يوم استبدلوا حاء “السلاح” المنفلت الموازي المؤدلج تمويها فصارت..سلاما !

يوم استبدلوا حاء”السلاح” المنفلت الموازي المؤدلج تمويها فصارت..سلاما !

احمد الحاج

الكل ومن أقصى العالم الى أقصاه يتحدث اليوم عن السلام والمحبة والاخوة الانسانية فيما الحروب قائمة على قدم وساق بين بني البشر ولاهوادة فيها قط ، الحرائق مشتعلة حيثما كان وكلما أطفأها عقلاء قوم انبرى شياطينها لإشعالها مجددا وكلهم يتحدث عن الاخوة والسلام والمحبة بين شعوب الارض على اختلاف اعراقهم واجناسهم وطوائفهم والوانهم ..الخراب والدمار في كل مكان وشعارهم الازلي “يدمر الاشرار ما عمَّره الأخيار” أو وعلى قول البغادة “واحد يبخر و10 يفسون”أو “واحد يرقع و10 يفتقون “، والحديث مايزال قائما عن الحب والغرام والوئام والسلام بين بني البشر، الصهاينة يفتكون بالشعب الفلسطيني المظلوم فتكا مريعا ولأراضيه يقضمون ،ولمقدساته يدنسون ، ولشبابه يقتلون، ولشيوخه يهينون ، ولنسائه يعتقلون ،ويتحدثون عن السلام الموهوم ، بل ويحصل ثلاثة من أشهر سفاحيهم وأكابر مجرميهم على نوبل للسلام المزعوم ( شمعون بيريز + اسحاق رابين + مناحيم بيغن ) وعلى عينك يا تاجر .. في اليمن حرب مستعرة لم تبق عامرا وكل اطرافها تتحدث عن أهمية السلام والأخوة والوحدة الوطنية .. في ليبيا الحرب الأهلية أتت على الاخضر واليابس تغذيها أجندات دولية واقليمية لاتحصى وكل اطراف النزاع وتجار الحرب يتحدثون عن أهمية ترسيخ مبادئ السلام وارساء دعائم المحبة وتفعيل الاخوة ، فيما حقول الالغام وازيز الرصاص ودوي الانفجارات ونتن المقابر الجماعية تحيطهم من كل مكان احاطة السوار بالمعصم ،حتى اثناء الحديث عن السلام في مؤتمر صحفي – طك عطية – يعقد لتعمية الابصار لهذا الغرض ..في السودان احتراب متواصل على مدار عقود اسوة بأفغانستان – ماتعرف حماها من رجلها – لم يتوقف يوما قط بالتزامن مع حديث متواصل ومتصل عن السلام ايضا .. في سورية حرب اهلية مدمرة اسفرت عن 6 ملايين نازح ومهجر ومشرد داخل البلاد وخارجها ، اضافة الى ملايين القتلى والجرحى والمعاقين والعاطلين شاركت في محنتهم التي لم تنته بعد كل جيوش العالم وحكوماته لتحقيق مصالحها واجنداتها ، حرب ضروس غاية في الوحشية والبشاعة استخدمت فيها كل انواع الاسلحة الفتاكة بما فيها غاز الاعصاب السام حتى ان روسيا واميركا جربتا اسلحة جديدة فتاكة هناك قبل ادخالها للخدمة في ترسانتيهما العسكريتين ، وكل اطراف النزاع ومن يقف خلفها تتحدث عن السلام والمحبة وبناء الوطن ورعاية المواطن ولعل – بشار النصيري الاسماعيلي الشهير بـ” بشار المعتقلات والشبيحة وبراميل اللهب”، كذلك زوجته الرعناء اسماء الاخرس حمالة الحطب – أولهم ، اثيوبيا تصعد في سد النهضة وتهدد كل من مصر والسودان بقطع أو تخفيض مناسيب مياه النيل الواصلة اليهما الامر الذي يهدد امنهما المائي والغذائي بينما تتحدث عن أهمية السلام بين الدول واحترام مبادئ حقوق الانسان .. تركيا داخلة – طول وعرض – في سوريا والعراق وليبيا وتتحدث عن السلام والحرية ..ايران مسيطرة ومتدخلة و- تلعب تك كول – بمقدرات وأمن ثلث الوطن العربي ولاسيما جنوبه وشرقه وهي تتحدث عن السلام والاستقلالية ..والادهى من ذلك هو ان اميركا راعية الامبريالية والرأسمالية البشعة في العالم ، وروسيا راعية البوتينية الوحشية في العالم يتحدثان عن السلام كذلك ، فرنسا ام الاستدمار الثقافي والعسكري الدموي الذي قتل 6 ملايين انسان في الجزائر لوحدها تتحدث عن السلام والمحبة والاخوة ، بريطانيا التي غابت عن اراضيها الشمس والتي لو تنازعت سمكتان في اعماق البحر فمؤكد بأن بريطانيا تقف وراءهما كما قال غاندي يوما .. الصين تسحق طائفة الايغور سحقا وتحرمهم من ابسط حقوقهم وتتحدث عن السلام بين الطوائف والملل والنحل واهمية احترام الاديان ..الهند تستعبد الكشميريين وتذل المسلمين وتقصيهم وتهمشم وتتحدث عن السلام واحترام الرأي والرأي الاخر ..بورما تسحق طائفة الروهينجا وتغتصب نساءهم ، تحرق مزارعهم وديارهم ، تروع شيوخهم واطفالهم ، تهجرهم من مناطق سكناهم وتتحدث عن السلام الى درجة حصول رئيسة وزرائهم المعزولة بإنقلاب عسكري ، أونغ سان سو تشي على جائزة نوبل للسلام ” هذه الجائزة التي يحصل عليها في الاعم الاغلب كل اعداء السلام ” البرادعي الذي خدع العالم بترسانة العراق النووية فكانت سببا بإحتلاله وقبلها بحصاره الغاشم ، انموذجا ..العراق يضم عشرات الفصائل المسلحة التي تعمل خارج اطار الدولة علاوة على وجود السلاح المنفلت والمؤدلج والموازي الذي وعدت كل الحكومات بحصره بيد الدولة فلم ولن يحصر، المتظاهرون يستهدفون يوميا بالرصاص المطاطي والحي والغازات المسيلة للدموع في الرؤوس ناهيك عن النزاعات والعراضات العشائرية الدموية اليومية فضلا عن التحريض الطائفي والشحن القومي المتواصل ، والكل يتحدث عن السلام والمحبة والاخوة ويعلق شعار “يدا بيد ،لاسلاح باليد” ثم ..طا طي طا .. فإما ان يكون جل المتحدثين بالسلام وبقية – الطقم – اياه كذبةٌ أفاقون يراد من سلامهم المتوهم هذا الضحك على عقول المسحوقين والبسطاء والمظلومين لتخديرهم وتمرير الصفقات واكل الطعم من خلال هذه – المسرحية الهزلية – وهذا ما ارجحه قطعا ، واما ان جل البشرية لم تفهم معنى السلام بين البشر الى يومنا فتراها تهرف بما لاتعرف بشأنه ..أو أن هذا السلام الذي ينشدونه وبحسب مفهومهم القاصر لايتحقق الا بسلسلة من الحروب العبثية وتلال من الجماجم وركام من الخرائب وبحار من الدم وسط غمامات من الدخان الاسود التي لاتتوقف مشفوعة بالجوع والخوف والنزوح والبؤس والحرمان والفاقة على خطى (السلام الفيستفيلي) الذي تمخض عن حرب الثلاثين عاما بين الكاثوليك والبروتستانت وقد ابيد في هذه الحرب الدموية البشعة التي اختلطت فيها السياسة والاطماع الدنيوية لا اقول بالدين ، وانما بالمذهب والطائفة والقومية ، حتى ان ثلث الشعب الالماني ابيد فيها فيما قتل في وسط اوربا المتناحرة بين الطائفتين اكثر من 8 ملايين انسان ، عن المغتصبين والمغتصبات ، عن المفقودين والمفقودات ، عن المعاقين والمعاقات، عن المهجرين والمهجرات ، من جراء هذه الحرب المذهبية الشرسة فحدث ولا حرج ، علما ان هذه الارقام كلها لاتشمل فرنسا التي سبق لها ان ضحت بمليوني قتيل من فلذات كبدها من دون ذنب جنوه بسبب صراع الكاثوليك والبروتستانت قبل اندلاع حرب الثلاثين عاما ، والكل يسأل هنا ” وماذا عن حقوق من ظُلموا واقُصوا وهُمشوا وهُجروا ونزحوا وغُدروا وعلى مقابرهم الجماعية اهالوا التراب وعلى ضحاياها كبروا اربعا وصلوا صلاة غائب على رفاتها ونصبوا خيام العزاء ..واقاموا ؟!
وبالقياس على ما سبق فلطالما سألت نفس وتساءلت عن شخص يقول لك ” السلام عليكم ” في مؤسستك ثم يغتابك وينم عليك بعيد دقائق معدودة ..شخص يقول لك ” سلام عليكم ” في السوق ثم يغشك في الميزان بسبق اصرار وترصد ..شخص يقول لك سلام عليكم ثم يطفف ويضحك عليك في المكيال ..شخص يقول لك السلام عليكم في الشارع ثم يحرض عليك …شخص يقول لك السلام عليكم في المقهى وقلبه ممتلئ بالحقد والكراهية والحسد والبغضاء عليك …شخص يقول لك السلام عليكم ويسرق محفظتك ، يقول لك السلام عليكم ويرمي ببقايا نفاياته على جدارك ولن تأمن بوائقه وان كان قريبك او صديقك أو جارك ، يقول لك السلام عليكم وليس بمقدورك أن تأمنه لا على نفسك ولا على دينك ولا على عرضك ولا على ارضك ولا على عقلك ولا على مالك ..ماهذا ياقوم ، الهذا امرنا بإشاعة السلام وإفشائه بين الناس ؟
علام يقول هذا المخلوق ” السلام عليكم ..او سلام عليكم ” وينتظر منك ان تبادره السلام بالمثل وزيادة وكلاكما لا يأمن صاحبه البتة ؟! وكلاهما يعلم يقينا بأن المسلم من سلم الناس من يده ومن لسانه وما السلام وتحية الاسلام السلام الا المفتاح للسلم المجتمعي والمسالمة ..اما ان تسلم ثم تركل وتصفع ..تسلم ثم للارزاق والاعناق والارحام تقطع ..تسلم ثم تبخل وللخيرات والصدقات والزكاة تمنع ، فهذا ليس السلام الشرعي المنشود قطعا !
واقول ان هذا السلام الوهمي المصطنع في مجتمعاتنا والذي صار اقرب الى النفاق منه الى الوفاق ، والذي لايكاد يجاوز حناجرنا ولايتجاوز تحايانا من دون ان نفهم معناه الشرعي السامي، و لارسالته الربانية الخالدة ، ولاهدفه الانساني الكبير ، ولارؤيته النبيلة قط ، قد صار عندنا اشبه ما يكون بـ” هلووو…شلونك عيني شلونك ، شمخلي على عيونك !” لا اكثر ولم يعد له قيمة معنوية ولا اعتبارية ولا اخلاقية تذكر الا ما رحم ربك ، لأننا لم نفصل للناس معنى السلام الحقيقي كما اراده لنا الباري عز وجل وكما علمنا اياه رسول الله صلى الله عليه وسلم ..لم نبين لهم مغزى وهدف ورسالة ومفهوم هذا السلام الذي نلقيه أو نرد عليه عشرات المرات يوميا ،بينما الحرب قائمة مع الاخرين أيا كانت عناوينهم وصفاتهم وصفتهم “حرب في البيت بين الزوجين ، حرب في العائلة بين الشقيقين ، حرب في المنطقة بين الجارين ، حرب في السوق بين البائع والمشتري ، حرب في الكوستر بين السائق والركاب ، حرب في الشارع ، حرب في المدرسة ، حرب في الجامعة ، حرب في الجامع “، مع ان الكل يسلم على الكل ، بينما الكل يحارب الكل ، ولن تجد سلاما حقيقيا قلبيا واخلاقيا ملموسا برغم كم السلام اللفظي الهائل الذي تسمعه وترد عليه على مدار الساعة وليس هناك وئام ولا يحزنون ، عودوا الى سلامكم الحقيقي بمفهومه الحق كما اراده الشارع الحكيم وطهروا قلوبكم من الشقاق ومن النفاق ومن سوء الاخلاق تسلموا وتأمنوا وتغنموا..ظلوا على سلامكم المخادع – اللساني المتوهم – والذي لامكان له في القلب ولاوجود له في السرائر اسوة بالضمائر، تفشلوا وتذهب ريحكم وتخسروا !
عندما تقول لشخص ما السلام عليكم ، فمعنى ذلك انك تقول له -لقد صرت في أمن وأمان وسلام ولن تؤتى من قبلي لا بغيبة ولابنميمة ولا بهمز ولا بلمز ولا بنبز ولا بفحش ولا بطعن ولا بلعن ولابقذف ..اما ان تقول لصاحبك السلام عليكم ” ومن ثم تطبره في عرضه بعد ثوان معدودة من السلام ..تقلل من شأنه ..تطعنه في ظهره ..تسخر من هيئته ، او تنبره في حسبه ولقبه ونسبه ، تتجسس وتتحسس عليه ، تحاربه في رزقه ..تغشه في معاملتك وحديثك ومديحك ” فهذا ليس السلام المنشود ، هذا نفاق وتمويه امرئ حقود ، للزاد والملح والعشرة الطويلة بينكما جحود ، للنعمة التي فضلك الله تعالى بها عليه حسود !!
ولعلها رسالة ابعث بها الى كل من يتحدثون كثيرا عن السلام هذه الايام ولايؤمنون به واقعا ، الى من يثرثرون بالسلام كثيرا وفي اياديهم سلاح منفلت ومواز ومؤدلج عبارة عن سم زعاف وموت زؤام لكل الانام ، الى الذين يتحدثون عن السلام وتحت اقدامهم جماجم وهياكل وعظام ..الى الذين يتحدثون بالسلام وكل ما حولهم وحيثما جلت ببصرك جوع وبؤس ، ظلم وفساد ، فاقة وحرمان ، ركام وخراب ودمار وحطام !
واقول ان السلام الحقيقي هو أن يكون قولا وفعلا وتقريرا ..مخبرا وجوهرا ..ظاهرا وباطنا ..سجية وخلقا ..منهج حياة متكامل من شأنه أن يجعل المجتمعات آمنة مطمئنة هادئة متحابة ومتآلفة،أما ان تحدثني بالسلام العالمي ثم تلقي فوق رأسي اطنانا من اليورانيوم المنضب والفسفور الابيض والنابالم والعنقودي والبراميل المتفجرة ..أن تحدثني بالسلام الدولي ثم تغرق بلادي بقروض البنك الدولي وصندوق الحقد الدولي الربوية ..ان تحدثني بالسلام وتحاصرني اقتصاديا وتسرق ثرواتي وتنهب خيراتي لتميتني جوعا ..تحدثني عن السلام ثم تفرض علي عقوبات دولية مجحفة ..ان تحدثني بالسلام الاممي ثم تمنع عني الدواء والغذاء …ان تحدثني بالسلام الانساني ثم تمنعني من اعادة تأهيل مصانعي التي اوقفتها وحوسمتها ، اعمار ارضي التي دمرتها وصحرتها ، استصلاح مزارعي وبساتيني التي احرقتها وجرفتها وصادرتها ، اثاري التي دمرتها وهربتها ، فعن اي سلام تتحدثون يا بشر ، ولعلكم اخطأتم التعبير فأستبدلتم حاء آخر السلاح تمويها فصارت ميما ، او لعلها سقطت سهوا يوم غدى الـ ” سلاح ” وبعد استبدال حائه ميما ..سلاما وماهو بسلام حق ، واي سلام هذا وصوت الرصاص يلعلع في كل مكان بوجود القنوات الفضائية المحرضة ، الاذاعات والصحف والمجلات المغرضة ، المنصات والصفحات المغربة أوالمشرقة ، على من يديرها من الذباب الالكتروني الحاقد والمأجور والخبيث النافخ في نار الفتن والمحن ليؤججها كلما خمدت نيرانها ،وانطفأت جذوتها ، وخبى اوارها ، تماما كالوزغ ، ابو بريص ، سام ابرص ،على النار التي أوقدت تحت – ابو الانبياء إبراهيم عليه السلام – لولا ان الله تعالى حماه وقال عز من قائل وأمره بين الكاف والنون ، اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون ” يانار كوني بردا وسلاما على ابراهيم “، واختم رسالتي لمدعي السلام المزيف على حساب الدعوة الى السلام الحقيقي في كل زمان ومكان ،وبالعامية “اذا كان سلامكم هشكل ..لعد حربكم الضروس شلون ؟!”، ويانار كوني على العراق والعراقيين وعلى كل بلاد العرب والمسلمين بردا وسلاما. اودعناكم اغاتي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here