الرثاء ديدننا!!

الرثاء ديدننا!!
الرثاء: صوت البكاء على الميت , صوت الكلام أثناء البكاء على الميت
قصيدة رثائية: قصيدة تقال في ذكر محاسن شخص ميت
بكائية: قصيدة باكية أو مرثية.
الإبداع السائد في مجتمعاتنا ومنذ نهاية القرن التاسع عشر يتميز بالرثائية القاتمة والبكائية الدائمة , ولا تجد فيه ما يوحي بما هو أفضل وأنفع للحياة.
وبسبب هذه الأزمة النفسية والسلوكية أخذنا نتوهم بأن الأسباب تتعلق بما ورثناه من تراث ومعارف عربية , وما موجود في كتبنا وموسوعاتنا التي تركها لنا الأجداد الأفذاذ , الذين أسهموا في صناعة الحياة البشرية ورفع قيم ومعالم الإنسانية , وإطلاق القدرات العقلية التي كانت مطمورة في ظلمات العصور الداجية.
ووجدتنا أمام طوابير من الذين توهموا التجديد بتغيير أشكال الموروثات والعدوان عليها , فتعرض التراث المعرفي العربي إلى صولات قادها أبناء الأمة , ومنها الشعر الذي حسبوا أن تغيير شكله سيفي بالغرض , لكن المضمون بقي على حاله , والأفكار السوداوية قائمة فيه.
وما تمكن رواده وأتباعهم من الإتيان بما هو نافع للناس , بل ضربوا الشعر وقصموا ظهره , وأخرجوه من وعي الأجيال , وجعلوه من إختصاص النخب التي تدّعي أنها تكتب شعرا , لتتشبه بالآخرين من الثقافات الغربية , وإنهمكوا بالتقليد والإستنساخ والترجمات , ليقولوا إن الشعر هكذا يجب أن يكون , وغيره لا شعر , وفقا لمفاهيم الحداثة والتجديد وما بعدهما.
ولا توجد ملاحم شعرية ذات قيمة فنية وجمالية , وإنما صار الشعر طلاسم وعبارات غامضة , ولا يُحفظ منه شيئا , بل يكدس فيما يسمى بالدواوين ويُلقى في سلال المهملات.
وعندما تقرأ ما يُنشر تجده محشوا بالبكائيات , والمحاكاة الجامدة للواقع , دون أي رغبة أو تصور وإرادة للتعامل معه وفقا لما يجب أن يكون عليه , لا كما هو عليه , وبهذا تحقق الإسهام بترسيخ الواقع السلبي وتنميته والعمل على ديموته , لكي يوفر مادة بكائية ورثائيات بائسة تصيب الأجيال بالعقم الحضاري , حتى ليمكن القول بأن الشعر المسمى بالحديث قد قتل إرادة الأمة وأضاع دورها , ونكب أبناءها , لأنه أفقدهم بوصلة الإنطلاق السليم والتوازن النفسي الحكيم.
فهل من عودة إلى الشعر يا عرب؟!!
د-صادق السامرائي
27\12\2020

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here