إذا شبّ الكرسي على شيئ مات عليه!!

إذا شبّ الكرسي على شيئ مات عليه!!
لكل كرسي وسيلة حكم وقميص , ولا يخلو كرسي من هذين الأمرين , فهناك كراسي تحكم بالدستور والقانون والنظام , وأخرى تحكم بالفرد والحزب والفئة والطائفة والعائلة , وغيرها يكون الظلم والفساد ديدنها وطريقتها المفضلة , وبعضها يحكم بالخوف والرعب والخطف والتنكيل , وبناء السجون والمعتقلات والقتل والتطهير العرقي والمناطقي.
وتجد من بينها كراسي صار الفتك وسيلتها للبقاء في الحكم , ولهذا توفر الظروف الموضوعية والمادية والإعلامية والفكرية لتوليده وإدامته , إلى ما شاء سيدها ومساندها التابعة له والمرهون مصيرها بإرادته.
فلكل كرسي منهج يقبض بواسطته على حياة الناس , ويروعهم ويدجنهم لخدمة مصالحه , وبسبب هذه النزعات التسلطية المعروفة عبر التأريخ , أدركت العديد من المجتمعات ضرورة ضبط سلوك الكراسي بعقد إجتماعي صارم , يحتم بناء نظام الحكم الكفيل بالمحافظة على مصالح الوطن والمجتمع , ويقيّد الكراسي بضوابط دستورية لا تحيد عنها , أو تتجاوزها وتكون فوقها مهما حاولت وناورت.
وفي المجتمعات المبتلاة بالويلات والتداعيات ينتفي الدستور والقانون , ويكون الكرسي هو الأصل وصاحب القرار الفصل , والجالس عليه منزه ومؤله ولا يأتي بخطأ , وهو العالم العليم وصاحب الرأي الصائب السليم , فلا إعتراض على رأيه وقوله وقراره القويم الحكيم.
وبسبب الإمتلاك المطلق والمصادرة الكاملة للإرادة الوطنية والشعبية , تتحول البلدان إلى مواضع وجيع وأنين , ومستنقعات تكالب وتحارب وتصارعات دامية , خصوصا عندما ينتهج الكرسي أساليب وحشية للبقاء في الحكم , وتحقيق أعظم المنافع الشخصية والفئوية والحزبية , مما يدفع إلى توفير المنافذ المتنوعة للقوى الطامعة في الوطن , وإنطلاقها بحرية أكبر وقدرات أعظم للوصول إلى أهدافها وغاياتها , التي تسعى إليها وتؤمن بضرورة تحقيقها.
وفي منطقتنا بعض القوى المتمكنة من الكراسي , متوهمة بأن الحكم بالدم والنار يديمها , ويمنع عنها الضعف والإنهيار , ويؤمّن لها الحاضر والمستقبل , فلا يعنيها تخريب البلاد وسبي العباد , فالمهم أن تبقى في الحكم وتتواصل بالفساد ونهب الثروات , وتدمير الشواهد والعمران ومحق الهوية وسحق الوطنية والقضاء على قيم المواطنة , وتغييب الوطن في غياهب الضلال والبهتان والإعتقاد المهين.
وما دامت بعض المجتمعات مبتلاة بالأنظمة المتكرسنة المتورطة بالفساد والظلم , والعدوان على الأرض والإنسان والمعتقد والقيم والأخلاق , فأنها ستدوم في دوائر مفرغة مغلقة من التفاعلات المعادية لما هو جدير بالحياة والأمل , وكأنها تعد بلدانها لتكون مواطن لأقوام أخرى لها تصورات غابرة ومعتقدات جائرة , تبحث عن كينونتها التي تتوهمها في زمن مضى من الأزمان.
ولن تفلح شعوب وأمم شبت الكراسي فيها على الظلم والدمار ومصادرة حقوق الوطن والإنسان!!
فهل سيستيقظ المغفلون ويدركون مصيرهم؟!!
د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here