الترجمة السمعية البصرية

ترجمة: هاشم كاطع لازم- أستاذ مساعد- لغة أنكليزية وترجمة [email protected]

تأليف: ديليا شيارو (2020) Delia Chiaro

يشير تعبير الترجمة السمعية البصرية Audiovisual Translation (AVT) الى نقل المكونات اللفظية في الأعمال والمنتجات السمعية والبصرية من لغة ألى لغة أخرى. وتمثل الأفلام الرئيسية والبرامج التلفازية والمسرحيات والأعمال الموسيقية والأوبرا وصفحات الشبكة العنكبوتية والألعاب الفيديوية بعض الأمثلة المنتقاة من مجموعة من المنتجات السمعية والبصرية الهائلة المتيسرة التي تحتاج الى الترجمة. أن الأعمال السمعية البصرية تنتج كي تسمع وتشاهد في الوقت ذاته مع أنها في واقع الأمر أنتجت كي تشاهد فنحن نتحدث عن (مشاهدة) فلم أو عرض ما أو حتى الأوبرا كما أننا (نشاهد) البرامج التي (تعرض) من على شاشة التلفاز. ومع أن الرموز اللفظية والبصرية في الأعمال السمعية والبصرية ترتبط أرتباطا وثيقا بحيث أن الكلمات تميل الى الأعتماد كثيرا على الأشياء المرئية فأن ترجمة تلك المنتجات تعمل وفق مستوى لفظي فحسب.

ولأن المواد السمعية البصرية تنتج لكل تشاهد أو تسمع في وقت متزامن فأن ترجمتها تختلف عن ترجمة المواد المطبوعة فالهدف الأساس من النصوص المكتوبة هو قراءتها من جانب القراء ، كما أن الصور الأيضاحية في الكتب والصحف والمجلات والدوريات مثل الصور الفوتوغرافية والرسوم البيانية والجداول تصاحب المحتوى اللفظي وترسخ معناه. من ناحية أخرى تعمل المحتويات اللفظية والبصرية للمنتجات السمعية البصرية بشكل وثيق بهدف خلق وحدة متكاملة ذات معنى.

والوسائل السمعية البصرية تتكون من رموز هائلة تتفاعل في مابينها لخلق تأثير واحد. فمن ناحية تتضمن المنتجات السمعية البصرية سلسلة من الرسائل اللفظية التي يتم أدراكها مستقبلا سمعيا وبصريا ففي المنتجات السينمائية على سبيل المثال وأضافة الى ماينطق به الممثلون المسرحيون فأن الجمهور ربما يستمع أيضا الى كلمات الأغاني في ذات الوقت الذي تطرح عليهم سلسلة من المعلومات المكتوبة مثل العلامات المرورية ولوحات الأعلانات والرسائل والملاحظات وغير ذلك. كما تشهد بداية البرنامج ونهايته عرض معلومات أساسية مكتوبة حول البرنامج مثل أسماء المخرج والمنتجين وشخصيات المسرحية وفريق الأنتاج. وعلى نحو

مختلف ،ومع مثل هذه المدخلات السمعية والبصرية واللفظية ، فأن المنتجات الفلمية تحتوي أيضا على تاثيرات صوتية غير (كلامية) وضوضاء في خلفية المشاهد وأصوات أخرى (مثل التنفس والضحك والصراخ وما الى ذلك) والموسيقى. وهناك معنى آخر تضيفه تعبيرات الوجه والأيحاءات والحركات والملابس وقصات الشعر والمكياج وغيرها. علاوة على ذلك ، تشكل المشاهد والألوان والتأثيرات الخاصة والمشاهد ثلاثية الأبعاد جزءا من كيان الفلم الكلي ، عليه يتعين على الترجمة السمعية البصرية أن تأخذ هذه المعلومات السمعية البصرية المتنوعة بعين الأعتبار آخذين في الحسبان أن هذه الصلة الوثيقة بين الرموز اللفظية والبصرية ربما تقيّد عملية الترجمة في الغالب.

1. الترجمة متعددة الوسائط

يتم أنتاج المنتجات السمعية والبصرية بأستخدام وسائل تقنية عديدة ، فقد درجت صناعة السينما على أستخدام الكاميرات والأشرطة السينمائية كما أن أستحداث الصفحات الألكترونية يقتضي أستخدام الحاسبات والبرامجيات الأختصاصية وما الى ذلك. وعلى نفس المنوال تقوم الوسائل التقنية المنوعة بالأستفادة من الكثير من المنتجات السمعية البصرية منها على سبيل المثال الشاشات السينمائية وأجهزة التلفاز والحاسبات والالعاب الفيديوية التي هي عبارة عن معدات يتم أستخدامها في العادة بهدف الأستفادة من المواد السمعية البصرية. علاوة على ذلك يمكن الحصول على المنتجات العلمية من الشبكات الأرضية أو الفضائية أو السلكية سواء كان ذلك بشكل قرص رقمي فيديوي DVD أو التفرع من حاسبة مربوطة بالشبكة العنكبوتية. ثم أن ترجمة مثل هذه المنتجات تتحقق من خلال وسيلة أو أكثر من الوسائل الألكترونية. من هنا يحصل التداخل مع تعبير (ترجمة الوسائل المتعددة) multimedia translation البديل والشامل. وفي ضوء الترجمة السمعية والبصرية فأن ترجمة الأفلام في أسفل الشاشة السينمائية (السترجة) subtitling يقتضي أستخدام برامجيات معقدة في ماتتطلب الدبلجة dubbing والأستعلاء الصوتي voice-over أستخدام مكونات محددة من الحاسب. أضف الى ذلك ، بأمكان المستخدمين الوصول الى تلك الترجمات من خلال الشاشات (أي السينما والتلفاز وشاشات الحاسبة). وهذا أدى الى التداخل مع تعبير آخر هو (ترجمة الشاشة) .screen translation

على أن الشاشات لاتستخدم في كل أنواع الترجمة السمعية البصرية حيث أن النتاجات المسرحية مثل الأفلام الموسيقية والأوبرا تمثل منتجات سمعية بصرية تتم تأديتها حية على المسرح. تجدر الأشارة أن الأوبرا تؤدى من خلال أستخدام اللغات الأصلية في مايتابع

الجمهور القصائد الغنائية المكتوبة من خلال الترجمة لنصوص تلك القصائد. كما يلجأ متحدثو اللغة التي تؤدى بها الأوبرا الى نص الأوبرا المكتوب libretto ليتسنى لهم فهم غناء الشخصيات حيث أن القصائد الغنائية ربما تكون عصية عل الفهم وذلك بسبب التشديد الصوتي الخاص والطبقة الصوتية والأيقاع التي تشكل تقاليد مثل هذا النمط من الأداء. لذا فأن نص الأوبرا المكتوب يقدم مثالا على الترجمات المتداخلة intralingual translations التي تتعلق بترجمة العلامات اللفظية الى نظام علامات مختلف في اللغة ذاتها (أنظر Jakobson 1959) على خلاف الترجمة المصنوعة interlingual translation التي تأخذ بعين الأعتبار التحول اللغوي بين لغتين مختلفتين. وفي وقتنا الحاضر أصبحت الأوبرا تترجم من خلال اللجوء الى وسائل تقنية متطورة للغاية مع أظهار الترجمة على خشبة المسرح بشكل ترجمة في أسفل الشاشة أو تقدم على شكل نصوص ألكترونية تظهر على الجزء الخلفي من مقاعد المسرح.

مرة أخرى ومع أن الكتب الفكاهية ليست سمعية بصرية تماما ، بمعنى أن القاريء لن يتمكن من الأستماع أليها، فأنها مع ذلك تماثل المنتجات السمعية البصرية وأن عملية ترجمتها تواجه قيودا مشابهة. والكتب الفكاهية تتكون من سلسلة من الصور المؤطرة وكذلك الحوارات المضمنة في الكلام و(الفقاعات الفكرية) المرتبطة بفم الشخصيات على نحو يثير حوارا حقيقيا.علاوة على ذلك فأن الكثير من اللغة التقليدية في الكتب الفكاهية لها نكهة سمعية متميزة متجسدة في الكلمات التي توضع في الغالب خارج أطار (الفقاعات) الكلامية مثل boom و vroom و zoink و zzzzzzzz. كما أن الأطر البيانية والحوارات تتوحدفي خلق قصة تتجلى تدريجيا على أرض الواقع وليس مثل قصة سينمائية.لذا وعلى الرغم من أن صور الكتاب الفكاهية تتسم بالجمود فأن بمقدور القراء أن يتخيلوا الكلام والضوضاء أثناء متابعة البنية المتعاقبة. وبذا يمكننا أن نضع هذه الكتب على السطح البيني بين النصوص المكتوبة ومنتجات الشاشة مثل الأفلام وألعاب الفيديو. ومن الأهمية التنويه الى أن هناك ثمة تقليد راسخ للشخصيات الفكاهية التي تطورت لاحقا الى أشكال سينمائية ومتحركة أو كليهما (مثل باتمان وسبايدرمان ألخ) في ماشهدت فترة أواخر القرن العشرين عملية توسع الكتب الفكاهية اليابانية التقليدية المسماة (مانغا) manga الى شكل كارتوني متحرك جديد عرف ب (أنيم) anime أزدهر في مابعد ليصبح صناعة عالمية منه ،على سبيل المثال ، (بوكي مون) Pokemon و (دراكون بول)Dragon Ball (كرة التنين) (أنظر زانيتين Zanettin ، 2008).

2. أشكال الترجمة السمعية البصرية

تمثل الدبلجة والترجمة المرئية أسفل شاشة السينما الشكلين الرئيسيين لترجمة الشاشة للأعمال الققصية الخيالية. لقد أنقسمت أوربا الغربية الى (كتلة الترجمة بشريط أسفل الشاشة) التي ضمت كلا من البلدان الأسكندنافية وبلدان البينيلوكس Benelux (بلجيكا وهولندا ولوكسيمبيرج) واليونان والبرتغال فيما شكلت البلدان المسماة (فيكس) FIGS (فرنسا وأيطاليا والمانيا وأسبانيا) كتلة الدبلجة. على أن الموقف في الوقت الحاضر لم يعد جليا مثل السابق فأنتشار تكنولوجيا الأقراص الفيديوية الرقمية DVD وأرتفاع تكاليف الترجمة أسفل الشاشة قد فسح المجال أمام هذا الشكل للدخول الى الكثير من معاقل الدبلجة ليكون بديلا لها. أضف الى ذلك أن الكثير من دور السينما في البلدان التي تتبنى الدبلجة تقدم في الوقت الحاضر عروضا سينمائية تستخدم فيها الترجمة أسفل الشاشة (السترجة) فيما يوفر التلفاز الرقمي للمشاهدين فرصة أختيار كلا الشكلين. وتقوم كيانات سياسية مثل ويلز وكاتالونيا وأقليم الباسك بأختيار الدبلجة لكونها توفر دعما للغات الأقليات (أنظر O’Connellأوكونيل ، 1996؛ أيزارد Izard ، 2000) في حين تقوم البلدان الأسكندنافية ، التي أعتادت على دبلجة البرامج التلفازية الخاصة بالأطفال فحسب ، بدبلجة بعض البرامج للكبار (أنظر غوتليب Gottlieb ، 2001)a. تجدر الأشارة أن الأقطار الناطقة باللغة الأنكليزية تميل الى تفضيل الترجمة أسفل الشاشة للأفلام الأجنبية المحدودة التي تدخل الى أسواقها والتي تقتصر على دور السينما التي ترتادها النخبة المثقفة (أنظر شيارو Chiaro، 2008 و 2009a). أما خارج أوربا فتحظى الدبلجة بأهمية خاصة في معظم أنحاء الصين واليابان وأمريكا اللاتينية ومقاطعة كويبك في كندا في ما تعتبر الترجمة أسفل الشاشة النمط المفضل في كل من أسرائيل وهونغ كونغ وتايلند.

3. الدبلجة

تهدف الدبلجة الى جعل الحوار المترجم يبدو وكأن الممثلين في اللغة الهدف ينطقونه من خلال (أستبدال الكلام الأصلي بمسار صوتي يواكب الحوار الأصلي في جوانب مثل التوقيت وصياغة العبارات وحركات الشفاه)(أنظر لوكن Luyken وهيربست Herbst ولانغام-براونLangham-Brown وريد Reid وسبنهوف Spinhof ، 1991 ، ص 3).

وفي مستهل القرن العشرين دفع كل من ولادة الفلم الناطق وظهور هوليوود المنتجين الى التوافق بشأن قضية تسويق منتجاتهم في لغات مختلفة. وفي البداية لجأ المنتجون الى أدخال حوارات قصيرة في اللغة الهدف ضمن الحوارات الأنكليزية ، لكن بعد أن تأكد لهم عدم رضا

جمهور المشاهدين لمثل هذا النمط من التقديم بدأوا بأنتاج نسخ متعددة اللغات للفلم ذاته. وقد قامت شركة الأنتاج السينمائي المسماة Paramount Pictures ، على سبيل المثال ، بتشييد ستوديو كبير في (جوينفيل) Joinville في فرنسا مخصصة لأنتاج مثل تلك الأفلام متعددة اللغات والتي أصبحت بمرور الوقت غير مجدية من الناحية الأقتصادية. ولابد من الأشارة الى أن فكرة أستبدال الصوت الأصلي بصوت آخر من لغة الى أخرى تعود في الأصل الى منتج الأفلام النمساوي جاكوب كارول Jacob Karol الذي أدرك في عام 1930 أن التقنية المستخدمة في عمل ذلك موجودة من قبل (أنظر باولينيلي Paolinelli ودي فورتشينياتو De Fortunato ، 2005 ، 45 – 46). وفي بداية الأمر تمت الدبلجة الى اللغات الأوربية في الولايات المتحدة. وقدأشتهر هال روتش Hal Roach في جعل شخصيتي لوريل و هاردي يتحدثان باللغات الفرنسية والألمانية والأيطالية والأسبانية ، غير أن بداية الثلاثينيات من القرن العشرين شهدت قيام الدول الأوربية بأنشاء صناعة الدبلجة الخاصة بها.

ويرى دانان Danan (1991: ص 612) أن (الدبلجة تؤكد على تفوق اللغة القومية) وهي عادة ترتبط بأنظمة سياسية تعمل على الأرتقاء بلغاتها الأم ، لذا ليس من قبيل الصدفة أن تعمد دول مثل النمسا وألمانيا وايطاليا وأسبانيا على أختيار الدبلجة وتفضيلها على شريط الترجمة أسفل الشاشة في ما أختارت فرنسا الدبلجة على الأرجح سعيا منها لتخليد تقليدها الراسخ في أيلاء اهتمام كبير للغة الفرنسية وحمايتها من هجمات ىالسمات الأنكليزية anglicisms.

ومن الملاحظ على نحو متواتر أن عملية دبلجة فلم ما برمتها تتم عبر أشراف مدير المشروع بمساعدة شخص آخر واجبه التفاوض بخصوص كلف التفاوض والفترات الزمنية اللازمة فضلا عن الجوانب التنظيمية العامة لهذه العملية. وقد بدأت عملية دبلجة الأفلام باللجوء الى الترجمة الحرفية (كلمة فكلمة) للنص المطلوب ، بعد ذلك كان مترجم الدبلجة يقوم بتكييف الترجمة لكي تبدو عبارات اللغة المستهدفة الجديدة طبيعية ومتناغمة مع حركة شفاه الممثلين على الشاشة. ولم يكن مطلوبا من مترجمي الدبلجة أن يكونوا على دراية واسعة باللغة الأصل لكن كان يتعين عليهم أن يكونوا موهوبين في كتابة النصوص في اللغة الهدف ليتمكنوا من صياغة الحوار الجديد بشكل يبدو طبيعيا وموثوقا قدر الأمكان. وفي غضون ذلك يقوم الشخص المساعد بتقسيم الفلم الى (حلقات) أو أجزاء قصيرة ويبدأ بتنظيم عملية أنتقالات التسجيل في الأستديو الى مختلف الممثلين أو أصحاب المواهب الصوتية. ومع بدء عملية التسجيل يقوم الممثلون بمشاهدة الفلم والأصغاء الى المسار الصوتي من خلال سماعات الرأس في مايعملون في الوقت ذاته على قراءة النص المكتوب المترجم. وللممثلين الحرية في تغيير النص المكتوب المترجم متى وجدوا ذلك ضروريا. بعد ذلك تتم عملية مزج التسجيل الكامل

للدبلجة وموازنتها مع المسار الدولي والقطعة الموسيقية. على انه تم في مابعد أستبدال هذه الطريقة الحرفية بالتكنولوجيا الرقمية التي جعلت الحاجة تنتفي لتهيئة كل من بكرات الأشرطة السينمائية وجعلها بشكل حلقات قصيرة متسلسلة وكذلك تمكين أصحاب المواهب الصوتية من التسجيل في الأستوديو حيث ان التكنولوجيا المتقدمة تتيح الفرصة للممثلين للتسجيل من أماكن عملهم الشخصية في ماتتولى البرامجيات عملية تحرير مختلف الحلقات في الوقت ذاته. أضف الى ذلك أن التقدم الهائل في التكنولوجيا ساعد على أمكانية تعديل حركات وجوه الممثلين وشفاههم على الفلم للتناغم مع حركات اللغة المستهدفة مع أمكانية قيام برامج برامجيات أخرى لمضاهاة مواصفات صوت الممثل الأصلي مع تسجيل الترجمة مما يعطي الأنطباع بأن الممثل الأصلي هو الذي يتحدث بمثل هذه الطريقة (أنظر شيارو Chiaro ، 2009b).

وتشهد كل من بولندا وروسيا وجود شكل غير متزامن للدبلجة حيث يقوم صوت ذكوري واحد يعرف ب (ليكتر) Lektor بدبلجة أصوات مختلف الممثلين نساء ورجالا ، وربما يكون هناك شخصان رجل وأمرأة لأداء مثل هذه المهمة على التوالي. ومثل هذا النمط من الدبلجة يشبه شكل الأستعلاء الصوتي الذي تتبناه أوربا لمنتجات الشاشة غير الروائية مثل الأفلام الوثائقية والبرامج الأخبارية. وعلى خلاف الدبلجة المتزامنة فأن مسار الصوت الأصلي في المنتجات ذات الصلة بالأستعلاء الصوتي يمكن تمييزه في العادة ولايقوم المسار الصوتي المترجم بتغطيته. ويتم تبني مثل هذه القاعدة أيضا بالنسبة للعبارات في بداية العرض وفي آخره وكذلك مع المقاطع القصيرة الأخرى للكلام الأصلي وهو مايعرف ب (القضمات الصوتية) sound bites التي لاتخضع للدبلجة. تجدر الأشارة أن روسيا بدأت في مابعد بالتحول التدريجي البطيء الى شكل أكثر تزامنا للدبلجة.

4. الترجمة أسفل الشاشة

يتمثل هذا النمط من الترجمة (في ترجمة الرسائل اللفظية الى لغة مختلفة في العروض السينمائية وبصيغة سطر أو أكثر لنص مكتوب على الشاشة بالتزامن مع الرسالة الأصلية) (غوتيليب 2001 ، ص 87). وهذه الترجمة عبارة عن ترجمة مكتوبة باقتضاب لما يمكن سماعه من على الشاشة ، وتتصف بكونها (مفتوحة) لدى دمجها بالفلم ذاته في ماينظر اليها على أنها (مغلقة) حين يختارها المشاهد من قرص فيديوي رقمي أو قائمة تبث معلوماتها عبر تلفاز. وفي المهرجانات السينمائية تظهر الترجمة أسفل الشاشة حية على الشاشة في الوقت القصير المحدد.

وتؤدي الترجمة أسفل الشاشة الى تقليص الحوار الحقيقي الى حد كبير لأن المشاهدين ، بكل بساطة ، يحتاجون الى الوقت لقراءته دون أن يخاطروا بفقدان أي من أجزاء الأحداث الجارية على الشاشة (أنطونيني Antononi ، 2005 ، ص 213). أضف الى ذلك ، وعلى نحو مثالي ، ينبغي أن يدرك المشاهدون حقيقة أنهم منشغلون بالقراءة وفي الوقت ذاته مندمجون بمشاهدة الفلم ويشعرون بمتعة المتابعة. وتشتمل عملية وضع الترجمة أسفل الشاشة على ثلاث خطوات: الحذف والتخلي والكثيف. وتقتضي عملية الحذف تقليص العناصر اتي لاتؤثر على معنى الحوار الأصلي مثل محاولات الشروع الأولى الفاشلة والتكرار وأوجه التردد. وتشير عملية التخلي الى حذف المفردات المحظورة والألفاظ العامية في ماتعني عملية التكثيف تبسيط التراكيب اللغوية الأصلية لتيسير عملية قراءة العبارات المترجمة على الشاشة (أنطونيني ، المصدر نفسه ، ص 213 – 215). في أثناء ذلك يقوم شخص فني بتحديد نصوص الحوارات أستنادا الى مواضع بدء الترجمات أسفل الشاشة وأنهاءها ، ويقوم المترجمون بعدها بمعايرة عملهم أنسجاما مع تلك التوجيهات لتتم بعد ذلك عملية تدقيق الترجمات على الشاشة بالتزامن مع تغييرات أحداث العمل. أما في الوقت الحاضر فأن التكنولوجيا تتيح الفرصة للمترجمين للعمل مباشرة بالملفات الألكترونية التي تمكنهم من أبتداع منتجات كاملة من خلال أماكن عملهم الشخصية.

ومن المتعارف عليه أن الترجمات أسفل الشاشة قد حددت ب 30 – 40 حرفا بضمنها الفراغات بين الكلمات التي تظهر في أسفل وسط الصورة أو تظل مصفوفة في الجهة اليسرى (أنظر غوتيليب ، 2001b)). لكن مثل هذه القيود بدأت بالأختفاء حيث أن برامج الترجمة أسفل الشاشة التي تتعامل مع (البكسل) pixel تسمح بتعديل الحروف وفقا للفراغ. علاوة على ذلك فأن الشاشات الأوسع تتيح أستخدام سطور أطول ، كما أن الأقراص الفيديوية الرقمية تمكن المشاهدين من لف الشريط السينمائي وقراءة أية أجزاء لم يتمكنوا من مشاهدتها في مايتغير رصف الكلمات وفق أتجاه النص المكتوب في اللغات الفردية (دياز سنتاس وريميل Diaz Sintas & Remael ، 2007). ثم أنه بسبب أمكانية وضع العناوين في أي مكان من الشاشة فقد بدا تعبير (العناوين الفرعية) captions يشيع في الوقت الحاضر.

5. مدى توفر المنتجات السمعية والبصرية

تدل عبارة (أمكانية الوصول) أو التضمين على توفير المنتجات السمعية والبصرية مثل المسرحيات والأفلام والأوبرا لسائر أفراد المجتمع. لذا فأن أمكانية الوصول تقر بالترجمات المتداخلة بصفة ترجمات أسفل الشاشة والترجمة الفورية بأستخدام لغة الأشارة بالنسبة

للأشخاص الصم والأشخاص الذين يواجهون مشاكل كبيرة في السمع ، فضلا عن الأوصاف السمعية للمكفوفين والمعاقين بصريا. ويقوم مترجم لغة الأشارة بترجمة المعلومات اللفظية (السمعية) الى أشارات يدوية ذات معنى (بصرية) في ماتعمل الترجمات أسفل الشاشة للأشخاص الذين يعانون صعوبة السمع كثيرا بنقل معلومات سمعية غير كلامية أخرى مثل الموسيقى والمؤثرات الصوتية من خلال الكتابة. وتتوفر في أوربا عمليات الترجمة أسفل الشاشة للأشخاص الذين يعانون من السمع الثقيل والخاصة بالبرامج التلفزيونية من خلال خدمة بث المعلومات من التلفاز الخاصة بكل بلد أوربي.

وتتألف الأوصاف السمعية من مسار صوتي أضافي يتم تسجيله على نحو خاص لكي يستخدمه المكفوفون والمعاقون بصريا ليتسنى لهم التمتع بالمنتجات السمعية والبصرية واثناء مايحصل من توقفات في الحوارات يقوم صوت خارج الشاشة بتقديم وصف لما يدور في الشاشة. ومثل هذه الأوصاف السمعية متوفرة على وجه الخصوص في المتاحف والمعارض الفنية لتقدم نوعا من الترجمة الأشارية البينية intersemiotic translation التي يتم بموجبها تحويل الأشارات البصرية الى اشارات كلامية.

—————————————————————————————

* السترجة: كلمة مشتقة من أصل فرنسي sous-titrage ويسميها البعض (العنونة التحتية). (المترجم)

https://onlinelibrary.wiley.com/doi/full/10.1002/9781405198431.wbeal0061

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here