معهد بروكنغز: التوقعات والتقييدات التي ستصاحب مهمة الأمم المتحدة الرقابية على الانتخابات

ترجمة/ حامد أحمد

يتهيأ عراقيون في تشرين الأول 2021، بعد سنتين تقريبا من احتجاجات كبيرة اسفرت عن استقالة حكومة عادل عبد المهدي، للذهاب الى صناديق الاقتراع في انتخابات مبكرة. احدى نقاط الجدل الرئيسة التي تدور حول هذه الانتخابات هي مدى درجة تدخل الأمم المتحدة فيها.

كثير من النخب السياسية دعت الى دور رقابي للأمم المتحدة، الذي يعتبر محدودا من الناحية العملية ويمكن ان يؤدي لعواقب غير مقصودة. في الوقت الذي دعا فيه كثير من المحتجين الذين لهم شكوك بنزاهة الانتخابات الى دور مكثف اكبر للأمم المتحدة عبر إشرافها على الانتخابات.

ما يكمن تحت هذه المطالب هو توقع ان يتمكن دور الامم المتحدة من ضمان شفافية انتخابية، يساعد في استرجاع الثقة بالديمقراطية ومنح الانتخابات الشرعية. مع ذلك، يقول معهد بروكنغز، انه طالما ان كلا من النخب السياسية ومجاميع المحتجين الذين وقفوا ضدهم طالبوا باشراك الامم المتحدة، فان هذا يثير التساؤل التالي: كم سيكون تأثير الخدمات الانتخابية المختلفة للأمم المتحدة في تحقيق هذه الاهداف وما الذي ينبغي فعله؟

اكثر الصيغ الشائعة للمساعدات التي تقدمها الامم المتحدة في الانتخابات حول العالم هي مساعدة فنية ومراقبة ولجنة خبراء ودعم عملياتي للمراقبين الدوليين ومساندة في خلق بيئة مساعدة للانتخابات. المساعدة الفنية هي احدى اكثر صيغ خدمات الامم المتحدة الانتخابية شيوعا وتم توفيرها لاكثر من 100 بلد عضو بضمنهم العراق.

الاشراف الانتخابي والتنظيم والتصديق هي من الصيغ النادرة لخدمات الامم المتحدة الانتخابية. رغم ان هذه الخدمات نادرة، فان الشعب العراقي كان يطالب باشراف أممي وفي احيان اخرى طالبوا الامم المتحدة بتنظيم انتخاباتهم القادمة.

من جانب آخر، طالبت الحكومة العراقية من الامم المتحدة في 20 تشرين الثاني 2020 ان تقوم بدور رقابي على الانتخابات. وقامت بعثة مراقبة من الامم المتحدة بجمع معلومات عن كل مرحلة من العملية الانتخابية وبالتالي تستخدم المعلومات لتقديم تقرير بالنيابة عن الأمين العام حول نوعية الانتخاب.

الدور الرقابي يتطلب طلبا رسميا من الحكومة وكذلك قرارا من الجمعية العامة للأمم المتحدة أو مجلس الامن التابع للامم المتحدة.

طلب الحكومة العراقية يتماشى مع الاهتمام والقبول الدولي المتزايد بخدمات الانتخابات حول العالم، ليس بالضرورة تقدم من الامم المتحدة فقط. المفوضية العراقية العليا المستقلة للانتخابات دعت 54 سفارة و 21 منظمة دولية لارسال مراقبي انتخابات. منذ منتصف التسعينيات اكثر من نصف جميع انتخابات ديمقراطيات غير متماسكة حول العالم قد تم الاشراف عليها من قبل منظمات دولية بضمنها الامم المتحدة ومركز كارتر والاتحاد الاوروبي و آخرون.

في 16 شباط اكدت المبعوثة الخاصة للامم المتحدة في العراق، جينين بلاسخارت، لمجلس الامن اهمية الانتخابات القادمة في تشرين الاول وطالبت المجلس بالاستجابة لطلب بغداد لرقابة انتخابية من قبل يونامي. واشارت المبعوثة في حينها الى الازمة المتشعبة التي يعيشها العراق بضمنها الازمة الاقتصادية واستمرار تواجد تهديد داعش وتوترات اجتماعية. وفي تقريرها السابع عن الاستعدادات الجارية للانتخابات، اكدت المبعوثة الخاصة انه بغض النظر عما سيكون رد مجلس الأمن، فان “الانتخابات ستكون بقيادة عراقية واستحقاق عراقي في كل الأوقات”. ويقول معهد بروكنغز انه اذا ما وافقت الامم المتحدة على الطلب بمهمة المراقبة، فانها ستنفذ طلب الحكومة العراقية بشكلٍ مرضٍ، ولكن هل سيرضي ذلك اهداف الشعب العراقي؟ الجواب يكمن في مواطن الضعف المتجذرة في عملية الرقابة الانتخابية، ورغم انه دور جوهري، فانه بالامكان التأثير عليه عبر سياسة استباقية.

الامم المتحدة والكيانات الاخرى لا يمكن لها ان تحسن اجراءات الادارة بشكل فعال عبر مهمة المراقبة الانتخابية فقط. علاوة على ذلك فانه يمكن لهذا المجال المحدد ان يهدد الثقة المحلية والاشتراك بالعملية الانتخابية اذا ما كان الشعب يفهم مجال الاشتراك على انه اكبر مما هو فعلا.

مطالبة الشعب العراقي باشراك الامم المتحدة نابع من الاعتقاد بان الامم المتحدة بامكانها ضمان شفافية وعدالة الانتخابات، كثير من الناس ربما نسوا ان الامم المتحدة كانت قد ساهمت بمساعداتها في العراق منذ عام 2004. الشعب العراقي هو اصلا لديه ازمة ثقة فيما يتعلق بانتخابات البلد. اذا فشل دور الامم المتحدة في ضمان اجراء الانتخابات على انها حرة وعادلة، أو اذا كان بيان الامم المتحدة عقب الانتخابات لا يتماشى مع تطلع الشعب، فعندها تهتز الثقة إزاء الامم المتحدة والانتخابات معا.

رغم ان الدور الرقابي غالبا ما يكون مقيدا، وهذا ما تفضله النخب السياسية لهذا السبب، فانه يمكن ان يستخدم مع ذلك لتعزيز انتخابات حرة وعادلة واستعادة الثقة في العملية الانتخابية والجانب الديمقراطي. ولاجل تحقيق ذلك فانه يتوجب تشكيل مجموعة مهمة المراقبة بالوقت المحدد لضمان اجراء المراقبة لممارسات ما قبل الانتخابات. ولهذا فانه من الضروري ان لا يكون هناك تأخير في مهمة الرقابة اكثر من ذلك.

الامم المتحدة كانت قد بنت علاقات مكثفة مع المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ومع مؤسسات عراقية ولكنها فشلت في بناء تواصل مع الشارع العراقي الذي تمثله حركة الاحتجاج. هذا شيء تحدده الامم المتحدة، لان الآمال التي لا تتم تلبيتها ستؤدي فقط الى الإضرار بالسمعة.

اي قرار تتوصل اليه الامم المتحدة واي تقييدات ستواجهها يجب ان تتواصل به مع الشعب العراقي، وعكس ذلك فان الشعب سيبقى ينظر الى دور الأمم المتحدة على انه دواء عام لمشاكل حكمه.

 عن معهد بروكنغز

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here