القاضي منير حداد
(1)
بيت رحمة
أطلق مؤرخو الاسلام، على مطلع شعبان عيد ولادة الاقمار الثلاثة.. قدوة في العلم والشجاعة والايمان، التي تجلت متكاثفتة في الجهاد المطلق، بواقعة “الطف 61 هـ” .
دوحة رسالية تحقق قول النبي محمد.. صلى الله عليه وآله: “نحن بنو عبد المطلب ما عادانا بيت إلا وخرب” لذا فإن من إتبعهم نجا في الدنيا والآخرة، ومن عاداهم له ضعف من العذاب ولكن لا تعلمون.
(2)
ثار الله
ولد الامام الحسين بن علي بن ابي طالب، في المدينة المنورة 3 شعبان 4 هـ، وإستشهد ودفن في كربلاء 10 محرم 61 هـ، إماما معصوما للمسلمين مدة عشر سنوات، نشأ في كنف جدّه رسول الله، مقتبسا من فيض علمه، حتى قال.. صلى الله عليه وآله: “حسين مني وأنا من حسين” لينتقل إلى مدرسة والده علي بن أبي طالب، مقتدياً نهجه مدّة ثلاثين سنة، في حفظ الدين وإدارة
شؤون الأمة ومشاركة والده حروب الجمل وصفين والنهروان.. عاش صلح معاوية، ملتزما موقف الحسن.. إماما معصوما، لكنه عبّر عن موقفه عندما آلت الإمامة إليه؛ فآثر إنقاذ الاسلام من الضلال الأموي، بواقعة “الطف” التي فتحت بوابة الثورات في العالم من خلال صيحة “لا” بوجه الطغيان.
(3)
قمر الهواشم
أنار العباس بن علي بن ابي طالب، صميم النسب العلوي، ليلة الرابع من شعبان 26 هـ.. أبوه علي.. عليه السلام، وأمه فاطمة بنت حزام بن خالد.. أم البنين، لقب العباس بأبي الفضل، وقمر بني هاشم، والسقّاء، وبطل العلقمي، وحامل اللواء، وكبش الكتيبة، والعميد.
من مآثره التي تعطي درسا أزليا بالأخوة الحقة، رفضه الامان الذي منحته له وإخوته الاربعة، قبيلة أخواله المنتظمة في جيش يزيد، ليلة “الطف” مختارا الموت نظير الحياة، ولم يتبرأ من أخيه.
(4)
طويل السجدة
تبدأ سيرة الامام علي بن الحسين من شاه زنان بنت يزدجرد أنوشروان.. آخر الأكاسرة، واسمها بالعربية “ملكة النساء” لقبت بـ “سلافة”.
منقطع الى العلم والعبادة، حاملا لقبين بهذا المعنى: زين العابدين والسجاد.. ولد يوم 5 شعبان 38 هـ وإستشهد على يد الوليد بن عبد الملك، ودفن في البقيع يوم 25 محرم 95هـ أمام على مدى خمس وثلاثين سنة.
عاش واقعة الطف وله إثنتان وعشرون عاما، نجا منها لمرض طرحه في الفراش.. لا يقوى على حمل السلاح.
من علاماته الخالدة على صفحة التاريخ، مقدمه للطواف حول الكعبة، والناس تفتح له الطريق مسلمين ينحنون للثم كفه تبركا، بينما الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك، يقتعد كرسيا.. على جنب.. بإنتظار خلو صحن الكعبة من الطائفين؛ الذين لم يبالوا به ولا بحرسه فيوسعون له، لتلمس الحجر الاسود.
أنكر هشام معرفته بإزدراء، فإنبرى همامُ بن غالب الدارمي التميمي.. المعروف بالفرزدق، يرده: “يا سائلي اين خل الجود والكرم.. عِنْـدِي بَـيَـانٌ إذَا طُـلاَّبُـهُ قَـدِمُـوا.. هَذَا الذي تَعْـرِفُ البَطْـحَاءُ وَطْـأَتَـهُ.. وَالبَـيْـتُ يَعْـرِفُـهُ وَالحِـلُّ وَالحَـرَمُ.. هَذَا ابْنُ خَيْرِ عِبَادِ اللَهِ كُلِّهِمُ.. هَذَا التَّقِيُّ النَّقِيُّ الطَّاهِرُ العَلَمُ.. لَوْ يَعْلَمُ الرُّكْنُ مَنْ قَدْ جَاءَ يَلْثِمُهُ.. لَخَرَّ يَلْثِمُ مِنْهُ مَا وَطَي القَدَمُ.. إذَا رَأتْهُ قُرَيْشٌ قَالَ قَائِلُهَا.. إلَی مَكَارِمِ هَذَا يَنْتَهِي الكَرَمُ.. وَلَيْسَ قُولُكَ: مَنْ هَذَا؟ بِضَائِرِهِ.. العُرْبُ تَعْرِفُ مَنْ أنْكَرْتَ وَالعَجَمُ.. لاَ يَقْبِضُ العُسْرُ بَسْطاً مِنْ أكُفِّهِمُ.. سِيَّانِ ذَلِكَ إنْ أثْرَوْا وَإنْ عَدِمُوا”.
(5)
ملهمو هدى
يتعلم التقاة من سيرة الائمة المعصومين؛ تفسيرا عمليا لآيات القرآن وتعاليم الاسلام، ففي شخص الحسين تعريف ميداني للإسلام الثائر، ويترتب فهم إجتماعي لشجاعة وفاء الأخوة، في شخص العباس، أما سيرة زين العابدين، فتنضح علما وأداءات بدنية لفروض الاسلام.. فطابت أقمار علي الثلاثة التي أضاءت من صلبه الى فضاءات المجتمع مطلع شعبان الخير كل عام.
هذه الصفات مجتمعة يحتاجها مجتمعنا حاضرا؛ لتدعيم أركان المستقبل.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط