دولة سومر، النبع الاول للحضارة الانسانية !

دولة سومر، النبع الاول للحضارة الانسانية ! (*) د. رضا العطار

نشوء الخط !

التربية والتعليم و المدارس الاولى في تاريخ الأنسان : كان نشوء المدرسة السومرية نتيجة مباشرة لأختراع طريقة الكتابة المسمارية وتطورها، ذلك الأختراع الذي يعد أبرز ما ساهمت به بلاد سومر في تقدم الحضارة الانسانية. وقد كُشف عن اول وثيقة مكتوبة في مدينة سومرية اسمها – ارك – الذي ورد في التورات. وتدعى اليوم بالوركاء، قريبة من مدينة السماوة. وتتألف هذه الوثيقة من اكثر من الف لوح، منقوش بالكتابة الصورية ، بعضها خاص بالدرس والتمرين، يعود تاريخها الى 3000 ق م .

لقد انتشرت المدارس في بلاد سومر، تدرس لغتها بين ابنائها، وصارت الكتابة تدرس تدريسا منتظما. لكن ليس من بين الالواح القديمة ما يبين لنا كيف كان نظام المدرسة السومرية وادارتها والطريقة التي كانت تسيرعليها في ذلك العهد. لكن بعض تلك النقوش كانت بخط ردي مما يدل على ان كاتبها كان التلاميذ المبتدؤن، واخرى جيدة مما كان يكتبه التلميذ المتقدم.

ومن حسن الحظ ان المدرسين كانوا قد خلفوا لنا عددا من مقالاتهم في المواضيع المدرسية. وهذا لعمري امر فريد في بابه بالنسبة الى مثل هذا العهد المبكر من تاريخ الانسان. فقد عاش وازدهر الاطفال في هذه المدارس البدائية وتزودوا بجميع فروع المعرفة المعروفة في زمانهم. كاللاهوت والمعلومات الخاصة بالنبات والحيوان والطيور والحشرات والمعادن وكذلك بالجغرافية وما يتبعها من اسماء المدن والاقطار والرياضة واللغة وما فيها من نحو وقواعد وافعال وصيغ.

كان رواتب المعلمين يُجمع من التلاميذ، ولم يكن التعليم الزاميا، واقتصر على الذكور.

لكن الباحث الالماني شنايدرز المتخصص بالمسماريات، استطاع ان يعرف من احد الالواح المكتشفة، ان الدراسة في دولة سومر كانت للأغنياء من سكان المدن. وان المتخرجين كانوا يعينون في وظائف كتابية في خدمة المعبد او قصر الملك او في مصالح اصحاب المال في البلاد.

كان مدير المدرسة يدعى – ابو المدرسة – اما التلميذ فكان يدعى – ابن المدرسة –

والمعلم يدعى – الأخ الكبير – وصاحب السوط يدعى – العريف – حيث ان التلاميذ كانو يعاقبون بالضرب بالعصا، ان قصروا في اداء واجباتهم المدرسية.

وقد هيّأ المعلمون اقدم المعاجم اللغوية المعروفة في تاريخ الانسان.

اما عن طرق الدراسة في مناهج المدرسة السومرية، فكان يعتمد اساسا على استظهار التلميذ لنسخ مدونة في الالواح المحفوظة، تحتوي على مقطوعات، غالبيتها العظمى ادبية وشعرية، اصغرها حجما، خمسين سطرا. ثم يسأل ابن المدرسة في صباح اليوم التالي من قبل الأخ الكبير وفي رفقته ابو المدرسة، ليتأكدوا درجة اجتهاده، وعلى خطوة واحدة منهم، يقف العريف وبيده العصا، يعاقب به المقصر في اداء واجبه.

ولسنا نعرف حتى الأن إلاّ النزر اليسير عن طرق التدريس والوسائل التي كانت تتبع في المدرسة السومرية. لكننا نعلم ان التلميذ كان ملازما للمدرسة من صباه الى ان يصبح رجلا شابا، وكم كان سرورنا لو عرفنا اوجه النشاط المدرسي و موضوعات تخصصهم بعد تخرجهم وكيف والى اي مدى ؟ لكن المصادر التي وصلت الينا لا تسعفنا.

ولو تسائلنا كيف كانت هيئة بناية المدرسة السومرية، لكان الجواب :

لقد اظهرت التنقيبات التي اجريت في بلاد ما بين النهرين جملة مباني قيل عنها انها ربما كانت صفوف مدرسية. فقد وجد واحد منها في مدينة – سبار – التي تعرف خرائبها اليوم بمدينة المحمودية، قرب بغداد. ورغم وجود لوحات سومرية فيها، إلاّ انها لم تكن واضحة الملامح، ما عدا تلك الخرائب الموجودة في – ماري – على الفرات داخل الاراضي السورية، حيث وجد الفرنسيون عام 1934 حجرتين فيهما – مصاطب – تسع الواحدة منها الى جلوس اربعة اولاد مدرسة.

و سنجد في الحلقة القادمة، مقالة كتبها معلم في مدرسة سومرية ، دونت قبل اربعة الاف سنة ق م تشرح الحياة المدرسية وتعطينا فكرة عن علاقة التلميذ بالمدرس وتزودنا بنوع فريد من الوسائل البدائية التي كانت تستعمل في بلاد سومر في التربية والتعليم.

* مقتبس من كتاب الواح طينية السومريون لصموئيل كريمر جامعة شيكاغو 1963

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here