هل البابا فرنسيس يساري وأن لم ينتمِ ؟!

هل البابا فرنسيس يساري وأن لم ينتمِ ؟!

بقلم مهدي قاسم

كان سائدا ومعروفا في العقود الماضية أن عددا من رهبان في دول أمريكا اللاتينية كانوا محسوبين على اليسار أو متعاطفين مع اتجاهات يسارية وثورية هناك ، حتى تعرض بعض منهم إلى عمليات اعتقال واغتيال ، والسبب الرئيسي أو الدافع الأكبر ــ حسب اعتقادي ــ كان راجعا إلى انتشار مظاهر الفقر والعوز والفاقة الرهيبة وعلى نطاق واسع جدا كذلك شدة معاناة الناس من جراء ذلك ، فضلا عن ضراوة القمع والتنكيل والاعتقالات والاغتيالات السياسية التي كانت تمارسها أنظمة يمينية فاشية عسكرتاريا التي هيمنت على السلطة في تلك الدول لسنوات طويلة ، وبما إن البابا فرنسيس من أصل أرجنتيني فمن المحتمل جدا ، أن يكون هو الآخر قد أصبح آنذاك متعاطفا مع الفكر اليساري الذي ربما بقي عنده مصاحبا ، مختمرا في ذهنه ومن ثم متحولا إلى قيم إنسانية ثابتة و راسخة ، حيث يتضح ذلك من خلال تنديده أوانتقاده للرأسمالية المتوحشة التي تأخذ الربح وحده ــ أساسا وحصريا ــ بنظر الاعتبار فقط ، على حساب سلعنة البشر و مكننته وهيمنة الروح المادية والأنانية الجشعة على السلوك الاجتماعي بين فئات وشرائح وطبقات معينة ، بتواز مع غياب قيم التضامن والتعاطف الإنسانيين بين غالبية البشر ، الأمر الذي يتعارض مع القيم المسيحية الأصيلة و الداعية إلى المحبة بين البشر ومساعدة الفقير و شّد أزر الضعيف والتسامح من الخاطيء أو الإثم وإيواء الغريب و المتشرد ، ومن هنا دعوة البابا فرنسيس الدائمة إلى قيم السلام و السلم الاجتماعي بين البشر وفتح أبواب البيوت و الكنائس أمام اللاجئين والهاربين من فظائع ومخاطر الحروب والمجاعة ، وكذلك دعوته الدائمة إلى الانفتاح على ديانات وطوائف أخرى غير المسيحية ، والمبادرة إلى إجراء حوار تعارف وتفاهم فيما بينها ، بهدف التقارب والانفتاح الأكبر والأوسع بين البشر بمختلف أديانهم وطوائفهم وعقائدهم المختلفة ومحاولة جمع ودمج كل ذلك في بوتقة الأخوةالإنسانية الموحدة والمتآلفة ــ افتراضا ــ بكل سلام ووئام ، لتكون بديلا عن بغض وحقد وكراهية وإقصاء الآخر وإلغائه بأعمال عنف وتنكيل ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here