التكامل السياحي العربي:

محمد علي البدوي

ليس من قبيل الصدفة تعالي الأصوات المطالبة بصيغة للتكامل والتنسيق السياحي بين دول العالم العربي.
فالعالم العربي يستحوذ علي اكثر من ثلثي آثار العالم إضافة الي القوة البشرية الرخيصة ولكن الأرقام تؤكد أننا لم نلتفت الي السياحة بشكل يضمن نهضتها واستمرارها.

قد تكون القوانين المختلفة هي السبب وقد يكون الاعتماد علي النفط يستحوذ علي اهتمام الدول العربية بغض النظر عن كونه صناعة غير مستدامة ولا تضمن لصحابها الاستمرار وذلك لأنه من الموارد التي تعتمد علي تقلب الأسعار ما بين ارتفاع وانخفاض.

اما السياحة فلا تحتاج إلي اكثر من رغبة صادقة ورؤية واضحة ومن ثم يكون كل شيء بعد ذلك هينا.

لو راجعنا كل ما يصدر عن المنظمات السياحية العربية لاكتشفنا أن معظم توصيات تلك المنظمات تؤكد ضرورة التكامل السياحي بين الأقطار العربية ولكن تظل هذه التوصيات حبيسة الادراج فالعرب لم يتوصلوا الي صيغة تكامل وتقارب اقتصادي حتي الان فما بالنا بالسياحة التي لا تأتي ضمن أولويات الخطط المستقبلية الموجهة لتحدي البطالة والفقر والقضاء عليهما.

وقد مارس الاستعمار أبشع جريمة في حق الشعوب العربية وهي إعلاء النزعة الاستهلاكية وحول العرب في المجمل الي شعوب مستهلكة لا تسعي لانتاج غذاءها وانعكس ذلك علي طرق التفكير التي تبحث عن الأسهل في كل مكان وبذلك افتقدنا روح العمل الجماعي بشكل أو بآخر وأصبح كل ما ننادي به من طرق التكامل مجرد أطروحات لا سبيل لتحقيقها.

لكن الواقع الحالي يفرض علي صانعي القرار في الوطن العربي من المشرق الي المغرب ضرورة الإيمان بالسياحة كطوق نجاة من التراجع الاقتصادي الذي يشهده العالم أجمع وكاحد اهم الحلول الممكنة لتعافي اقتصاديات بلادنا العربية.

التكامل لا يعني التنازل بل الاضافة والاستفادة المتبادلة بحيث يستفيد كل قطر عربي من إمكانيات اشقاءه العرب ويتحول العمل السياحي الي ما يشبه منظمة حقيقية علي ارض الواقع.

فنحن ورغم إمكاناتنا السياحية الكبيرة لم نصل الي العدد المقبول ضمن الدول المستقبلة للسياحة ورغم وجود بعض الطفرات الاستثنائية هنا أو هناك إلا أن المأمول مازال أكبر بكثير مما هو كائن الان.

ولو أردنا التكامل السياحي بحق لقمنا علي الفور بتوفير الجهود وتوجيهها نحو طريق وهدف واحد وهو وضع كل التصورات علي الطاولة وتدشين خطوات جادة لهذا التكامل المنشود.

بلادنا العربية وخاصة ذات العمق التاريخي الممتد عبر بوابة الزمن هي أشد البلدان احتياجا لموارد غير تقليدية ورؤية عصرية وتطبيق نموذج صناعة الحدث لكي تنطلق آفاق التنمية المستدامة لتحقق لشعوبنا الرخاء والأمن.

ولن يتحقق ذلك إلا من بوابة السياحة فهي وحدها (أو مع صناعات أخري) لديها القدرة علي توفير ملايين فرص العمل وبالتالي إيجاد فرص واعدة للإستثمار وبدلا من هروب رؤؤس الأموال الوطنية الي دول أخري تستفيد منها في مشروعات تخدم مواطنيها يتم استغلال هذه الأموال في صناعة تكسب دوما وتحقق الأرباح التي يبحث عنها كل أصحاب المشروعات.
ولابد لنا من وقفة عقلية مع انفسنا لكي نحلل أسباب تراجع التكامل السياحي العربي ثم إيمان راسخ بفوائده علي الجميع.

ولننظر لمنطقة الخليج العربي التي تكاد تكون وحدة جغرافية واحدة تفصلها حدود جغرافية بشرية،يسهل الانتقال بين دولها وتتعدد بها موارد الجذب السياحي المختلفة لتكون نموذجا من نماذج التكامل بكل خصائصه إن تم علي الشكل الأمثل.
فكل دولة من دول الخليج العربي تتمتع بمزايا تجعلها قادرة علي استيعاب نمط سياحي معين،فالعراق بلد الحضارة القديمة والآثار المتنوعة والإمارات بلد الفنادق العالمية المميزة والبحرين وعمان بلد السفاري وهكذا تجد ان التكامل يمكن أن يتم بشيء من المرونة ودون الخوض في تفاصيل يعرفها ويعيها المتخصصون.

ما يهمنا هو أن ينتبه عالمنا العربي الي ضرورة التكامل السياحي وان يفرض نفسه علي طاولة اجتماعات القادة العرب.
حفظ الله شعوبنا العربية

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here