اعتقاد مفتي الشافعية السني  الحصكفي بالمهدي ع وقوله بغيبته،

 الدكتور مروان خليفات
يحيى بن سلامة الحصكفي ( ت553هـ)  (الشاعر الفقيه المشهور)
من كبار الشافعية ( كان إماما في علوم كثيرة من الفقه والآداب ، ناظما ناثرا) ( وكان إماما في كل فن)
البداية والنهاية ، ج 12 – ص 297 – 298، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة ، يوسف بن تغري بردي الأتابكي، ج 5 ، ص 328
تعددت عبارات وصفه، وكثرت جمل الثناء والتبجيل لعلمه وشخصه، فمما قيل فيه : ( الأديب أبو الفضل يحيى بن سلامة بن الحسين الحصكفي الخطيب … علامة الزمان في علمه ، ومعري العصر في نثره ونظمه ، بل فضل المعري بفضله وفهمه …)
خريدة القصر وجريدة العصر، عماد الدين الكاتب الأصبهاني ( ت 597 ه) ج 2 ، ص 480 – 481
 ( أحد أفاضل الدنيا ، وكان إماما بارعا في قول الشعر جواد الطبع رقيق القول ، اشتهر ذكره في الآفاق بالنظم والنثر والخطب ، وعمر العمر الطويل ، وكان غاليا في التشيع ويظهر ذلك في شعره ، كتب إلي الإجازة بجميع مسموعاته بخطه في سنة إحدى وخمسين)
الأنساب للسمعاني ، ج 2 – ص 227
وصفه السبكي في طبقات الشافعية الكبرى بالأديب الفقيه وعده ابن الملقن من أصحابهم الشافعية الفقهاء.
وقال الذهبي : ( الحصكفي الامام العلامة الخطيب ، ذو الفنون ، معين الدين ، أبو الفضل ، يحيى بن سلامة بن حسين بن أبي محمد عبد الله الديار بكري الطنزي الحصكفي ، نزيل ميافارقين . تأدب ببغداد على الخطيب أبي زكريا التبريزي ، وبرع في مذهب الشافعي ، وفي الفضائل…)
نظم هذا الفقيه الكبير قصيدة ذكر فيها الأئمة الأثني عشر ع، بما فيهم محمد بن الحسن العسكري ع، وذكر أنهم حجج الله على عباده، وأن هذا معتقده.
ذكر هذه القصيدة ابن الجوزي الحنبلي ( 510هـ ـــــ597هـ) وهو ممن عاصره، ومما قال فيها :
( وسائل عن حب أهل البيت*** هل أقر إعلانا به أم أجحد
هيهات ممزوج بلحمي ودمي*** حبهم وهو الهدى والرشد
 حيدرة والحسنان بعده *** ثم علي وابنه محمد
 جعفر الصادق وابن جعفر*** موسى ويتلوه علي السيد
 اعني الرضا ثم ابنه محمد*** ثم علي وابنه المسدد
 الحسن التالي ويتلو تلوه *** محمد بن الحسن المفتقد!
فإنهم أئمتي وسادتي ***وإن لحاني معشر وفندوا
 أئمة أكرم بهم أئمة *** أسماؤهم مسرودة تطرد
 هم حجج الله على عباده*** وهم إليه منهج ومقصد
 هم في النهار صوم لربهم *** وفي الدياجي ركع وسجد
قوم أتى في هل أتى مدحهم*** ما شك في ذلك الا ملحد
 قوم لهم فضل ومجد باذخ*** يعرفه المشرك ثم الملحد
 قوم لهم في كل أرض مشهد*** لا بل لهم في كل قلب مشهد
 قوم منى والمشعران لهم *** والمروتان لهم والمسجد
 قوم لهم مكة والأبطح و الخيف *** وجمع والبقيع الغرقد
 ما صدق الناس ولا تصدقوا*** ما نسكوا وأفطروا وعيدوا
 لولا رسول الله وهو جدهم*** واحبذا الوالد ثم الولد
 ومصرع الطف ولا اذكره *** ففي الحشا منه لهيب موقد
 يرى الفرات ابن البتول طاميا ***يلقى الردى وابن الدعي يرد
 حسبك يا هذا وحسب من بغى*** عليهم يوم المعاد الصمد
يا أهل بيت المصطفى يا عدتي*** ومن على حبهم اعتمد
 أنتم إلى الله غدا وسيلتي *** وكيف أخشى وبكم اعتضد
وليكم في الخلد حي خالد *** والضد في نار لظى يخلد )
 المنتظم في تاريخ الأمم والملوك، ج 18 – ص 130 – 131.
ذكر هذه القصيدة غير واحد من أهل التاريخ دون طعن وانكار. منهم ابن كثير في البداية والنهاية، ج 12 – ص 297 – 298 والباعوني الشافعي في جواهر المطالب في مناقب الإمام علي ع ج2 ص 308 و الجويني الفقيه الشافعي في سمط النجوم العوالي ج2 ص 409 وغيرهم .
ولأجل هذه الأشعار نسبوه للتشيع والغلو فيه، فقال فيه ابن الجوزي والسمعاني وابن كثير : (( وكان ينسب إلى الغلو في التشيع ) وقال ابن الأثير وابن الدمياطي: ( وكان يتشيع )
وذهب الميرزا عبدالله أفندي من الإمامية إلى القول بتبصره، حيث قال  في ترجمته : ( كان من اكابر علماء الإمامية وأعاظم خطبائهم وشعرائها، وكان معاصرا للشيخ أبي علي الطبرسي …)
لكن الحصطكفي في تكملة قصيدته يقول :
( ولست أهواكم ببغض غيركم*** إني إذا أشقى بكم لا أسعد
فلا يظن رافضي أنني*** وافقته أو خارجي مفسد
محمد والخلفاء بعده أفضل*** خلق الله فيما أجد
هذا اعتقادي فالزموه تفلحوا*** هذا طريقي فاسلكوه تهتدوا
والشافعيّ مذهبي مذهبه *** لأنه في قوله مؤيد
اتبعه في الأصل والفرع معا *** فليتبعني الطالب المسترشد)
فهو ينسب نفسه في هذه الأبيات صراحة للشافعي فروعا واصولا، ، لكنه في الوقت نفسه يعتقد بالأئمة الإثني عشر ع ويسميهم واحدا تلو الآخر كما يفعل الإمامية، ثم يذكر عقيدته بالمهدي بن الحسن العسكري ع وغيبته، كما هو مفاد قوله: ( محمد بن الحسن المفتقد )
ولا يكتفي الحصكفي بذلك، حتى ينعت الأئمة الأثني عشر بأنهم حجج الله على عباده، ثم يشير لأضرحتهم المقدسة وفاجعة الطف ولهيبها المتوقد في قلبه.
 والذي ينبغي الاشارة إليه هو كيف ينسب الحصكفي  نفسه للشافعي في حين إن الشافعي لا يعتقد بالأئمة الإثني عشر وبالحجة ابن الحسن العسكري، ولم يقل أنهم حجج الله على البرايا، والشافعي (ت  204ه) كان معاصرا للإمامين السابع والثامن من الأئمة الإثني عشر، وهما الكاظم والرضا عليهما السلام، ولم يكن على تواصل معهما ولا روى عنهما أو رجع إليهما. وما كان يرى أنهما حجج الله على العباد، ومع هذا الافتراق بين رؤية الحصكفي وعقيدته وبين الشافعي، أقول إنه ليس بعيدا أن الحصكفي كان يتقي ويوري في كلامه، كما هو حال العديد من أعلام الجمهور.
على أن المقصود من المقال هذا ليس بحث استبصاره من عدمه، بل التأكيد على اعتقاده بالمهدي ع وأنه ابن الإمام الحسن العسكري ع وأنه غائب كما هو مفاد قصيدته . باختصار من : اضاءات مهدوية
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here