القوى الوطنية والحوار الوطني ( الأركان والشروط)

القوى الوطنية والحوار الوطني
( الأركان والشروط)
هذا المقال هو مختصر للورقة المقدمة الى مكتب رئيس الوزراء

ليث شبر

تنقسم القوى الوطنية وشخصياتها أزاء دعوة الحوار الوطني التي أطلقها مؤخرأ رئيس الوزراء الكاظمي مابين مؤيد لها ورافض وكلا الطرفين لهما أسبابهما المنطقية والرصينة.. أما شباب ثورة تشرين العظيمة فموقفهم هو الرفض المطلق لأي حوار مع المليشيات والأحزاب الحاكمة لأنهم يعتقدون بأن الحوار مع من قتلهم وخطفهم هو الطريق لوأد الثورة وتفريغها من أصولها وبلا شك هم محقون في ذلك..

في هذا المقال لن نناقش الطرف الرافض للحوار سواء من الشخصيات الوطنية أو من الثوار وإنما لنبين وجهة نظرنا التي نعتقد أنها ستكون مفيدة للحكومة إذا كانت جدية في دعوتها وللقوى الحاكمة إذا أرادت أن يستعيد العراق عافيته و استقراره لكي يعمل جميع من في الوطن على بنائه من جديد ولكي ننهض بإدارة وطننا وفق السيادة الكاملة ومعايير الكفاءة والنزاهة..

إن أي حوار وطني عراقي لن يأتي بثماره إن لم يعتمد على الأركان التي بسبب فقدانها فقد أغلب الشعب ثقته بهذا النظام السياسي الذي فشل في إدارة البلاد منذ 2003 واعترف بذلك حكامه وقيادات أحزابه ولم يستطع أن يقدم أي نموذج ناجح لقيادة المجتمع الى بر الأمان والرخاء والحرية على الرغم من تعاقب الحكومات فيه وتنوعها لأن القالب الذي أسست عليه جميع حكومات العراق منذ 2003 هو قالب محاصصاتي فاسد .

وهذه الأركان كلها سلة واحدة هي التي يجب أن تكون محاور الحوار

أولا.. الدستور

هناك مطلب شعبي وجماهيري بل حتى من بعض القوى الحاكمة ورئاسات الدولة بضرورة العمل على كتابة دستور جديد
وفي هذا المحور رأينا ثابت في كتابة دستور علماني لا يسمح بالتدخل الديني والطائفي والمحاصصاتي فيه ويعمل على وحدة العراق وتوزيع ثرواته على الجميع بعدالة ولا يفرق بين مكون وآخر ويكون أساسه مبدأ المواطنة وتكون فيه قيادة الأمة والمناصب على أساس الكفاءة والنزاهة..

ثانيا.. شكل النظام وبنيته الإدارية

يعتقد أغلب الشعب العراق بضرورة تغيير هذا النظام السياسي بالطرق السلمية و هناك من يذهب إلى أبعد من ذلك بضرورة تغييره بالقوة سواء من خلال تدخل دولي كما حدث مع النظام السابق أو من خلال انقلاب عسكري مدعوم بقوى شعبية أو بكفاح شعبي مسلح
ورأينا في هذا المحور إن المكسب الوحيد لما بعد 2003 هو الديمقراطية وعلى الرغم من أن الثلة التي حكمت العراق قد أسقطت كل شيء جميل في الديمقراطية واختطفتها وحملتها كل سوآتهم وعيوبهم فإننا نعتقد إن أي تغيير بالقوة سيودي بالوطن الى مثواه الأخير وسيقسمه شذر مذر لأننا جربنا سابقا التدخل الدولي والانقلابات ولم تكن نتائجها إلا ما نحن فيه اليوم من ظلم وظلام..

لذلك نحن نرى ان الاتفاق على مبدأ إرجاع السلطة للشعب وجعله يقرر بنفسه شكل النظام السياسي هو مدخل عظيم للحل وليس الأمر عسيرا اذا توافقت كل القوى على استفتاء شعبي عام يحدد شكل نظامهم السياسي سواء على مستوى الوطن أو المحافظات..

ثالثا.. السلاح المنفلت والمليشيات

لا يمكن إدارة البلاد بنظام ديمقراطي وهناك جماعات مسلحة تفعل ماتشاء وتقتل من تشاء وتضرب أنى تشاء وإذا كانت هذه الجماعات المسلحة قد أسست كياناتها المليشياوية بحجة مقاومة المحتل وكانت خارج السلطة فإنها اليوم توغلت في كل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وفي يدها المال والسلاح والإعلام وأصبحت في ظل هيئة الحشد الشعبي تتمثل بالشرعية لذلك فأي حوار لا يتضمن ايجاد الطرق الكفيلة بنزع هذه الشرعية وبسحب السلاح فلا قيمة إذن له.. والخطوة الأولى تتمثل في إلغاء هذه الهيئة لانتفاء الأسباب الموجبة وادخال منتسبيها في دورات تعليمية ومهنية وتوزيعهم على وزارات الدولة ومؤسساتها..

رابعا.. التغلغل الإيراني

منذ 2003 وإلى الآن عمل النظام الإيراني على التغلغل في العراق من شماله إلى جنوبه واستطاع كل هذه السنوات أن يسيطر سيطرة تامة على النظام السياسي في البلاد وأضحى أمرا طبيعيا أن أي رئيس حكومة لن يمر أو يصوت عليه إلا بموافقة إيرانية ومباركة أمريكية أو بريطانية مما أفقد العراق سيادته وقراره الوطني وعلى الرغم من كل محاولات القيادات الوطنية بالحد من هذا النفوذ المتغول فإن الإيرانيين استطاعوا أن يقضوا على أي فاعل سياسي مناوئ لهم..
إن أي حوار لا يضمن إنهاء هذا التغلغل وقص أجنحته بالطريقة التي يستعيد بها العراق هيبته وقراره الوطني فلا نفع فيه

خامسا.. الاحتلال الأمريكي

علينا أن نعترف بأن العراقيين لم يكن لديهم أي أمل في الخلاص من النظام السابق وجبروته لولا التدخل الدولي بقيادة أمريكا لكنهم لم يستطيعوا أن يؤسسوا لنظام ديمقراطي حقيقي وأعطوا المجال واسعا للمحاصصة منذ أيام مجلس الحكم وسمحوا للحثالات المريضة بتسنم المسؤولية والقيادة وكان المفروض أن يتم في أول لحظة اقرار قانون لبناء أحزاب وطنية وليس أحزاب طائفية ومكوناتية وعموما لانريد ان ندخل في هذا النقاش لكننا نعتقد بأن العراقيين قادرون على إدارة أمنهم بأنفسهم وإن التواجد الأمريكي هو العذر الذي يتشدق به من يزعم أنه مقاومة..
إننا نعتقد بضرورة تواجد قواعد أمريكية ثابتة في العراق لضمان استقراره ومنع التوغل التركي والإيراني بشرط أن يكون ذلك وفق قانون يصوت عليه الشعب وليس البرلمان وعلينا أن نستفيد من تجارب الكويت وقطر والسعودية والامارات وتركيا وألمانيا واليابان في موضوع القواعد وأن يدخل العراق طرفا فاعلا في التحالف الدولي ضد الإرهاب..

هذه هي الأركان والشروط لكي يكون الحوار الوطني هادفا ومثمرا والذي من خلاله سنكتشف من قتل وخطف شبابنا الثوار.. ومن يرفض ذلك فعليه أن يعلم جيدا أن هذه هي فرصتهم الأخيرة لعراق آمن مستقر متقدم ولكي لا تكون نهايتهم جميعا سحلا في الشوارع وإن الغضب الشعبي لن يزول بحيلهم وألاعيبهم فقد زال الغطاء وانكشفت عوراتهم فلعل الحوار بهذه الشروط سيحفظ ماء وجوههم.

فإن قبلوا بذلك فنحن حاضرون وإن رفضوا فعليهم إثمهم وإثم من وافقهم والله ينصر العراق لا محالة وإن النصر لقريب

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here