على هامش إعلان مبادئ فصل الدين عن الدولة : ملامح تغيير جذرية في السودان

على هامش إعلان مبادئ فصل الدين عن الدولة : ملامح تغيير جذرية في السودان

بقلم مهدي قاسم

منذ سقوط نظام البشير الأخوانجي الظلامي الفاسد في السودان ، على إثر تظاهرات شعبية واسعة وبإصرار متواصل وعنيد مع تقديم مئات من الضحايا و الشهداء الذين سقطوا برصاص رجال القمع والتنكيل والبطش الدموي مع اعتقال الدكتاتور البشير نفسه ومصادرة أمواله التي سرقها من خزينة الدولة ، بدأت تغييرات سياسية جذرية وشاملة تحدث ضمن خطوات و إجراءات هادئة ومدروسة جيدا ولكن مهمة على شكل قفزات تبدو نوعية ، نحو تغيير طبيعة وبنية النظام السياسي الإسلاموي ــ الإخوانجي ــالسلفي المظلم نحو التعددية البرلمانية والفدرلة ، ولعل أهم الخطوة التي توجت بها هذه التغييرات الجذرية والعميقة هو الاتفاق بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية ــ شمال ــ على إعلان مبادئ ينص على فصل الدين عن الدولة ، فضلا عن إقامة النظام الفيدرالي و الذي سينظم آلية الحكم الإداري ذات الطابع الفيدرالي هناك ،أي بين الأقاليم والمقاطعات السودانية و الحكومة الاتحادية ، وهي تبدو خطوة عملية وفعلية حقا بنواياها وأهدافها المتجسدة بالسعي الشريف والمخلص في تغيير طبيعة وبنية النظام السابق المنخورة وإقامة نظام ديمقراطي تعددي سليم الذي من المفترض أنه سيقود البلاد نحو العصرنة و الازدهار والتنمية البشرية والاقتصادية على حد سواء لتواكب تطورات العصر التقنية و العلوم الاخرى .

ومن المؤكد أن ثمة عددا من عوائق وعراقيل قد تبرز أثناء عملية التغيير الجذري هذه من قبل قوى متضررة ــ مصلحيا ــ من هذه التغييرات ، و ربما ستحدث تقاطعات مواجهات ومصادمات هناك وهناك في أرجاء البلاد ، بغية إفشال وإحباط عملية التغيير الجارية في طبيعة النظام السياسي هناك ،مثلما الحال في معظم الدول العربية والإسلامية ،إلا إن التصميم والإصرار من قبل قوى التغيير الإصلاحية على مضي قدما في مواصلة وإحداث هذه التغييرات نحو إكمال مؤسسات الدولة الجديدة بصيغها الدستورية والقانونية الجديدة قد تُكلل بنجاح وتوفيق ، بالرغم من احتمالات حدوث نوبات من فشل وإخفاق بين حين وآخر .

فضلا عن أن العبرة لا تكمن في نصوص وصيغ إتفاق ما ، إنما في التطبيق والتنفيذ في الدرجة الأولى والأخيرة ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here