قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين

“قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين”

هناك في الجنة وحياتها الابدية من مباهج وسعادة ومتع دائمة. ينالها المؤمن بالله بلا تعب ولا جهد ولا نصب ولن يشعر فيها من جوع او عطش. ولا يعاني فيها الانسان من مرض ولا شيخوخة ولا موت،. فيها من الملذات من طعام وشراب دون معاناة من جوع او عطش ما لا عين رات ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. لكن هذه الحياة الرائعة السعيدة تعتبر الجائزة العظمى لمن ينجح في امتحان هذه الدنيا التي نعيش فيها.
“قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين” هذه الاية الكريمة تجمل وسائل واسباب الفوز بتلك الجائزة. ان العمل في الدنيا لمرضاة الله من خلال الالتزام بقيم محددة ترضي الله وهي محمودة ايضا لدى الناس. هي بالحقيقة بمثابة امتحان وابتلاء يبدا عندما يبلغ الانسان الحلم وبنتهي عند الموت. لهذا لا بد من عمل اقصى الجهود لعمل الخير والاحسان بتواضع وحسن نية لان تلك الاعمال هي الوحيدة التي تدخل صاحبها الجنة. فلا النسب ولا الغنى ولا الجاه يمكن ان يعين الانسان على النجاح.
هذه الفترة الحرجة هي التي تحدد مصير كل شخص في يوم الحساب. لذا فان هذه الاية الكريمة هي التي تجمل وتبين اهم الاعمال لرضى الله وكيفية النجاح في الامتحان والابتلاء والتمحيص.
لقد ادخلت وحشرت مفاهيم طارئة بهدف تشويه الصورة وتغييب الحقائق الاسلامية. لقد اساء كثيرا الى الاسلام مريدوه وحاملي شعاراته من اسلامي اليوم المتاجرين به بمختلف توجهاتهم. اضافة الى اعداءه من المنتمين اليه تاريخيا وجغرافيا من بعض العلمانيين. هناك ايضا اعداءه التاريخيين من الصليبيين والصهاينة والعنصريين.
فالاسلام من حيث المبدأ لا يفرق بين الديني والدنيوي فالعيادات التي تقرب العبد الى الله تشمل كل مناحي الحياة. اذ شرعت العبادات كي تصيغ وتراقب وتحث المسلم نحو الاخلاق الحميدة كالصدق والبر والعدالة والتسامح والامانة وتجعل من عمله وبحثه عن العلم ومساعدة الغير من اهم الاعمال لرضى الله وهي بالمحصلة النهائية اهم من العبادات المجردة.
من المعروف ايضا بان ممارسة اركان الاسلام من شهادة وصلاة وصوم وزكاة وحج قد تقود صاحبها الى الخسران المبين في الاخرة اذا ما كانت للمراءاة والنفاق. اي ان العبادات التعبدية لا قيمة لها دون الصدق والامانة والعدل والتسامح وشهادة الحق وتقديس الوقت واستغلاله والاخلاص في العلم والعمل ومساعدة الفقراء والامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
هناك الكثير من النصوص القرانية والاحاديث النبوية التي تعزز وتوكد استحالة فصل العبادات عن الحياة العملية والاستقامة في تاديتها. قال تعالى “ان الله يامر بالعدل والاحسان”. وقال ايضا “ادعو الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن”. اما رسول الله فقد قال: من غشنا فليس منا. وقال: لا يومن احدكم حتى يحب لاخيه ما يحب لنفسه. وقال: اول الذين يظلهم الله يوم القيامة يوم لا ظل الا ظله امام عادل.
من المعلوم ان الله يسامح الانسان في التقصير في عباداته يوم الحساب لكنه لا يسامح ظلم الانسان لاخيه الانسان.
فمثلما دخولنا الجنة لا يعتمد على حسن العبادة فقط انما العمل والعلم ومكارم الاخلاق. اذن حياتنا الدنيوية تحتم علينا ان لا نفرق بين العبادات وبين عمل الصالحات. اي بين اركان الدين والحياة العملية بما فيها الاقتصادية والتجارية والصناعية والزراعية والعلمية.
هذا يعني بان المسلم لا يمكن باي حال من الاحوال ان يتبنى مقولة النصارى او العلمانين ما لله لله وما لقيصر لقيصر. او مقولة الدين لله والوطن للجميع. فالاسلام جاء لصلاح الدنيا من الناحيتين الروحية والمادية وان الله امر الانسان لاستعمار الارض واعمارها في جميع المجالات.
الدكتور نصيف الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here