ناشطون: تلاعب الأحزاب بالدوائر الانتخابية وتشظي قوى تشرين يقلل فرص حصول تغيير انتخابي

تقترب المواجهة الانتخابية المرتقبة بين القوى السياسية الناشئة من رحم حراك تشرين الاحتجاجي أو “القوى السياسية التشرينية”، وبين قوى الأحزاب الحاكمة التي حكمت العراق منذ 17 عاماً، والتي تمتلك أذرعاً قويةً وماكينات انتخابية وتوظيفاً واسعاً لمؤسسات الدولة لمصلحتها.

القوى التشرينية عقدت عزمها على خوض الانتخابات عبر توحيد الرؤى فيما بينها لتشكيل بديل عن الأحزاب الحاكمة في العراق، إذ عقدت 8 قوى سياسية تشرينية لقاءً موسعاً في محافظة بابل دعت إليه حركة “امتداد”، لمحاولة التوصّل إلى خطة عمل تُخاض الانتخابات على أساسها.

لقاء بابل كان الخطوة الأولى لـ”إنضاج الأفكار” بين الحركات السياسية المعارضة في البلاد، بحسب علاء الركابي، أمين عام حركة “امتداد”، لا سيما أن أغلبها حركات سياسية ناشئة، كما “تم بحث المشتركات في ما بيننا لتأسيس أرضية صلبة لمد الجسور وتحقيق الأهداف المستقبلية”.

الاجتماع الذي عقد في العشرين من نيسان 2021، ضمّ أبرز القوى التشرينية من بينها “البيت الوطني” وتجمع “الفاو زاخو” و”الاتحاد العراقي للعمل والحقوق” وحركة “نازل اخذ حقي” الديموقراطية والتيار الاجتماعي الديموقراطي و”جبهة تشرين” وتيار المد العراقي وحركة امتداد.

ويرى الركابي في حديث لموقع “درج” أن هذا اللقاء حقق أهدافاً جيدة منها خطوة لتأسيس ائتلاف أو تحالف سياسي مشترك لعمل سياسي مستقبلي والاستعداد المباشر لخوض الانتخابات في حال تطبيق الحكومة والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات ضمانات تهيئ لانتخابات عادلة ومتكافئة.

ومن بين الضمانات التي تطالب بها القوى التشرينية العمل على تشجيع الناخبين على المشاركة بالعملية الانتخابية واستلام البطاقة البايومترية التي تتيح لهم إمكان الانتخاب فضلاً عن تحديث معلوماتهم ووضع الآليات التي تحد من عمليات التزوير التي قد تحدث خلال الانتخابات المقبلة.

المجتمعون في بابل شددوا على ضرورة أن توفّر الحكومة العراقية بيئة انتخابية آمنة، خالية من السلاح، ووفق ظروف سليمة، وعلى ضوء الظروف التي تؤمنها الحكومة، تقرر القوى ما إذا كانت ستشارك في الانتخابات أم ستقاطعها.

كما دعا المجتمعون الحكومة إلى إيجاد بعثة دولية تُشرف على الانتخابات المقبلة تكون بديلاً لبعثة الأمم المتحدة في العراق، التي يرونها غير جديرة بالثقة بعد مراقبتها للانتخابات الماضية وعدم تمكّنها من الحد من عمليات التزوير التي حصلت. أحزاب تشرين واضحة وشفافة مع شارعها، فهي تعتمد على التمويل من تبرعات الناس، وهذا يريحها من عبء الالتزامات التي تترتب على التمويل السياسي، ويضعها في الآن عينه أمام استحقاق الرقابة على نفسها.

وفيما تبدو حظوظ القوى التشرينية بالفوز في الانتخابات والقدرة على المنافسة معلّقة على إمكان الاتفاق في ما بينها على برنامج مشترك لخوض الانتخابات، وإقناع الناخبين بهذا البرنامج، يكشف الأستاذ الجامعي ياسر البراك عن وجود اختلاف في وجهات النظر ما بين القوى السياسية التشرينية، فهناك من بينها، من هو عازم على المشاركة في العملية الانتخابية، ويرى آخرون أن الظرف الحالي غير مناسب للمشاركة. والانتخابات ستكون عبر دوائر انتخابية متعددة، إلا أن القانون الانتخابي ذا الدوائر المتعددة بحسب رؤية البراك، صاغته السلطة بطريقة ذكية لضمان فوز الأحزاب الحاكمة بعدما قامت بالحاق الكثير من مراكز المدن، حيث الثقل التشريني، بالأطراف والضواحي حيث الثقل الجماهيري للأحزاب التقليدية، وجعلها دوائر انتخابية واحدة، ما سيرفع من حظوظ أحزاب السلطة.

وبحسب البراك، فإن التشظي في الآراء والتردد حول مشاركة القوى التشرينية في الانتخابات من عدمها، قد يقلل من حظوظ الفوز.

البيان المشترك لاجتماع بابل والذي حمل عنوان “مبادرة مستقبل وطن”، تضمن فقرات تطالب بمحاسبة قتلة متظاهري تشرين والكشف عن مصير المغيبين والمعتقلين. كما دعا البيان الشعبَ العراقي إلى الاستعداد للمشاركة الفاعلة والواسعة في الانتخابات المقبلة، من أجل دعم “القوى الوطنية المخلصة لتحقيق مطالب الشعب العراقي الوطنية والقطاعية والخدمية فضلاً عن العمل على تعديل الدستور”. الركابي، الذي شارك بصفته أميناً عاماً لحركة “امتداد”، يقول إن الدستور العراقي يحتاج إلى تعديل مع كل دورة انتخابية، فالكثير من بنوده “جدلية وغير متفق عليها”، وقد ارتفعت في الفترة الأخيرة أصوات مطالبة بتعديل النظام السياسي الحاكم، ليكون رئاسياً أو شبه رئاسي وغيره من الفقرات التي لم تتفق عليها القوى السياسية منذ بداية كتابة الدستور.

مفوضية الانتخابات ومع قرب موعد الانتخابات البرلمانية سجلت منذ بداية عام 2020 وحتى الآن 40 حزباً سياسياً، منحت إجازات تمكنها من ممارسة عملها الحزبي وخوض الانتخابات البرلمانية ليصل عدد الأحزاب السياسية المسجلة إلى إجمالي 270 حزباً سياسياً. القوى التشرينية التي لا يتجاوز عددها الـ20 في عموم العراق، بعضها مسجّل رسمياً والبعض الاخر ما زال غير مسجل، وهو ما قد يعيق خوض بعض هذه القوى الانتخابات.

أمين عام حزب البيت الوطني حسين الغرابي يأسف لأن الديموقراطية العراقية يشوبها الخلل، آملاً بأن تعطي بالقوى التشرينية صورة ناصعة عن التعددية التي من شأنها أن تصحح الواقع الديموقراطي، إضافة إلى أن هذه القوى السياسية تمكنت في اجتماع بابل من التحاور وفق معطيات الواقع السياسي للمرحلة المقبلة، على رغم أنها جديدة في المضمار السياسي، ومع ذلك “استطاعت ان تنظم نفسها بشكل جيد” كما يقول.

ويرى الغرابي أن أحزاب تشرين واضحة وشفافة مع شارعها، فهي تعتمد على التمويل من تبرعات الناس، وهذا يريحها من عبء الالتزامات التي تترتب على التمويل السياسي، ويضعها في الآن عينه أمام استحقاق الرقابة على نفسها. ويبقى أن التحدي الأساسي أمام هذه القوى يتمثل في طرح برامج سياسية مقنعة ومحفزة وبديلة عن برامج الأحزاب تشجّع الناس على المشاركة بالتغيير عبر التصويت في صناديق الاقتراع، بعدما كانت الكلمة الفصل منذ تشرين الأول 2019 للساحات والتظاهرات.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here