اﻷنتخابات المبكرة بين الواقع والخيال

اﻷنتخابات المبكرة بين الواقع والخيال
دكتور/ على الخالدي
الأحزاب المتحاصصة حصلت على فرصة لن تتكرر أمامها خاصة بعد أن خبرتها الجماهير الشعبية طيلة 18 عاما من تسلطها على رقاب الشعب والوطن، و هي السيطرة على دولة غنية وشعب متسامح كريم. هذا لا يعني مناقشة ما مدى تماهي أجندات الاحزاب تلك مع أجندات المحتلين كما أنه ليس بابا لفتح نقاش حول دونية هذه الاحزاب لتحويل العراق الى ركام من الجهل والفقر والخراب نتيجة فسادهم وسحتهم الحرام مع صمت وعدم تحرك المحتلين الذين يفرحهم هدم العراق وعدم نهوضة على ايدي من أختيروا لمواقع القرار ,تبقى الحقيقة أنه في كل يوم يمر دون حل، يصبح الدمار أكثر صعوبة لتعديله، والآن بعد أن أصبحت هناك إدارة أمريكية جديدة ، يجب أن تكون الحكومة العراقية قادرة على التعامل معها
المشكلة الكارثية الإولى التي خلقتها الأحزاب الحاكمة، هو فسادها عبر تبنيها نهج مقيت ( المحاصصة الطائفية وإلإثنية) خالقة فجوة إقتصادية وإجتماعية مرعبة. من الصعب أن نتخيل أنه في بلد يتمتع بثروات لو استغلت بشكل وطني لإزدهر الوطن، إلا أن مانراه أن الفقراء أصبحوا أكثر فقرًا والأغنياء أكثر ثراءً. الأمر المذهل هو أنه حتى قبل انتشار الوباء ، فإن أكثر من33 في المائة من سكان العراق يعيشون تحت خط الفقر ، وسترتفع النسبة بمعدل صاروخي، ذا إستمر حكم الاحزاب المتحاصصة. غالبية المتضررين هم من كبار السن، والشباب والخريجين الذين حرموا من التعينن. فلا زال العديد من العراقيين يتحملون وطأة الفقر التاريخي، واستمرار عدم المساواة الإقتصادية والإجتماعية بينما يتم إنفاق المليارات على بناء الأحياء السكنية المربحة والفنادق والقصور ومستوطنات بعض الدوائر الامنية الغير خاضعة للمسائلة القانونية
المشكلة الثانية التي يرفض المتربعين على مواقع القرار هو تهميش وعدم الإعتراف بالاحزاب الديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني وشريحة الشباب التشريني المتنور ، التي تمثل اﻷغلبية الساحقة من الشعب، إذ ليومنا هذا، لم تتم دعوتها للإنضمام لمعالجة الاوضاع غير الصحية وتنهض بالتغيير والإصلاح. إن الحكومات التي توالت لحكم العراق خلال 18 عام، كانت غير جديرة بالثقة وكان يجب تهميشها سياسيًا. لقد حان الوقت لعراق اليوم التفكير في مستقبل أجياله القادمة، الذي لو بقت الاوضاع على ما عليه الآن لا يبشر بالخير ، طالما بقت مكونات الشعب العراقي العرقية، لم يتم دمجها في التيارات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية لأجل النهوض بمسؤولية التنمية
هناك العديد من المشاكل الرئيسية التي تعايشت معها ألجماهير الشعبية، لم تجد الأحزاب الحاكمة حلولها، ناهيك عن إيجاد حلّ طويل الأجل، فهل بإمكان الحكومة التي ستفرزها الإنتخابات القادمة قادرة على بقاء المليشيات المنفلتة والتعامل معها وطنيا قبل وقوع انفجار مميت، لربما تتجه الأمور إلى انتخابات في موعدها الزمني، على الرغم من أن هناك من يريد تأجيلها، لابعد زمن ممكن مما يجعل إجراءها مع واقع الامور الحالية ضرب من الوهم
لذا فنزاهة الانتخابات القادمة هي ضرب من الخيال واﻷحلأم المسكنة التي ممكن أن تراود البعض في الظروف الحالية. إن ذلك ممكن عندما تسود الحاجة إلى نكرات الذات بعيدا عن مصالح نفعية متبادلة بين بعض اطراف العملية السياسية والشركاء، وإن لم تعالج وتوضع حلول صائبة لتحديات الواقع المعيشي والخدمي للجماهير، فلن تبشر الإنتخابات القادمة بخير ، سيما وإن أوليات إجراءها مع تواجد 33 ميليشيا أغلبها ولائية، وغياب أسس الدولة الديمقرطية، التي ينص عليها الدستور الذي يداس عليه من قبل المتربعين على مواقع القرار دون رادع، تبقى الإنتخابات القادمة معرضة للتزوير ، إسوة بما سبقها

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here