اصلاح النفس وجهادها قبل اصلاح الاخرين

اصلاح النفس وجهادها قبل اصلاح الاخرين

ان سنة الحياة التي فطر الله الناس عليها ان يبدا الانسان اي تغيير اصلاحي من نفسه اولا. فمجاهدة النفس واصلاحها هي الجهاد الاكبر. فالفكر الاصلاحي على مر التاريخ يبدا من شخص فمجموعة صغيرة ثم ينتشر افقيا ليغير المجتمع. هذا ما حصل منذ بداية الخليقة اذ خلق الله ادم ثم زوجته ثم جاء اولاده فتكاثروا وانتشروا في انحاء الارض. ثم بعث الله المرسلين من نوح وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد.
اان اي تغيير واصلاح يبدا على الدوام بتبني اهداف اجتماعية سامية من خلال رسالات الانبياء والمصلحين. فرسالة الاسلام اعتمدت على معايير اخلاقية اجتماعية رفيعة كالعدالة والحرية والكرامة والتكافل الاجتماعي. لقد جسد رسول الله من خلال سنته المثل الاعلى في الاستقامة “ولكم في رسول الله اسوة حسنة”. لقد كان يتعبد بقيام الليل لكنه لم يامر المسلمين به. ويتصدق بحيث غالبا ما لا يجد طعاما في بيته فيقول اللهم اني صائم. لكنه لا يفرض على الاغنياء وبقية المسلمين سوى نصاب الزكاة. كان لا يامر امرا قرانيا او نبويا الا حينما يطبقه على نفسه وعلى اهله. على الرغم من انه خير البشر عند الله لكنه عاش بالكفاف وقاتل الاعداء وجرح واوذي كثيرا.
تبنى هذه المبادئ اول الامر من بعده زوجته خديجة التي كانت له خير معين. فضحت بمالها ونفسها في سبيل الإسلام طيلة اكثر من عقد من الزمان. وقضت اخر حياتها في الحصار الاقتصادي والاجتماعي الذي فرضه مشركي قريش على رسول الله وقبيلة بني هاشم لثنيهم من مساندة رسول. فابو بكر الصديق وعلي بن ابي طالب اللذان كادا ان يضحيا بحياتهما كل من موقعه فداء للاسلام وطاعة لرسول الله. واستقامة مواقف عمر الفاروق التي انعكست من خلال خلافته العادلة التي اعتبرت فخرا وعزا للدولة الاسلامية القوية. وغيرهم من بقية الصحابة الذين بذلوا مهجهم لاحقاق الحق.
كانت اسس الرسالة متينة منطقية مبدئية لجميع الناس العربي والاعجمي الرجل والمراة الغني والفقير. كانت منذ بدايتها ترفض النعرات العشائرية القومية العرقية المناطقية. كانت تعتمد على اخلاص ونزاهة وعمل وعلم المسلمين وتكامل بعضهم مع البعض الاخر. فاصبحوا امة تنادي بتوحيد الله والعبودية له وحده وبالتالى اصبحوا احرار امام زخرف الدنيا وزينتها وما فيها من ملوك وجبابرة. امة تعمل وفق مكارم الاخلاق قولا وعملا وتنشر العدل والسلام في ربوع الارض من مشرقها الى مغربها.
ان قوة الرسالة اهتمامها بالحياة اليومية للفرد المسلم وتوجيهه وتهذيبه في تقديم المصلحة العامة على المصلحة الشخصية. فلا الفرد يهيمن على الدولة من خلال شركاته وجاهه وحزبه وطائفته كما هو حاصل اليوم في الدول الغربية الراسمالية او التي تسير على هداها من الدول العربية كالعراق والسعودية والامارات. ولا الدول تلغي دور الفرد كالدول الشمولية الدكتاتورية كالصين وروسيا واذنابهما من العرب.
اما الاسلام فتعتبر التضحية بمثابة عبادة يتقرب بها المسلم الى الله وفق حديث رسول الله القائل لا يؤمن احدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه. اي ان الانانية وحب الذات امر غير محمود ويجعل بني ادم في مصاف الشيطان الذي تكبر على ادم واحتج على رب العالمين بان افضل من ادم لان الله خلقه من نار وخلق ادم من طين.
كما ان الحديث النبوي يشرح دور اي مسلم في بناء الامة او الوطن الواحد فيقول رسول الله مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. الاسلام يعطي قيمة كبرى للعضو في ذلك الجسد الاسلامي ويدعوا الى نصرة ذلك العضو لان المتاهل من علاجه سيضعف الجسد ويمزقه.
الدكتور نصيف الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here