كان حلما ..وأصبح وهما

كان حلما ..وأصبح وهما
خالد القيسي
من الصعب على من تاه أمله
ان يكشف ضعفه لما أكثر ما يؤلمه
حتى غشاوة من الظلام نزلت على عينه
في غرفة المكتبة تسهر الى وقت متأخر لتنضد مقال لا يتعامل معه الآخرون كما ينبغي ، تشعر بالصدمة وترى نفسك لا تعرف لما تقول وما تقول لمشهد قد تراه غريب لاوراقك المبعثرة وغزارة عرقك ، قد تنسى لفترة تحاول التخلص من علاقة ما ترسم من صور عالقة في الذهن لا تلبي ما يدور في نفسك ، ولا تستجيب لمشاكل مجتمع غارق في السلبية ، فترمي همومك الى منفضة السكائر المليئة بالاعقاب والرماد ، وتتسعت الهوة بينك وبين هذه العلاقة بكل خطاياها وتحجب بستارة سوداء لا تجذبها رائحة الأرض الطيبة.
تتخدر يداك وتتراخى عن مسك القلم حين تبدء تنخر في افكارنا الكثير من الاوهام ونخاف من شيء مجهول من وضع بلاد مرتبك ، وكثرة مشاكله تجبرك للخروج والسفر الى اي من بلاد الله الواسعة تستوعبك في وضع جديد ربما لا يمكن إصلاحه بسهولة.
من الؤلم ان تبيع دارك ومكتبتك لجمع مال يساعدك في رحلة مجهولة تسبقها رحلة مكوكية على السفارات لفيزة الهجرة ، وتسأل نفسك عندما تطأ قدماك ارض غير ، هل انت لاجيء سياسي ام فار من العيش في متاهات بلادك ؟
اذا لم تكن مرتاح في بلادك ، فكيف في بلاد لاتعرف منها سِوى الهدوء والنظافة ، لا تعرف اللغة ولا العادات ولا التقاليد ، ولا ترى السعادة حتى في هذا الافق االمتاح مغطى بضباب يلف حركته ! ولذا طار الكثير من عصافير بلادي الحالمة الى بعيد وفزعت عائدة بما وجدت من مجتمع ذات شعور قاسي لتعود ادراجها الخائبة الى الداخل .
بعد ان تعقد طموحها واحست بالانكسار لتبقى طول عمرها تعانق الالم والضيق ، كان حلما .. واصبح وهما .. وليس امامها سوى الغوص في جحيم الوطن في صراع الخير والشر في عودة الى الفشل والايام العصيبة في ضربات قوية على الرأس ، أو عزلة اجتماعية بعيدة عن تناقضات الحياة التي توقعها في دوامة المشاكل.
يدرك الجميع ليس في العراق وحده لا تجري الامور حسب القانون ، وانما بلدان العرب عموما لم يفهم البعض ما الذي يجري ، نغضب وننفعل ونحس بخيبة كبيرة في تفعلنا مع الشخصيات والاحداث ولا نلوم الا انفسنا في عدم ازاحة الاحمال الثقيلة عن كاهلنا ، وهذا هو سر آهاتنا وسر أحزاننا.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here