التفاؤل والتشاؤم:

 بقلم (كامل سلمان)
من المفرح ان ترى شيخا طاعنا في السن متفاؤل بالحياة ومن المؤلم ان ترى شابًا في مقتبل العمر يائسا من الحياة ومن المفرح ان ترى جائعا همه اشباع الجياع ومن المؤلم ان ترى مملوء البطن همه نفسه ، ومن المفرح ان ترى امرأة تراعي اطفالها وأطفال آخرين ومن المؤلم ان ترى أمرأة لا تراعي أطفالها وحتى نفسها ، ومن المفرح ان ترى الابتسامة تعلو وجوه اتعبتها السنين ومن المؤلم ان ترى وجوه عبست من الحقد والكراهية على الآخرين ، ومن المفرح ان ترى اناسا وأنت بينهم تشعر بالأمان والاطمئنان ومن المؤلم ان ترى اناسا يسلبوك كل شيء بمجرد انك مررت بهم …..
لا يوجود أنسان طيب متفائل الا وتغذى من الأفكار والمفاهيم الطيبة ، والأفكار الطيبة لا تستطيع أن تتصنعها باللسان أو بالتلون لإن لها عطر أنساني مميز لا يتم أجبارك عليها او فرضها عليك بل أنت من تنجذب أليها ، الأفكار التي تأتيك بالسوط والسيف هي أفكار مريضة ستموت عندما يتوقف دور السوط والسيف ،، الأفكار النظيفة هي التي تعطي الحياة جماليتها كما ارادها الله لخلقه ، وقد تدفع هذه الأفكار النظيفة  بصاحبها ان يضحي بنفسه في سبيل تقديم شيء لأجل أخيه الانسان ويحي به الآخرين من بعده كما فعل بعض العلماء في اكتشافاتهم وبحوثهم ، بينما الأفكار الملوثة تدفع بحاملها ان يضحي بنفسه من أجل ان يبيد ويقتل اكبر عدد ممكن من الناس كما يفعل المتطرفون والارهابيون ،،، أنظر الى تأريخ الإنسان والتطور العلمي الذي صاحبه سترى ان كل خير تتذوقه اليوم من تطور علمي وتكنولوجي وطبي وانساني ، كلها من مصدر واحد وهم أصحاب الأفكار النظيفة وبالمقابل سترى كل بقعة دم في الارض وانعدام للأمن والأمان وإضطهاد للمرأة وإهانة للطفل والحروب والدمار والمجاعات وراءها مصدر واحد وهم أصحاب الأفكار الملوثة ، ترى لماذا يفعل اصحاب الأفكار الملوثة كل هذا الألم للإنسان وهم بشر مثلنا ، الجواب ببساطة لإن الكراهية استحوذت على عقولهم ، وإنهم غير قادرين على ان يقولوا كلمتهم التي يريدون قولها لإن إرادتهم دفنت تحت إرادة غيرهم وتم برمجة عقولهم بما يقوله غيرهم ، فهم ايضا بحاجة الى الأفكار النظيفة لكي تنقذهم وتحررهم من ورطتهم ومن يأسهم . هم يعرفون ان الحياة جميلة ويجب ان يعيشون جمالها ويتذوقون طعمها لإن الله خلق الحياة وأوجدها لنا نحن البشر وكل مافيها من جمال إنما هو تكريم من الله ، ثم أعطانا الآخرة كي لا نحزن على فراق جمال الدنيا عند الممات لإن الموت جزء مكمل لتركيبة هذا الكون ومكمل لاستمرارية الحياة على الأرض ، فهذه هي عدالة الرب ، لكنهم أعتقدوا بأفكارهم الملوثة بأن الآخرة هي بديل عن الدنيا ، اي انك ان اردت الآخرة عليك ان تتخلى عن الدنيا ، وان التخلي عن الدنيا تستوجب قتل من احبها واحب العيش فيها بسلام ، هذه الافكار  في جوهرها إيحاءات شيطانية تتولد داخل النفوس المتعطشة للدم والتي ترى الحياة عبارة عن ظلام دامس عديمة القيمة ، هؤلاء لن توقفهم القوة ولا الخداع إنما توقفهم وتهزمهم الثقافة والوعي المتولدة في رحم الأفكار النظيفة وهم يعرفون ذلك ، لذلك أصبح المثقف هدف لا بد من استمالته بالنسبة لهم او تحيده او القضاء عليه اذا أستوجب الأمر . المثقف في زماننا يمشي على مسافة ليست ببعيدة عن المخاطرة لا لشيء سوى انه مثقف ويدرك العلة ويدرك ماهو الدواء لهذه العلة ويدرك ان التفاؤل هو السبيل لديمومة الحياة بشكلها الانساني الطبيعي .
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here