ربع مليار دينار مقابل نصب برج الكهرباء في أراضي بعضها حكومية أو يسقط بالعبوات

بغداد/ تميم الحسن

يقف تحالف بين داعش ومجموعة من عشائر وشخصيات مسيطرة على أراضي زراعية وراء الهجمات المتكررة على ابراج الطاقة والتي تصل احيانا تكلفة إصلاح البرج الواحد إلى اكثر من 20 مليون دينار.

ويكسب التنظيم من ضرب خطوط الكهرباء إغراق المدن بالظلام وتهريب عناصره أو شن هجمات إرهابية، بينما تحصل عشائر ومزارعين بتخريب الابراج على امتيازات وتعويضات بمبالغ تصل احيانا الى نحو 50 مليار دينار. وتتسبب عمليات الإضرار بابراج الكهرباء بخسائر آلاف الميغاواطات والتي قد تغذي لوحدها محافظة كبيرة مثل البصرة.

وتقول مصادر مطلعة في العاصمة لـ(المدى) ان “رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي امر باعتقال احد سكان منطقة الراشدية، شمالي بغداد، بسبب اسقاط برج للطاقة”. وانفجرت عبوة ناسفة، مطلع الاسبوع الحالي، على أحد أبراج نقل الطاقة الكهربائية في منطقة الراشدية في بغداد ما تسبب باضرار كبيرة بالبرج الناقل.

وكشف رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الثلاثاء، عن إلقاء القبض على عدد من المتهمين بتفجير أبراج نقل الطاقة الكهربائية، مشدداً على أن حكومته لن تتهاون مع من يحاول تهديد أمن البلاد.

وقال الكاظمي خلال الجلسة الأسبوعية لحكومته، إن “هناك محاولات تخريبية لتفجير أبراج نقل الطاقة الكهربائية، وتمكنا من إلقاء القبض على عدد منهم”، مشيرا إلى أن “هذا الأمر لن يتم التساهل معه باعتباره يمس الأمن الوطني العراقي”.

مزارع الراشدية

ومن المفترض أن يمر خط ناقل إلى محطة توليد جديدة عبر الراشدية ستوفر للعاصمة تجهيزا أكبر.

ويقول النائب أمجد العقابي، عضو لجنة الطاقة في البرلمان لـ(المدى) ان “محطة استثمار بسماية ستضيف 1500 ميغاواط الى المنظومة الكهربائية لكن المشكلة في مزارع الراشدية”. ويشكل الرقم المضاف الى الطاقة الكهربائية اكبر من نصف حاجة واسط التي تحتاح الى 540 ميغاواط، ونحو اغلب حاجة البصرة وهي من اكبر مدن العراق والتي تحتاج الى 2100 ميغاواط.

واكملت المحطة (بسماية) جميع اعمالها بينما تنتظر اكتمال خطوط النقل والابراج. ويضيف العقابي: “من المفترض ان يضاف التجهيز الجديد في الصيف لكن بعض السكان يتصرفون بانانية”.

لكن الامر في الراشدية ومناطق اخرى يبدو أكبر من رفض شعبي، حيث تشير المصادر المطلعة الى ان هناك “ابتزاز للحكومة” في الحصول على تعويضات مقابل السماح بوضع أبراج الطاقة.

أضخم قيمة تعويض

وفي الأعوام بين 2006 و2010 حصل مسؤول كبير في الدولة على تعويضات وصلت الى نحو 50 مليار دينار، بسبب مرور ابراج الطاقة في أراض يسيطر عليها هو واقاربه في اطراف بغداد.

وبحسب تسريبات وصلت لـ(المدى) ان قيمة مجموع الأراضي التي مرت فيها الأبراج لا تزيد عن “المليار دينار” في احسن الاحوال.

وتملك عشيرة المسؤول نفوذ كبير في الدولة، كما ان بعضهم لديه ارتباطات واسعة مع فصائل مسلحة.

وبدأت لعبة “ابتزاز الحكومة” بسبب مشاريع الطاقة في تزايد، حيث تؤكد المصادر المطلعة ان “اغلب الابراج التي تقع في مناطق نائية او تمر على أراضي زراعية تتعرض للمساومة”.

ابتزاز الحكومة

ويطلب بعض السكان القريبين الحصول على “تعيينات لافراد اسرته” مقابل حماية البرج رغم وجود البرج في مناطق تابعة للدولة!

ويضيف المصدر ان “تعويضات الاراضي الزراعية الصرفة (طابو) التي تنصب فيها ابراج تصل الى 250 مليون دينار على البرج الواحد، بينما التعويضات تكون اقل في اراضي العقود”.

ويتابع المصدر أنه، احيانا تضطر وزارة الكهرباء الى “حرف مسار نصب الابراج لكي تتجنب الدخول في الأراضي الزراعية الصرفة الى المؤجرة بعقود لتقليل حجم التعويضات”.

ومن المفترض ان العقود الزراعية هي أراضي تابعة للدولة تمنح للاشخاص لغرض الزراعة وليس الاستملاك.

وفي العادة تقوم وزارة الكهرباء بتأمين ابراج الطاقة عن طريق القوات الامنية، لكن “اتساع الابتزاز” وتفجير الابراج “يجبر الحكومة” على قبول الصفقة مع عشائر او مزارعين.

وفي مطلع العام الحالي اكد محافظ الأنبار علي فرحان الدليمي، وجود اتفاق أمني لحماية أبراج الطاقة الكهربائية.

وكانت عمليات تخريبية متعددة جرت في غربي الانبار استهدفت ابراج نقل الطاقة، يعتقد ان وراءها “داعش” او تنافس بين بعض العشائر للحصول على امتيازات.

وقال الدليمي في تصريح للوكالة الرسمية، في شهر كانون الاول الماضي إنه “تم الاتفاق مع العشائر والحشد الشعبي والجيش، لتسيير دوريات أمنية مستمرة مع الخط الناقل للكهرباء”، داعياً “شرطة الطاقة إلى أخذ دورها على الرغم من أن إمكانياتها لا تكفي لتوفير الحماية في عمق الصحراء”. وبين أن “المسافة طويلة للخط الناقل للطاقة الكهربائية، التي تمتدّ من 100 إلى 150 كم”.

وكان مسؤولون في الانبار، اتهموا عشائر وبعض المتنفذين، بإسقاط الابراج بسبب “تنافس” على عقود الحماية، وهي رواية قد تنطبق على احداث جرت في جرف الصخر وهجوم في جلولاء استهدف ابراجا للطاقة في وقت سابق.

جماعات التخريب

واستخدم يحيى رسول، المتحدث العسكري باسم الحكومة، عبارة “جماعات خارجة عن القانون” في وصف المسؤولين عن اسقاط ابراج جرف الصخر، بحسب ما نقلته وسائل اعلام محلية. وكانت اصوات انفجارات قد سمعت في قضاء المسيب القريبة من الجرف في كانون الثاني الماضي، فيما قالت الحكومة إنه هجوم بـ”عبوات” ضد ابراج الطاقة. وتزامن مع هجمات مماثلة جرت في مناطق اخرى في شمال بغداد، تسببت بانهيار ابراج الكهرباء في 3 محافظات وهي: الانبار، ديالى، وكركوك. ويعتقد مسؤولون ان “داعش” يقوم بأعمال تخريبة لضمان تنفيذ هجماته في “مدن مظلمة” بعد تعطيل الطاقة الكهربائية، فضلا عن تهريب عناصره في تلك الاجواء.

ومساء الثلاثاء كانت “جماعات تخريبية” بحسب ما وصفها عضو لجنة الطاقة في البرلمان امجد العقابي، قد تسببت بخسارة العراق مايقرب من 250 ميغاواط، بتفجير ابراج في ديالى.

واشار العقابي الى ان “اصلاح البرج الواحد يتطلب يوما واحدا لكن يكلف ما بين 6 ملايين و25 مليون دينار بحسب حجم الضرر”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here