((المدنيين الديمقراطيين)) والانتخابات المقبلة؟

((المدنيين الديمقراطيين)) والانتخابات المقبلة؟

عبدالله عطية شناوة

سنفترض جدلا أن الإنتخابات البرلمانية التي ستجريها سلطة الأحزاب الإسلامية في العراق، ستتم في أفضل ما يمكن من حيث الظروف، ومن حيث قواعد الإنتخاب، وحيادية السلطة المنظمة له، ونزاهة مجرياته. فمالذي يمكن أن تحصل عليه القوى العلمانية التي تقرر المشاركة في العملية الإنتخابية؟

مجريات الأحداث منذ بدء الحراك التشريني عام 2019 تبين بجلاء أن خيارت الناخب العراقي تبنى على أساسين متضادين. الأساس الأول هو ذلك الخيار التقليدي المعتمد من قبل الغالبية، منذ أول إنتخابات أجريت بعد الغزو الأمريكي للعراق، أي الإنتخاب على أساس الإنحيازات الدينية والطائفية والإثنية والعشائرية، والذي أفضى الى الوضع الكارثي الراهن للعراق. الأساس الثاني، هو الذي عبر عنه الجيل الجديد من الشبيبة التي كفرت بتلك الإنحيازات، وعبرت عن تطلعها الى وطن يتسامى عليها ويتجاوزها الى خيار المواطنة، والذي عبر عنه الشبيبة في حراكهم بشعار: (( أريد وطن )).

ولا ريب أن الفصائل العلمانية التي تطلق على نفسها تقية أسم (( القوى المدنية الديمقراطية )) تبني آمالاها على أصوات شبيبة الحراك التشريني، لكن الواضح أن مثل هذه الآمال لا أساس لها، فشبيبة الحراك التشريني فقدت ثقتها بالكامل في منظومة السلطة التي تقودها أحزاب المليشيات، وبكل ما ينتج عنها، وسيقاطع الجسم الأكبر من جمهور الحراك أية إنتخابات تجريها السلطة التي أنعدمت ثقته بها.

ــ فمن سيصوت لـ (( المدنيين الديمقراطيين ))؟

ــ ستصوت لهم ذات الأوساط التي اعتادت منحهم أصواتها في الدورات الإنتخابية السابقة، ناقص ذلك الجزء الذي أقتنع بوجاهة مقاطعة الشبيبة للإنتخابات، وناقص أيضا أعداد من توفوا من المخلصين للفصائل (( المدنية الديمقراطية )) نتيجة الشيخوخة، وهم مسنون في الغالب، ومن رحلوا بفعل مفاعيل جائحة كورونا.

وإن صحت هذه الرؤية، فأن على (( المدنيين الديمقراطيين)) أن يشعروا بارتياح إن هم تمكنوا من الحصول على مقعد أو مقعدين برلمانين لا قيمة لهما، ولن يسمع صوت شاغليهما وسط ضجيج ممثلي أحزاب الإسلاموية. ومثل هذا الإحتمال شبه المؤكد يضع الفصائل (( المدنية الديمقراطية )) عند بحثها لموضوع المشاركة في الإنتخابات أمام خيارين: أما مشاركة شبيبة الحراك التشريني في الإعراض عن انتخابات معروفة النتائج سلفا، أو المشاركة فيها، والخيار الأخير يعني إفتراقا عن الحراك التشريني وجمهوره، وإنحيازا ضمنيا للمنظومة الفاسدة التي تستخدم الإنتخابات للتوشح بوشاح من الشرعية الزائفة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here