فرحة العيد

فرحة العيد : بقلم ( كامل سلمان)

العيد يبدأ بالطفل فهو اول من يفرح بالعيد و أول من يحتفل ، والمرأة عيدها يزهو بالفرح عندما تجد في بيتها حاجة جديدة ، اما الرجل فعيده وفرحته من فرحة وسعادة العائلة ، لكن اذا وجد طفلا يبكي في ليلة العيد بسبب الحرمان والفقر وعدم وجود مايرتديه في يوم العيد مع أقرانه من الأطفال أو أمرأة تتحسر بسبب الفاقة والعوز أو رجلا يتألم على حال عياله وعدم قدرته على توفير أبسط متطلبات العيد لهم ، فهنا يصبح العيد لهؤلاء المحرومين نقمة وألم . الفقر والحرمان موجود منذ ان وجد الإنسان على هذه البسيطة ولم يختفي في يوم من الأيام مهما كان المجتمع متكاتف ومتعاون ومهما كانت الحكومة عادلة ونزيهة وسيبقى مادامت الحياة باقية وأما ما يقال عن الحياة المثالية للمجتمع فهذا محض خيال لإن الفقر والحرمان من ثوابت الحياة كالجمال والقبح والذكاء والغباء والقوة والضعف كذلك الغنى والفقر ، وقد تقل نسبتها بشكل كبير او تزداد حسب الظروف الاجتماعية والزمن ، اذا هي فرصة مثالية لميسوري الحال لمن أراد منهم ان يتقرب الى الله بالنسبة للمؤمن هو ان يتقرب الى هؤلاء المحرومين ويمد لهم يد العون ، وهذه فرصة كذلك لمن أراد ان يسمو بقيمه الإنسانية والأخلاقية النبيلة ليضيف الى رصيده الاجتماعي ما هو خير متواصل ، بل ان عطاءه هذا افضل من اي عمل عبادي او اخلاقي . ومثل هذه الفرص قد لا تتكرر في حياة الميسور خاصة اذا كان المحروم من الأقربين او من بيوت الجوار ، ليس من الصحيح في مثل هذه الأحوال محاججة الرب او العتب على المجتمع او ابداء اللوم على الدولة او حتى على ذات الانسان المحروم بسبب الحرمان الذي قد يكون هو سببه الأول ( لا أقصد التبرير ) لإن مثل هذه المواقف فإن الوضع لا يتقبل اي كلام او تفكير من هذا القبيل بل يتقبل المبادرة الى مد يد العون والمساعدة راضيا مبتسما واثقا مرتاح البال والضمير بهذا العمل الإنساني فتكون بذلك إنسانا في كل المعايير الإنسانية ، تقوم بما هو مطلوب منك ان تؤديه دون ان تمن به على أحد ، ، ،
على مدى التأريخ البشري تجد جميع المجتمعات أينما كانت لديها مناسبات للأفراح والأعياد والاحتفالات ، فالمجتمع يعبر عن هذه الأفراح باللبس الجديد وتبادل التهاني وتبادل الزيارات او أية طريقة من شأنها ان ترسم البسمة على الوجوه ، فليس من الأنصاف ان يحرم بعض الناس من فرحة العيد ، العيد هو المناسبة الأجمل التي يمكن ان تتصالح فيها الأنفس ويمكن للغني ان ينزل بنفسه للفقير والكبير للصغير والمتعافي للمريض والرجل للمرأة وحتى العدو للصديق ، لإن الإنسان الصادق في مثل هذه المناسبات لا يريد ان يهتم بسفاسف الأمور ، فكل مايريده هو ان يستثمر الساعات الجميلة القليلة للفرحة ليسعد نفسه ومن يحيط به بكل جوارحه ومن صميم القلب والأعماق … العيد هو فرحة أجتماعية مليئة بالود والرغبة الى التقارب والألفة مع الآخرين والقدرة على تناسي المساوىء ومن ثم التسامح ، ولطالما نجد نفر من الناس يتألم ان يجد الفرحة عند الآخرين بأيامهم السعيدة ، هؤلاء القلة القليلة التي تجد سعادتها مرهون بحرمان الغالبية من الأفراح والمسرات ، تلك القلة البائسة كالزبد يذهب جفاء ، فلا ينبغي لها ان تحرم مجتمعا كاملا من حقه الطبيعي ، لذلك اصبح لزاما علينا ان نفرح ونسعد ونحتفل ولكي يدرك هؤلاء المرضى بعقولهم ان غيظهم لن يجدي لهم نفعا وإن الحياة لها شمعة لن تنطفىء ،، اني أرى مناسبات الأعياد وطنية او تقليدية او دينية اسلامية او مسيحية او غيرها يجب ان تستمر بقوة ورغبة عالية ويجب التعبير عنها بكل الأشكال المعروفة اجتماعيا وتقليديا مع الصغير والكبير ومع الرجل والمرأة والأقارب والأصدقاء ، فديمومتها يعني إن الحياة مازالت تنبض بالخير ومازالت تزهو بجمالها وإن الناس مازالوا احياء ولم تموت دواخلهم مهما ساءت الظروف ، نحن بحاجة الى الفرحة مثل حاجتنا الى الماء والهواء والحياة بلا أفراح ظلام دامس وجحيم لا يطاق ، فبإمكاننا ان نعطي السعادة للآخرين وخاصة الأطفال كي يبقوا في تواصل مع الحياة ومع الأمل ومع المستقبل .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here