صورتان

صورتان :
كامل سلمان

صورتان شاهدتهما بأم عيني
الصورة الاولى : غابة صغيرة مليئة بالأحراش والادغال وانواع الحشرات الضارة والقوارض السامة من افاعي وعقارب وحيوانات مفترسة ، يتقدم اليها مجموعة من الشباب يحملون معهم المبيدات و تسندهم الجرافات والعجلات ، خلال ايام تتحول هذه الغابة الى ارض جرداء مستوية السطح ، ثم تتقدم مجموعة ثانية مصطحبة معها معدات البناء بكل اشكالها ، وبعمل دأوب ليلا ونهارا وخلال فترة وجيزة تحولت تلك الغابة الموحشة الى مستشفى يستقبل المرضى ويحيط بالمبنى حدائق ذات بهجة مليئة بالورود والزهور وفيها مايحتاجه الزائر من خدمات اساسية.

الصورة الثانية : في مكان آخر من هذا الكوكب ، مستشفى يقدم مختلف الخدمات للمرضى ، تتقدم اليها مجموعة بشرية فتخرب وتدمر وتهدم وتسرق المحتويات ، ثم تتقدم مجموعة ثانية لسرقة ماتبقى وحتى الطابوق لم يسلم من السرقة ، فيتحول هذا البناء الى ارض جرداء ، ثم تزحف اليها الزواحف والقوارض والكلاب السائبة والحشرات بأصنافها ، لتتحول الى مايشبه بداية الصورة الأولى .
المجموعات التي تقدمت بالصورة الاولى هم رجال ونساء ينظرون الى المستقبل والى مصير أجيالهم القادمة والمجموعات التي تقدمت بالصورة الثانية هم أناس ينظرون الى الماضي بكل مخلفاته السيئة … المجموعات في الصورة الأولى تغذوا من أفكار أنسانية نظيفة والمجموعات في الصورة الثانية تغذوا من أفكار شيطانية وسخة … اذا العلة تكمن في نوعية الغذاء الفكري الذي يتغذى منه الانسان ، فمن الغذاء مايبني ومن الغذاء مايهدم ، فهل نستطيع ان نختار الغذاء الفكري الصحيح الذي نغذي به عقولنا وعقول ابناءنا كي يسلكوا مسلك المجموعة في الصورة الأولى ولا تتكرر في حياتنا وحياة ابناءنا مآساة الصورة الثانية ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here