رأس أمي!! “لكي تقضي على أية أمة إقطع رأسها”

رأس أمي!!

“لكي تقضي على أية أمة إقطع رأسها”

فما هو رأس الأمة؟
رأس الأمة يعني عقول أبنائها ، ولكي تقضي عليها ، صادر هذه العقول وإمنعها من القيام بدورها في وطن الأمة.
فعقول أية أمة مُستهدفة تكون في تهديد وخطر ودفع للمغادرة , والهجرة إلى أمم أخرى تفترسها وتصادر طاقاتها وقدراتها.
وأمتنا مقتولة بهذا السلاح الفتاك ، فمنذ بداية النصف الثاني من القرن العشرين وحتى اليوم ، نزفت نسبة هائلة من عقولها وتم حرمانها من عطاءاتهم الحضارية.
فعقولنا ممنوع عليها العطاء الحر في وطنها الأم.
ولهذا السبب ذهبت عقول الأمة إلى غيرها ، وصار أمر تفاعل عقولها وتواصلها وعملها فوق ترابها أمرا عسيرا وممنوعا ، حتى أضحت العقول تتعرض للقتل والتهديد والمحاصرة والمطاردة , وما عادت قادرة على العطاء في أوطان أمة مُستهدفة.
ووفقا لهذا أمست هراءً إسطوانة العقول المهاجر وعودتها ، والأنظمة العربية بأسرها تعرف ذلك من المحرمات والخطوط الحمراء ، وبعضهم ينادي بتفاعل العقول ، وكأنه لا يدري أن ذلك من الممنوعات , ويتم تعويقه ومنعه وفقا لخطط خفية وفاعلة في الحياة السياسية العربية.
ومن الممنوعات الأخرى هو رعاية العقول الموجودة في الداخل , وفسح المجال أمام النشاطات العلمية البحثية اللازمة لقوة الأمة وتقدمها ، ولذلك نرى أن ميزانيات الدول المخصصة للبحث العلمي تكاد لا تذكر ، ولا توجد حكومة قد خصصت نسبة مهمة من ميزانيتها للبحث العلمي ، لأنها لا يمكن أن تقوم بذلك وتبقى في الحكم.
ولن يجرؤ أي كرسي حاكم أن يفكر بتخصيص ميزانية مهمة للبحث العلمي ، أو يستثمر في مراكز البحوث والدراسات.
وهذا من أهم أسباب عدم تقدم البحث العلمي في الدول العربية كافة.
إنه موقف سياسي ستراتيجي ، خلاصته أن لا يُسمح لرأس الأمة أن ينضج ويتعلم ويعلم ويعاصر , ويمتلك قدرات حضارية مؤثرة في مسيرة الأجيال.
ولهذا أيضا يتم التركيز على تشجيع الدراسات والأبحاث الماضوية , التي تستهلك طاقات الأمة وتشوه رأسها وتشغله بقضايا مضت عليها مئات السنين.
وتسويق التدين وما يتصل به من تحزبات وحركات من أهم مشاريع تعطيل العقول , ومحق دورها وطمرها بالتبعيبات والمطلقات الجامدة.
ومَن يتابع ما نكتبه وننهمك فيه ، يدرك بأننا خارج الزمن ونعيش في صناديق طمرها التراب , وغادرها الضوء والهواء وما لها صلة بأروقة الحياة.
وما دامت الأمة بلا رأس ، فأنها عبارة عن روبوت يستجيب لقدرات التوجيه من بعيد أو قريب.
فهل ستستعيد الأمة رأسها وتتفاعل بعقلها وتؤدي دورها الصحيح؟!!
 
د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here