ليس لمسلمي الغرب واحراره الا الاعتماد على الله وأنفسهم

ليس لمسلمي الغرب واحراره الا الاعتماد على الله وأنفسهم

ما اجمل وافضل واروع ان نصلح عيوبنا نحن العرب المسلمين في الغربة التي تحولت الى وطن. فقبل اصلاح الاخرين علينا ان نعيد بناء انفسنا من جميع النواحي لا سيما المعاملات. ان مراقبتنا للاخر وتنصلنا عن مسؤولياتنا الذاتية بل وتزكيتها هي سبب تاخرنا وتخلفنا. ينبغي اذن مراقبة تصرفاتنا واعمالنا واقوالنا وننصح انفسنا قبل نصح الاخرين. ان هذا المرض العضال يشمل جميع القطاعات لا سيما الدينية والسياسية.
فكم من مرة نجد رجل يقرع وينتقد اخيه المصلي الذي جنبه ويقول له ان صلاته غير صحيحة. لانه كان مسبل اليدين او لانه لم يركع طويلا او يسجد او كان قيامه سريعا الخ. نرى سابقا في الشارع الفرنسي شباب يلبسون الدشداشة البيضاء القصيرة مع لحية طويلة يتصرفون مع الفرنسيين بازدراء واحتقار لانهم غير مسلمين. في حين نراه يتسابق في اخذ المساعدات الاجتماعية المالية الشهرية من دولهم. انه النفاق والدجل والوقاحة وقلة الادب ونكران الجميل. الحمد لله وبعد انحسار ثقافة اسلام دول النفط الغنية انحسر معهم هؤلاء المنتمين الى الاسلام بالاسم فقط. لقد ظهر جيل متعلم عارف لدينه ودنياه يعرف قواعد اللعبة الغربية الاجتماعية والسياسية والاجتماعية.
من الصحيح ان ظهير المسلمين في الدول العربية كبغداد ومكة والقدس وغيرها مكشوف او منتهك او محتل لكن التاريخ علمنا بان حمل وانتصار المبادئ السامية كالايمان بالله والعدالة والامانة والاخلاص والتسامح قيم لا تعتمد على عدد الاشخاص ولا تحتاج الى دول قوية او جيوش مجيشة او ردع نووي. فقد كان ابراهيم امة كما قال فيه القران الكريم “ان ابراهيم كان امة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين”. كما ان بقية الانبياء والرسل قد غيروا مسار التاريخ لا سيما نبي الله موسى ونبي الله عيسى عليهما السلام. ثم جاء خاتم الانبياء محمد صلى الله عليه وسلم لتغزوا رسالته الاسلامية العالم وتنتشر لتبناها اليوم اكثر من ملياري مسلم.
اما في عصرنا الحالي فلا يزال المسلمون الصادقون العدول وحدهم يحملون راية التوحيد. فسطروا بانتفاضاتهم وثوراتهم ضد الظلم والطغيان والاستعمار امجاد وصفحات مشرقة لانتصاراتهم من خلال ثورة الجزائر او ايران او مقاومة الاحتلال البريطاني او الامريكي في العراق دون نسيان جهاد عمر المختار في ليبيا او عبدالكريم الخطابي في المغرب. هناك مجاهدين غير مسلمين انقذوا او حاولوا انقاذ بلدانهم من العبودية الى المستعمرين كنيلسن موندلا وجيفارا وهوتشي منه وغيرهم.
بقت وستبقى المبادئ الاخلاقية السامية على المدى البعيد اقوى من قرقعة السلاح وهيمنة القوى المادية غير الشريفة على المشهد العالمي. ليس على قوى الخير غير تنظيم انفسهم والتعاون بين قواهم الحية والتحلي بالصبر والمصابرة. ان قوى الشر زائلة لا محالة وستنهزم وتقوض قواها من داخلها. هكذا تقول لنا السنن الالهية “وتلك الايام نداولها بين الناس”. او قول الشاعر العربي ما طار طير وارتفع الا كما طار وقع.
من الصحيح ان الله تعالى قال في كتابه للمؤمنين “واعدوا لهم ما استطعتم من قوة”. لكن الظروف الدولية التي نمر بها والصراع العسكري الاقتصادي للهيمنة على مصادر القوة في العالم من ثروة معدنية وصناعية وزراعية تجعل اللحاق بمنافسة تلك القوى من قبل المسلمين صعب للغاية. لا سيما وان سيادة وسيطرة وكلاء المستعمرين الامريكان او الروس المسيطرين على زمام السلطة في الدول العربية اصبحوا واضحوا وامسوا وباتوا عائقا كبيرا لاي تطور اقتصادي او اجتماعي او عسكري. نتيجة لذلك فان البنية الاجتماعية والاقتصادية هشة ولا تحتمل منافسة اي قوة. لذا فان افضل الحلول المتاحة الان العودة الى اصلاح الذات والاقربين وترك تنافس الطغاة المتغطرسين امريكا وروسيا والصين وغيرهم لله رب العالمين.
فمثلما اربك الله حركة الاقتصاد العالمي بمكروب لا يرى بالعين المجردة كوفيد-١٩ او كورونا لقادر ان يفعل اكثر واكبر مما حصل ويحصل الان. ما علينا الا ان نصبر ولا نياس من رحمة الله ونترك المعارك الاقتصادية او السياسية او العسكرية بين الظالمين انفسهم ونتمنى من الله ان يخرج العدول المخلصين المستقيمين من بينهم سالمين.
الدكتور نصيف الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here