لماذا نحن هكذا ؟ ومتى نتعلم ؟

لماذا نحن هكذا ؟ ومتى نتعلم ؟ بقلم د. رضا العطار

نحن نشاهد الان هذا الولع في استهلاك كل شئ واقتناء كل شئ، نصرف الاموال الطائلة لشراء السلاح لجيوشنا التي لم تحارب ولن تحارب، لكننا لم نهتم في القضاء على الامية. وابقاء مناهج التعليم على حالها دون تطوير. فنحن لا نستحي في استخدام الخبراء العسكريين ونستنكر استقدام الخبراء التربويين والتعليميين لرفع مستوى التعليم العربي – ولا نخجل من استهلاكنا هذا الكم الهائل المسعور لأدوات الزينة والتجميل والمجوهرات والعطور – – اذ يؤكد الفيلسوف الفرنسي المسلم روجيه غارودي

(ان العرب يستوردون عطورا اكثر مما يستوردون محاريث زراعية.

وقد علق احدهم قوله : محجبات يتزين بالمليارات.

فهل يضيع ذهب العرب على زينتهم وعطورهم لتفوح روائحها الزكية، بينما عقولهم ما زالت ذات رائحة خاصة، تفرز افكار القرون الوسطى الظلامية.

ان الاستثمار في التعليم الحديث هو المنقذ للعالم العربي من مستقبل اسود – والخبراء العرب على قلتهم يدقون نواقيس الخطر للانظمة العربية النائمة، نوم اهل الكهف – ومن هذه النواحي ما صدر عام 2004 عن المنتدى الاستراتيجي العربي بدبي – اذ يقول :

( من المتوقع ان يبلغ تعداد سكان العرب عام 2020 اكثر من 400 مليون وان نسبة الفقر والبطالة بينهم هي الاعلى في العالم نتيجة سيطرة الجمود السياسي والركود الاقتصادي في معظم دوله – كذلك سترتفع نسبة الامية الى 130 مليون وتصل نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر الى 110 مليون ونسبة العاطلين عن العمل 100 مليون – وان مديونية الاقطار العربية مقدر لها ان تصل الى 270 مليار

فماهو الحل لهذا المستقبل الاسود الذي ينتظر العرب ؟

لا حل الا بالتعليم والتدريب والتأهيل.

ان اصلاح مناهج التعليم والتقدم نحو تعليم حديث وعلمي يلبي متطلبات القرن الواحد والعشرين لا علاقة له بالتخلف السياسي والاجتماعي اللذين يعاني منهما العرب الان.

فالصين تحقق نموا اقتصاديا يقارب 8% بالعلم فقط رغم افتقارها لتداول السلطة وحققت المانيا واليابان والاتحاد السوفياتي انجازات علمية وصناعية واقتصادية مذهلة قبل الحرب العالمية الثانية – اما على المستوى الاجتماعي فالمرأة العربية تملك من الحقوق والحرية اكثر مما تملكه المرأة الهندية والصينية واليابانية – ورغم هذا تم تقدم هناك ولم يتم عند العرب – والسر ليس في المرأة وحقوقها ولكن بمناهج التعليم وحداثة هذه المناهج.

دعونا نعترف باننا امة متخلفة جدا علميا – دعونا نملك شجاعة الامريكيين الذين اعترفوا بانهم امة متخلفة بالنسبة للصينيين واليابانيين – وقياس هذا التخلف هو ما تم الاعلان عنه عام 2005 من ان نسبة الحاصلين على شهادات في العلوم والهندسة من الطلبة الامريكيين 36% من الخريجين فيما تصل نسبتهم في الهند 54% وفي الصين 59% وفي اليابان 66% – كذلك فقد حقق طلبة السنة النهائية في المدارس الثانوية في امريكا نتائج اقل من المتوسط، بالمقارنة باقرانهم في دول اخرى في الرياضيات والعلوم.

فما هي هذه النسبة في العالم العربي وما هو دور خريجي المدارس الدينية عندنا في بناء مجتمعات القرن الواحد والعشرين ؟

اتركوا امريكا الان واتجهوا صوب الصين والهند واليابان ووظفوا المدربين المعلمين الذين يدربون الصينين والهنود واليابانيين برواتب عالية وامتيازات جمة – فهؤلاء اكثر اهمية من الخبراء العسكريين الاجانب الذين نستقدمهم وندفع لهم الاموال الطائلة.

دعوا طلبتنا يجلسون على الحصي ولكن ادخلوا في عقولهم علوم القرن الحادي والعشرين – – – ما فائدتنا من ان يجلس طلبتنا على مقاعد دراسية وثيرة في غرف مكيفة ويستخدمون احدث الادوات ويقرأون في كتب ذات اوراق مصقولة وطباعة فاخرة لكنهم يتلقون علوم ومناهج القرون الوسطى..

ارسلوا البعثات الدراسية الى الصين والهند واليابان حيث لا حرج من الاخذ من هذه الشعوب ولا عقدة نفسية بيننا وبينهم، فلا تاريخ استعماري لها في العالم العربي قديما او حديثا ولا مشاكل سياسية معها وتعرفوا على سر التقدم الصناعي والعلمي في هذا الشرق.

* مقتبس من كتاب ( لماذا ) لشاكر النابلسي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here