المرأة العربية وقصتها مع الزوج !

المرأة العربية وقصتها مع الزوج ! (*) د. رضا العطار

يقترح المؤلف ان يحتفظ كل زوجين نسخة من هذا المقال في (مكتبة) المنزل، يعيد قرائته بهدوء وتأنّي، كلما ظهرت بينهما بوادر ازمة عاطفية.

فعلاقة الرجل بزوجته علاقة وجدانية، عاطفية، وهي لهذا السبب علاقة متناقضة، هي مزيج من الحب والبغض، من القرب والبعد، من الرغبة والنفور، من الاقدام والاحجام،

اي باقة متناقضات !

ولست اجد تصورا مقبولا لهذه العلاقة اكثر من تلك الاسطورة الهندية التي تروي قصة خلق الرجل والمرأة، فتقول – – ان الاله ( تواشتري ) الذي خلق الرجل واراد ان يخلق المرأة، اكتشف ان مواد الخلق قد نفذت لديه، ولم يبقى من المواد الصلبة شيء يخلق منها المرأة، وازاء هذه المشكلة راح يصوغ المرأة من اجزاء وقصاصات يجمعها من هنا وهناك: ( فأخذ من القمر استدارته، ومن الشمس اشراقها، ومن السحب دموعها، ومن الازهار شذاها، ومن الورود الوانها، ومن الاغصان تمايلها، ومن النسيم رقته، ومن النبات رجفته، ومن النار حرارتها، ومن المها عيونها، ومن الحمام هديله، ومن الكلب وفاءه، ومن الكروان صوته، ومن العسل حلاوته، ومن الحنضل مرارته … ومزج هذه العناصر مع بعضها وخلق منها المرأة. ثم وهبها للرجل الذي اقبل عليها واخذ بيدها وسار بها الى حجلته.

لكن لم يمضي على وجودها معه سوى – شهر العسل – حتى اسرع الرجل الى الاله وهو يجر المرأة من يدها بعنف – ليقول: يا الهي ! هذه المخلوقة التي وهبتها إليّ قد احالت حياتي جحيما لا يطاق، فأنقلب النعيم الذي كنت فيه الى شقاء ! فهي ثرثارة، لا يكل لسانها عن الكلام ولا يمل ! وهي تطالبني بأن ارعاها رعاية مفرطة مستمرة، وكلما رجعت من الصيد متعبا مرهقا ونمت، حتى ايقظتني لكي اسليها، مدعية انها مورقة ! فإذا خاصمني النوم وارقت، نامت هي وآذتني بشخيرها .. ! لهذا كله فقد جئت لأردها اليك لأنني لا اطيق العيش معها.

فقال الاله: ( هاتها وانصرف ) !

ولم يمض على ذلك سوى شهر واحد حتى عاد الرجل ليقول : ( يا الهي ! لقد رددت هذه المخلوقة التي وهبتها اليّ .. ولكني اشعر منذ ذلك الحين بالوحدة ! بل انني احس بوحشة لا تطاق لم اكن اشعر بها من قبل كما ان حياتي اصبحت فراغا مجدبا، لقد افتقدت انسها وحُرمت من لذة مصاحبتها، وحديثها الممتع، ودعابتها المرحة، وعبثها المسلّي .. فهلا ارجعتها لي مرة اخرى ؟ ! – فأنعم الاله النظر فيً وقال: اجل، خذها فهي لك !!

وبعد ايام قليلة عاد الرجل يقول: ( يا الهي انني في حيرة من امري، فان هذه المخلوقة، سر مغلق، لا يمكن كشفه ! لغز محيّر لم استطع فهمه، انني لا استطيع العيش معها، لكنني لا استطيع العيش بدونها …!

وتستمر الاسطورة لتكرر الشيء نفسه مع المرأة التي جاءت بدورها تشكو من الرجل قائلة: ( يا الهي ! ان هذا المخلوق الذي وهبتني له، قد ضقت ذرعا بأنانيته، وصلفه وقسوته وغروره ! انه لم يحسن عشرتي الا يوما واحدا، ثم بعد ذلك كان يقصيني اذا دنوت منه، ولا يصغي اليّ اذا حادثته، واذا اشرت اليه برأي سفّهه، واذا فعلت فعلا قبّحه، واذا هفوت كلمة اقام الدنيا واقعدها!! اللهم اجعل بيني وبينه سدا… !

فأبتسم الاله وأشار بيده، فإذا الجنة التي كانا يسكنان جنتان، بينهما سد عال ! لا تستطيع المرأة بعد ان ترى زوجها ! .. لكنها سرعان ما تعود بعد ايام قليلة لتقول للأله وهي تبكي: ( لقد اكتشفت يا الهي في الايام الماضية انني لا استطيع ان اعيش بدونه لقد ظللت طوال هذه المدة خائفة اترقب ! اذا تحرك غصن فزعت، واذا عوى ذئب ذعرت واغلقت الباب، وبقيت في ركن الغرفة ارتجف، ولقد كنت من قبل اجوب الغابة اجمع الثمار غير هيابة لعلمي انه ورائي يحميني … كنت اذا دعوته، هرع اليّ، واذا استصرخته، سارع لنجدتي ! لا . لا انني لا اقوى على فراقه : انه جاري وحصني وامانيّ ومعقلي وملاذي.

فأعادها الاله اليه وهو يقول ( اذهبي اليه، فهو لباس لكِ وانتِ لباس له، كل منكما يسعد صاحبه ويشقيه، يشكو منه وهو راغب فيه، كل منكما بمثابة مرأة يرى فيها صورة الاخر، حسناته وسيئاته، محاسنه وعيوبه ).

* مقتبس من كتاب افكار ومواقف لمؤلفه امام عبد الفتاح امام.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here