الإمام الخالصي يوجه رسالة الى بابا الفاتيكان

Image preview

قبل أكثر من ستين سنة كانت هناك تحركات واعية قادها عالم مخلص لربه وعقيدته بصدق لبيان حقائق الدين الحق الذي أنزله الله سبحانه لإنقاذ العباد من التيه والضياع الى حقائق التوحيد والحياة الكريمة والخروج من عبادة الأشخاص والاحجار وغير ذلك الى عبادة الله الواحد الاحد خالق السماوات والأرض وجاعل الظلمات والنور الرؤوف الرحيم، هذه الحركة تمثّلت بسعي الإمام الراحل الشيخ محمد الخالصي (قدس) لإعادة اتباع الدين الحق المؤمن بالله الواحد الى الطريق الذي أراده ربهم لهم وهو الإسلام بعناوينه الثلاثة اليهودية والمسيحية والإسلام المحمدي.

نحن اليوم بأمس الحاجة الى مثل هذا الخطاب ليوجه الى بابا الفاتيكان وهو يزور العراق في هذا الظرف العصيب، ومن واجب عالم الدين ان يوصل رسالته الى ضيفه في وجوب الوقوف مع الحق ونصرة أهلة ورفض الاستكبار والغطرسة والسيطرة على مقدرات الشعوب، إضافة الى ذلك المطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني في أرضه ورفض التسلط الصهيوني عليها، وإيقاف نزيف الدم في كافة بقاع الأرض ومنها منطقتنا العربية، والتحذير من الدعوات التي تطلق في أوربا بعناوين براقة مثل المطالبة حقوق المثليين وشرعنتها وغير ذلك من المخالفات الشرعية التي ترفضها الأديان كافة لكي يعم السلام الحقيقي في الأرض، لأن السلام هو الأصل الذي جاء من أجله أنبياء الله ورسل السماء.

وبعيداً عن أي موقف سياسي أو ديني نقدم هذه الرسالة المهمة التي وجهت يومذاك بمضامين راقية، وبعد ان يستعرض الكثير من المواعظ والتذكير بأحوال الامم التي مضت يفتتح رسالته هذه بآية قرآنية عظيمة ويوجه كلامه لقداسة البابا (يوحنا الثالث والعشرون)، فيقول بكلام عام يشمل الجميع:

بسم الله الرحمن الرحيم

(وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ) الزخرف/23.

لنتدبر هذه الآية ونغوص في أعماق نعانيها، هذه الآية الكريمة تشير الى نقطة مهمة وحساسة وهي أن العناد واللجاج ليس مقصوراً على الطبقة الدنيا من جهال الناس، بل هو شامل الى أعلى طبقاتهم، من رؤساء الدين وأولي العلم كما يقولون، أيتسع صدر قداسة البابا مثلاً لتلقي كلمة يعلم انها حق، وهل يجرؤ أن يفوه هو بها، وإذا ابى ذلك فالانتقام من وراء إبائه، ولا انتقام في الدنيا أشد وأمضى من تسلط اللادينيين على الكنيسة، ومن المسؤول عن ذلك؟، أليس هو المتعصب للعادات التارك لحقيقة الدين.

لا شك أن قداسة البابا مثلاً تستيقن نفسه أن التثليث ونزول الرب الى بطن المرأة في الارض ليست من المسيحية بشيء ولم يقرها الكتاب المقدس، وهو يعلم ان القوانين المادية وعظمة الكون لا تقرها هذه العقيدة. وجماعة شهود يهوه من المسيحيين أثبتوا في مئات ألوف من الكتب ان هذه العقيدة يبرأ منها المسيح والكتاب المقدس، وانها من عقائد الوثنيين والبابليين الكلدانيين، وأول من فاه بها نمرود وأمه سمير اميس التي تزوجها فتكون منها الثالوث الاب نمرود وهو الابن والام سمير اميس، ودخلت هذه العقيدة في المسيحية بعد المسيح عليه السلام بقرون، فهل يهون على قداسة البابا وهو أعلم وأكبر رؤساء الدين المسيحي أن يفوه بهذه الحقيقة ويدعو إليها؟، وإذا جمد على التعاليم الكنسية التي لا يقرها الكتاب المقدس فماذا سيكون؟، إن الانسان اليوم الذي سخّر شيئاً من الفضاء وهو يطمع في كثير منه لا يمكن أن يقر هذه العقيدة أو يدنو منها، وإذا أصر المسيحيون عليها استفحل الخطب وحلت اللادينية مكان الدين، وهلك الانسان. فإذا جاز على قداسة البابا أمر فبالأولى ان يجوز على من هو أدنى منه من رؤساء الدين اليهودي والبرهمي والمجوسي والبوذي والكونفوشيوسي وكل الاديان قبل الاسلام، إن أصرت على ما هي عليه لم يبق دين قديم ويتغلب الالحاد على جميعها، وتقهرها العلوم والصنائع والتجارب.

ان الامر الذي ندعو اليه سهل على أهل العلم ولكنه صعب على الجهال من الدينيين، وهو ان يُجرد الدين من كل خرافة تنافي العلم والعقل والمصلحة البشرية، ولم يجيء بها الانبياء المرسلون من عند الله، ونذكرها إجمالاً كي لا يهاجمنا الدينيون لمباغتتهم لما يكرهونه، فإنسان اليوم ليس كإنسان الامس، وراكب البعير ليس كراكب السيارة والطائرة، والسائر في البحر بالسفينة الشراعية ليس هو كالذي يغوص في الماء بقوة الطاقة الذرية، والخارج من الارض الى ما فوقها من الاجواء وطرق السماء في لحظة ليس كالتائه في صحراء سيناء أربعين سنة، والدين لم يأتِ لسد حاجة أهل زمان دون زمان، بل جاء لينجي البشر من الشقاء ما داموا يعيشون على وجه الارض وخاتم الاديان والشرائع هو الباقي رحمة للعالمين ما دامت الارض والسماوات، وحلال محمد حلال الى يوم القيامة، وحرامه حرام الى يوم القيامة، والانسان بلا دين وحش ضارٍ وذئب كاسر، وإذا كلف بدين لا يلائم التطور ولا يسيغه عقل انسان اليوم يرفضه لا محاله ويبقى وحشاً ضارياً وعذاباً صباً على البشر[1]. انتهى

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here