اما آن لنا ان نكون احرارا في اختيار طرق نجاحنا؟

اما آن لنا ان نكون احرارا في اختيار طرق نجاحنا؟

من الغريب ان قادة دولنا العربية المسلمة على اتم الاستعداد من تطبيق نظريات سياسية اقتصادية اجنبية يسارية كالماركسية او اللينينية او الماوية او التروتسكية او تجربة كاسترو وجيفارا وهوشي منه. او يمينية لتجريب الراسمالية الامريكية الحرة او الراسمالية الاجتماعية الاوربية او العلمانية بشتى تطبيقاتها المنغلقة او المنفتحة. نعم ان ساسة دولنا قد حولوا بلداننا الى حقل تجارب لكل تلك النظريات السياسية والاقتصادية منذ حوالي قرن من الزمان.
لكن الاغرب من ذلك اذا ما نصحتهم القلة القليلة من مخلصي المنطقة بدراسة واستنباط وتاصيل تجربة دولة رسول الله في المدينة المنورة نراهم يصرخون ويولولون ويندبون بالويل والثبور وعظائم الامور من استحالة سلوك هذا المسلك. لان الغرب فرض ان تكون دولهم علمانية ولا تسمح بتدخل الدين في السياسة. رغم ان الاسلام لا يمكن فصله على الاطلاق عن الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. كما ان الاسلام ليس له اية علاقة بتجربة رجال الدين المسيحيين عندما حكموا اوربا في القرون الوسطى. ان فسادهم وتخلف منهجهم وادارتهم فرض فصل الدين عن السياسة. ان هؤلاء القادة انفسهم يجهلون بان الاسلام دستور حياة للفرد والعائلة والمجتمع. عبادته ليس فقط في الصلاة والصوم والزكاة والحج انما خير العبادات العمل المتقن والعلم النافع والعدالة الاجتماعية والتسامح والصدق والامانة الخ.
ان تلك التجربة النبوية التي اسست دولة المدينة والفت بين المسلمين والنصارى واليهود والمشركين غير المسالمين وفق ميثاق صحيفة المدينة. اثبتت نجاحها نظريا وعمليا مع الاعداء ومع المعاهدين ومع الاصدقاء اضافة الى البناء الاجتماعي الرصين والتقدم من النواحي الزراعية والصناعية والتجارية. ان كانت التجربة على الارض قد اسقطت بالقوة لكن تفاصيلها ودستورها وحيثياتها مسطرة بصدق دون تحريف في القران الكريم وفي سنة رسوله العظيم.
ان تجارب الدول الحديثة التي اختطت طريقها السياسي الاقتصادي الخاص بها ماثلة امام اعيننا. فالولايات المتحدة الامريكية بعد الحرب الاهلية اختارت دستور يتوائم مع مجتمعها ونظام خاص بظروفها. اما روسيا فقد اختارت تجربة النظام الشيوعي الاشتراكي ثم النظام الرئاسي الخاص بها فيما بعد. فرنسا ايضا رسمت تجربتها بعد الثورة الفرنسية وفرضت نظام علماني يتغير وفق مصالح الشعب. اما الصين فقد غلقت حدودها في اربعينات القرن الماضي لتمرير تجربتها وفرضها من قبل ماو تسي تونغ. نفس الامر بالنسبة الى بريطانيا واليابان والهند الخ.
اما دولنا العربية فقد ارتضت ان تسير في طريق التيه منذ قرن في تجارب مستوردة فاشلة. بعد هذا الحصاد المر الا يحق لنا ان نغير المسار ونرتكن على عقيدة شعبنا وتجاربه المحلية. لماذا يرفض قادة دولنا الديمقراطية التي يتغنون بها ليل نهار مع شعوبهم. فالديموقراطية تحتم عليهم تقبل بالخيار الشعبي والانصياع لرأي اكثر من 90%. هذه الاغلبية الساحقة تدين بالاسلام وتقبل عدالته. انه الحل الوحيد الذي يخرج العرب من تخلفهم. من المعروف بان اغلبية نصوص القران الكريم وسنة رسول الله عالجت الشؤون العامة بل قرنت قبول العبادات بالاعمال الصالحة.
انها تجربة سبق ان اخرجت شعوبنا من الظلمات الى النور وحتمت على افرادها السير في طريق النجاح والحرية والاستقلال والتقدم وعمارة الارض. ففرضت العدالة الاجتماعية لجميع المواطنين وحافظت على النسيج الاجتماعي وضمنت استقلالها من القوى الخارجية.
لماذا اذن يمنع علينا بعض العلمانيين الاستئصاليين وقادة دولنا ان نعود الى اصولنا وديننا. لماذا يمارسون علينا دكتاتورية الاقلية المدعومة من قوى الاستعمار لفرضها على شعبنا.
اخير نحن قد وصلنا الى حافة الهاوية ولا بد من الاختيار الان وليس غدا. لا بد للمخلصين الصادقين المنتمين الى حضارتهم الاسلامية من جميع الاتجاهات السياسية والاقتصادية من يساريين وبمينيين عرب واعاجم رجال ونساء مثقفين وكسبة مسلمين وغير مسلمين ملتزمين بالعبادات وغير ملتزمين. ان يشرعوا لكتابة ميثاق شرف لانقاذ بلدانهم والعمل سوية للتعاون المشترك لاخراجها واهلها من كوارث الجوع والتخلف والعبودية التي تهدد وجودهم على هذه الارض .
د. نصيف الجبوري

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here