لا يزال شعار اذناب الاحتلال في بغداد: الامارة ولو على الحجارة

لعل اهم الامور التي عالجها القران الكريم ورسول الله قضية الامارة والرئاسة والملك. فقال تعالى “ان الله يامر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي” وقال “ان الله يامركم ان تادوا الامانات الى اهلها واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل”. وقال ايضا “تلك الدار الاخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الارض ولا فسادا والعاقبة للمتقين”.
اما رسول الله فقد حدد اسس الامارة او الحكم بين الناس فقال لعبدالرحمن بن سمرة عندما طلب الامارة لنفسه. لا تسال الامارة فانك ان اعطيتها من غير مسألة اعنت عليها وان اعطيتها عن مسألة وكلت اليها. كما ان الصحابي الجليل ابو ذر الغفاري سال رسول الله يوما الامارة. قائلا له الا تستعملني فضرب على منكبي ثم قال يا ابا ذر انك ضعيف وانها أمانة وانها يوم القيامة خزي وندامة الا من اخذها بحقها وادى الذي عليه فيها.
من خلال اوامر القران الكريم وسنة رسوله العظيم يمكن ان نستشف ونتعرف بوضوح على صفات الحاكم العادل لعل اهمها ان يتصف بالايمان بالله والصدق والامانة والاخلاص والتسامح والقوة والشجاعة والحسم في اتخاذ القرار والتضحية من اجل الوطن والتفريق بين المنكر والاشد انكارا وبين المعروف ومئآلاته. واتخاذ القرارات في الوقت المناسب ومعرفة الناس وكفائاتهم ومدارات مصالحهم والتوازن بين المبادئ والمصالح. كذلك معرفة علوم السياسات الدولية تكتيكاتها واستراتيجياتها وصراع مصالح الدول المهيمنة ومخططاتها. والحكمة عند الشدائد في معرفة حدود المساومات والتنازلات مع الجيران والاعداء. معرفة صراع المصالح الاقتصادية والحفاظ على الارث الثقافي والاجتماعي للشعب دون افراط او تفريط.
لو نقارن سياسي العراق الاسلاميين مع صفات الحاكم المسلم الوطني الحر السابقة الذكر. لوجدنا بان الحد الادنى لا يتوفر باي منهم. فقد باعوا الوطن بثمن بخس لامريكا من اجل ان مصالحهم الفئوية الحزبية المذهبية. ثم خانوه عندما فضلوا خدمة مصالح ايران على مصالح بلدهم. ثم عاثوا فسادا عندما مزقوا شعبنا المتآلف الى شيعة وسنة والى عرب واكراد. ثم امعنوا في تخريب نسيجه الاجتماعي عندما اسسوا مليشيات تكفيرية ترهب وتبتز الناس. فشاعت السرقة والقتل على اسس طائفية وسياسية وكيدية.
سقط العراق في براثن التخلف والجهل وسقطت معه كل الموسسات التعليمية والصحية والعسكرية. بل حتى مؤسسات المجتمع المدني من نقابات واتحادات عمالية وفلاحية ومهنية اصبحت واجهات لاحزاب فاسدة مفسدة. بات العراق لا يستطيع ان يحكمه فرد او حزب او ائتلاف. لقد فقد اسس الدولة الحديثة واليات تسيير مؤسساتها. هذا البلد تحول الى مجاميع عشائرية مذهبية حزبية. كل مجموعة تحاول ان تسرق اموال الاخرين دون رحمة. انه مرض طلب الامارة والرئاسة حتى ولو على الحجارة. حتى لو هلك الشعب بسبب الجوع او الخوف او المرض. لقد هجروا نخبه وظلموا اهله لصالح اهدافهم الشيطانية.
ان هناك اذن اهمية كبرى للامام او الحاكم او الرئيس العادل في الاسلام. كما ان المسؤول العادل من اول الاصناف السبعة الذين يظلهم الله يوم القيامة يوم لا ظل الا ظله. كما ان الله فرض الوفاء بالبيعة “فلا وربك لا يؤمنوا حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما”. كما ان الاسلام يقر بان ما لا يزع بالقران يزع بالسلطان. معنى ذلك ان الاسلام يعطي اهمية كبرى للحاكم المسلم في تطبيق القانون بالقوة شرط توفر الصفات المذكورة سابقا.
الدكتور نصيف الجبوري
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here