البكائية والتفاؤلية والقلم المأثوم!!

البكائية والتفاؤلية والقلم المأثوم!!
أجريتُ إحصاءً عشوائيا في عدد من المواقع فتبين أن النسبة العظمى من المنشور فيها عبارة عن بكائيات ورثائيات , وتندر فيها الكتابات التفاؤلية المحمَّلة برؤى وتصورات مستقبلية , ذات قيمة معرفية وفكرية وثقافية وحضارية.
كتابات مسطورة بمداد الدماء والدموع , تكتبها أقلام متوترة , غاضبة , مشحونة بالعواطف السلبية , والعدوانية , وتخلو من التفاعل المنطقي الموضوعي الهادئ مع الحالة التي تتناولها.
وقاسمها المشترك أحكام مسبقة يجتهد الكاتب في تبريرها وتأكيدها والدفاع الإنفعالي عنها.
فهل أن الكُتاب يساهمون بدمار الواقع؟
وهل أنهم يصبّون الزيت على النار؟
المجتمعات المعاصرة لا تبكي وترثي أحوالها وتتأسى على ما فاتها , بل تعمل من أجل مستقبل أفضل وحاضر أرقى وأجمل , وتحشد طاقاتها وأفكارها للوصول إلى أهدافها المرسومة التي تؤمن مصالحها وتصون بلادها.
فلا توجد في مواقع الدنيا وصحفها وإعلامها ما يسود عندنا من كتابات وتصريحات وخطابات , مناهضة لبديهيات الحياة ومعاييرها البقائية والإنمائية.
فالعيب الحقيقي في عقول ونفوس الذين يكتبون , ويحسبون أنفسهم نخبا بموجب تصوراتها يتحرك المجتمع , ومعظمهم ينضحون بما فيهم من الدمامل والأقياح المترسبة عبر مسيرة المعاناة والحرمان , وكأن الكتابات ترويحية وتنفث ما لا يتفق وإرادة الحياة.
وبما أن رؤاهم مؤطرة بما عانوه وأصابهم من حيف وقهر مرير , فأن كتاباتهم باثولوجية بحاجة لعلاج وإعادة ترميم لمنولوجاتهم الداخلية , المشحونة بالبغضاء والعدوانية ضد تصورات سرابية يلاحقونها بمفردات ملتهبة , يحترقون بها وهم لا يشعرون.
إن الكتابة رسالة ومسؤولية , ولا بد لأصحاب الأقلام أن تكون عندهم رؤية إنسانية , وتطلعات نحو حياة كريمة طيبة , يؤهلون النفوس البشرية لبلوغها , أما هذه العدوانية الدامعة المضمخة بالنجيع , فأنها تحفر في دنيا الأجيال أنهارَ ويلات وتداعيات خطيرة.
فهل من قلم مسؤول؟!!
د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here