مجلة استرالية: الفساد أبعد احتياجات المستشفيات عن قائمة الضروريات

ترجمة/ حامد احمد

قتل ما لايقل عن 82 شخصا بعد اجتياح حريق مرعب عبر ردهة وحدة العناية المركزة لمرضى كورونا عند احدى مستشفيات بغداد هذا الأسبوع. رئيس الوزراء العراقي سحب يد وزير الصحة عقب وقوع الحدث .

وبدأ لهيب النار عندما تسبب حادث بتفجير احدى قناني الاوكسجين في مستشفى ابن الخطيب في بغداد. واستنادا لتقارير اعلامية فان المستشفى: “لا توجد فيه منظومة وقاية من الحرائق، وان السقوف الثانوية ساعدت في انتشار النيران عبر المعدات القابلة للاحتراق .”

هذه الفاجعة، التي شهدت مرضى كورونا وهم ينتزعون معدات الانعاش ليتمكنوا من الهروب، تتحدث عن مدى خراب النظام الصحي في العراق. منظومة رعاية صحية متهالكة على مدى عقود من الصدمات المستمرة .

ويقول بينيامين أيزاخان، بروفيسور سياسات دولية من جامعة ديكن الاسترالية ان حادثة المستشفى ليس بشيء مستغرب في بلد مثل العراق ونظامه السياسي السائد منذ عقود قليلة .

بدأ تدهور المنظومة الطبية بعد حرب الخليج الاولى والعقوبات الاقتصادية التي شلت القطاع الصحي واصبح في حينها الوضع اكثر صعوبة للحصول على دواء ومعدات وتدريب. واذا كانت الامور سيئة في ذلك الوقت فانها ازدادت سوءا على نحو كبير بعد العام 2003 بعد انتشار موجات العنف والتخاصم السياسي. وعواقب ذلك ما تزال يُشعر بها حتى الآن .

وشهدت البلاد ايضا تأثيرات رحيل العقول واصحاب الكفاءات حيث غادر خيرة اطباء العراق البلد لدول اخرى حيث الاوضاع افضل .

غزو تنظيم داعش الارهابي للعراق عام 2014 زاد من أوضاع البلد سوءا الذي يعاني اصلا من التناحر والازمات السياسية والاقتصادية. كثير من الاموال والبشر سخرت لمحاربة داعش في وقت كان البلد بحاجة الى ان تسخر هذه الاموال للمساعدة في ترميم صدمات سابقة .

بالاضافة الى كل هذه المعاناة جاء وباء كورونا الذي ضرب البلاد بقوة. وان اللقاحات وزعت واجريت بدرجات نجاح مختلفة .

ولكن مستشفيات البلد التي كانت تكافح بما بوسعها لمواجهة هذه الازمة، هي اصلا غير مهيأة بالأساس للتعامل مع مثل هكذا حالات .

الفساد متوغل في كل مجالات واروقة الحياة في العراق، بضمنها منظومة الرعاية الصحية .

ويقول البروفيسور أيزاخان انه من المرجح ان يكون المسبب الأكبر لكارثة المسشفى التي وقعت مؤخرا هو الفساد المستشري في البلد. الفساد افرغ خزانة الدولة وقوض مشاريع استثمار في بنى تحتية عامة مثل مستشفيات .

العراق احد اغنى البلدان المنتجة للنفط في العالم وينتج ما قيمته مليارات الدولارات من النفط سنويا. ولكنه منذ العام 2003 يتم سرقة اغلب هذه الثروة من جيب المال العام .

مع ذلك فان الدولة كانت ضعيفة جدا بحيث لا تستطيع مواجهة الفساد بشكل مناسب، وكانت مردودات ذلك الفساد سلبية جدا على عامة الناس في كل النواحي ابتداء من النظام التربوي الى قطاع الكهرباء والخدمة الصحية وعدم توفر مياه صالحة للشرب في البيوت .

ما يحصل من كوارث له صلة بتبعات الفساد. حيث لا تتوفر هناك موارد مالية كافية لبناء منظومة حماية من الحرائق في مستشفى، وهي غير مدرجة اصلا في قائمة المشاكل التي يراد لها حل. ولهذا تكون هناك مستشفيات ليست فقط غير قادرة على التعامل مع وباء كورونا، بل لا تستطيع التعامل مع حدث غير متوقع كحريق مثلا .

ليس فقط هذا الحريق المروع هو مثال لما يسببه الفساد، ولكن من السهل جدا كشف مدى الكوارث التي يمكن ان تحصل مثل هذه جراء انتشار مشاكل الفساد على هذا النحو الواسع .

ويقول البروفيسور الاسترالي ان اقدام الكاظمي على سحب يد وزير الصحة ومحافظ بغداد جراء هذا الحدث والاوامر باجراء تحقيق، قد يكون تحرك جيد. ان رئيس الوزراء ينظر اليه على نحو كبير بانه شخص يصغي للشعب، ولهذا فانه يتصرف استجابة لصرخة الناس حول الحريق .

مع ذلك فان هذا التحرك لا يحل المشاكل الاوسع، وانه امر غير مجد ان تستمر بتغيير المسؤولين، حيث تم سابقا تعليق مهام وزراء آخرين حول تهم مختلفة، رغم ذلك فان المشاكل بقيت ولم تنته .

ما هو مطلوب بحق هو ادارة حكم ثابتة جيدة تعمل على إزالة قوى الفساد بشكل تدريجي ومواطن الادارة غير الكفوءة والمحسوبية .

رئيس الوزراء الحالي يبدو مصرا جدا على محاربة الفساد. ولكنه مقيد فيما يمكن له ان يفعل، فمن الصعب ان تكون لك حكومة كفوءة في وقت يوجد هناك أناس مع تحالفات في مواقع مختلفة وبعض منها لها ارتباطات بمصالح خارجية .

عن مجلة سايت SIGHT الاسترالية

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here