يغادر خلالها الفاتيكان بسبب جائحة كوفيد-19، ” وهذه الرحلة جزء من واجب على أرض معذبة منذ سنوات”.

الكاظمي أول المستقبلين

وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أول المستقبلين عند نزول البابا من الطائرة حيث أقيمت على أرض المطار مراسم رسمية تخللها أداء مجموعة تراتيل دينية وأغان عراقية ورقصات، تعبيرا عن الترحيب بالحبر الأعظم.

وكان البابا والكاظمي يضعان كمامة.

وقال البابا (84 عاما) لصحافيين على متن الطائرة التي أقلته من روما “سأحاول اتباع التعليمات وعدم مصافحة الجميع، لكنني لا أريد البقاء بعيدا”.

وتستمر الزيارة ثلاثة أيام يزور خلالها الزعيم الروحي لـ1,3 مليار مسيحي مناطق في شمال البلاد وجنوبها، بينها مدينة النجف الأشرف حيث سيلتقي المرجع الشيعي آية الله العظمى علي السيستاني.

وتتزامن هذه الزيارة غير المسبوقة إلى العراق مع ارتفاع كبير في أعداد الإصابات بفيروس كورونا تخطت السبت الخمسة آلاف في يوم واحد في هذا البلد، وهو رقم قياسي، فيما تفرض السلطات إغلاقا تاما، كما تشهد البلاد توترات أمنية.

رسالة مصورة للشعب العراقي

وأعلن البابا في رسالة مصورة موجهة إلى الشعب العراقي وزعها الفاتيكان عشية الزيارة التي تستمر ثلاثة أيام أنه “أخيرا سوف أكون بينكم، أتوق لمقابلتكم ورؤية وجوهكم وزيارة أرضكم، مهد الحضارة العريق والمذهل”.

ولن يتمكن الكثير من العراقيين من مشاهدة البابا إلا عبر شاشاتهم التلفزيونية، وسيستخدم البابا على الأرجح سيارة مصفحة في تنقلاته على طرق أعيد تأهيلها خصيصا استعدادا للزيارة، بالإضافة إلى مروحية وطائرة خاصة للتنقلات البعيدة سيعبر خلالها فوق مناطق لا تزال تنتشر فيها خلايا لتنظيم “الدولة الإسلامية” الذي أعلنت القوات العراقية الانتصار عليها وتحرير العراق منه منذ 2017.

وستغيب بسبب التدابير الوقائية من وباء كوفيد-19، الحشود التي اعتادت ملاقاة البابا في كل زياراته، باستثناء قداس سيحييه الأحد في الهواء الطلق في أربيل في كردستان بحضور نحو أربعة آلاف شخص حجزوا أماكنهم للمشاركة فيه مسبقا.

وجرت التحضيرات على قدم وساق لاستقبال الحبر الأعظم خلال الأسابيع الأخيرة، من شوارع بغداد الرئيسية وصولا إلى النجف ومرورا بأور الجنوبية والبلدات المسيحية شمالا، حيث رفعت لافتات تحمل صوره مرفقة بعبارات ترحيب.

وتحضيرا للزيارة، أزيلت آثار ثلاث سنوات من دمار تسبب به تنظيم “الدولة الإسلامية” من مناطق كثيرة، ولكن أيضا آثار عقود من الفساد والإهمال أنهكت البنى التحتية، فعبدت طرق، وأعيد تأهيل كنائس في مناطق نائية لم تشهد زائرا بهذه الأهمية من قبل.

“أوافيكم حاجا يسوقني السلام”

ويرغب البابا فرنسيس البالغ 84 عاما في أول زيارة له إلى الخارج منذ انتشار الجائحة، توجيه رسالة تضامن ليس للمسيحيين فقط بل لجميع سكان العراق، مع برنامج حافل في مناطق عدة من البلاد. ومن بغداد إلى النجف وأور وأربيل والموصل وقرقوش، سيعبر مسافة 1445 كلم، في بلد لا يزال فيه الاستقرار هشا.

وبعد ساعات من هجوم صاروخي في غرب البلاد استهدف قاعدة عسكرية تضم جنودا أمريكيين، أكد البابا فرنسيس الأربعاء عزمه على المضي بالزيارة لـ”لقاء هذا الشعب الذي عانى كثيرا”.

“لم نتخلَّ عن إيماننا”

ويبدأ البابا زيارته الجمعة بخطاب أمام المسؤولين العراقيين. وبالإضافة إلى التحديات الأمنية والاقتصادية التي يعاني منها العراقيون، سيناقش الطرفان أيضا المعاناة الكبيرة التي لحقت بالمسيحيين. وأدت سنين من العنف والاضطهاد إلى تراجع عدد المسيحيين في العراق من 1,5 مليونا في 2003 إلى 400 ألف فقط اليوم.

في العام 2014، سيطر تنظيم “الدولة الإسلامية” على أجزاء واسعة من العراق، واجتاح بلدات مسيحية وخير سكانها بين اعتناق الإسلام أو الموت، ففر الآلاف منهم من بيوتهم.

لقاء السيستاني

وللمرة الأولى في التاريخ، يزور رأس للكنيسة الكاثوليكية مدينة النجف الأشرف في جنوب العراق حيث يلتقي بالمرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني البالغ من العمر 90 عاما والذي لا يحبذ الظهورات العلنية.

وكان البابا قد وقع قبل عامين في أبو ظبي وثيقة تدعو إلى حرية المعتقد إلى جانب إمام الأزهر، أحد أبرز المرجعيات الإسلامية السنية في العالم.

وسيشارك البابا في أور التي يعتقد أنها مسقط رأس النبي إبراهيم والواقعة في الجنوب النائي، في صلاة ستضم رجال دين شيعة وسنة وأيزيديين وصابئة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here