إلى ماذا دعا الكاظمي في مؤتمره الصحفي؟

كاظم حبيب
إلى ماذا دعا الكاظمي في مؤتمره الصحفي؟
“إذا نام العقل.. تستيقظ الوحوش”.
الفنان التشكيلي فرانتشیسکو گويا
في الوقت الذي سقط المئات من القتلى الشهداء وعشرات الألوف من الجرحى والمعاقين في انتفاضة تشرين الأول 2019 من أجل تغيير النظام السياسي الطائفي المحاصصي الفاسد والجاثم منذ 18 عاماً على صدور العراقيين، وفي الوقت الذي تمارس قوى النظام السياسي القائم القتل اليومي بأساليب مختلفة بما فيها الاغتيال السياسي، كما حصل مع المناضل المدني الديمقراطي الشهيد إيهاب جواد الوزني الذي اغتيل صباح يوم السبت 08/05/2021 أمام منزله بكربلاء، خرج علينا رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي مساء يوم الأحد 09/10/2021، أي يوم واحد بعد الاغتيال الجبان، ليتحدث للمشاهدين والمستمعين عن إنجازاته “الجبارة” خلال عام من تسلمه مسؤولية السلطة التنفيذية ويركز على مهمته المركزية الحالية التي لخّصها بـ “إعادة الثقة بالنظام السياسي القائم!!!” أي إعادة الثقة بالنظام السياسي الذي يشكل مع بقية الفئة الحاكمة الفاسدة جزءاً منه، هذا النظام الذي يمارس قادته وكوادره النهب والسلب والقتل العمد ضد كل قوى الانتفاضة الشبابية، والذي يطالب المجتمع بتغييره.
فالكاظمي يدَّعي كذباً بأنه يعمل على حصر السلاح بيد الدولة وضد السلاح المنفلت، ولكنه لم يتحدث عن الميليشيات الطائفية المسلحة وفرق الموت التابعة لها في كل أنحاء العراق ولا عن قادة الحشد الشعبي الذي يتقلدون قيادة أغلب تلك الميليشيات الأكثر دموية وعدوانية وتخريباً التي تقوم بالقتل والاختطاف والتغييب والتهديد والابتزاز يومياً وأمام أعين الأجهزة الأمنية والاستخباراتية التي يقودها الكاظمي نفسه باعتباره القائد العام للقوات المسلحة. وهو يدَّعي بأنه يحارب الفساد وأن الأجهزة الأمنية اعتقلت العشرات من كبار الفاسدين، والشعب شاهد، فهو يرى ويسمع، وليس بأصم أو أعمى كما يعتقد الكاظمي، بأن كبار الفاسدين والغارقين في عمق السحت الحرام هم قادة الأحزاب السياسية الحاكمة، وهم قادة الحشد الشعبي وميليشياته المسلحة، وهم قادة المكاتب الاقتصادية وفرق الموت العراقية – الإيرانية، وهم الذين يقدمون له المشورة في عمله السياسي والعسكري الداخلي والاقتصادي والاجتماعي.
يدعي إن ظروف إجراء الانتخابات القادمة هي أفضل من الانتخابات التي سبقتها، في وقت لم يحرك ساكناً في المسائل الجوهرية التالية التي لا يمكن أن تكون هناك انتخابات حرة ونزيهة وعادلة بدون تحقيقها: الكشف عن قتلة المتظاهرين منذ 2019 حتى اليوم، تقديم الفاسدين الكبار الذين سرقوا أموال الدولة أو فرطوا بها، ونزع سلاح الميليشيات الطائفية المسلحة واعتقال قادتها الذين يقودون اليوم الحشد الشعبي.
يدعي أنه أصلح الاقتصاد العراقي بالورقة البيضاء، وهي ورقة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي التي جلبت المزيد من البؤس والفاقة والحرمان بالعائلات الفقيرة وذات الدخل المحدود، رغم سكبه دموع التماسيح على امرأة تتسلم 50 ألف دينار فقط شهرياً، وهو الذي وبقية النخبة الحاكمة تتسلم المليارات من الدولارات سنوياً، ولكنه لم يشعر بالخجل الفعلي وليس الشكلي، كهؤلئك الذين يبكون على الحسين ويسرقون الشعب باسمه. وقد ردد المتظاهرون في كربلاء أثناء تشييع جثمان الشهيد إيهاب الوزني ” كلها چذب.. کلها چذب … تلطم ع الحسين”.
إن النظام السياسي القائم لم يعد يمتلك الشرعية الدستورية، والعملية السياسية الجارية عملية فاسدة ومضرة وموجهة ضد الشعب ولصالح القوى الطائفية المحاصصية الفاسدة ولصالح إيران والدول المستفيدة من الوضع المزري القائم في البلاد.
الاغتيال السياسي هو دليل الفشل والخسارة والحقارة والقناعة بأن ممارسه قد فقدوا الشرعية ويعبرون عمق الأزمة التي تعيشها النخب السياسية الحاكمة وأحزابها والقوى المساندة لها في الداخل والخارج. إن قوى الانتفاضة الشبابية تتحرك من جديد، تعيد نصب الخيام.. تعييد ترتيب القوى تفكر بتحالفات جديدة وضرورية وقيادة فعلية للحراك الجديد.. تعمل على تغيير موازين القوى لصالحها وضد كل الذين يحاولون تشريد وقتل قوى الانتفاضة، ضد قوى الثورة المضادة التي تفاقم غيّها وانحطت أخلاقياً وسياسياً، واغتنت بالسحت الحرام، وتحولت إلى بيادق تتحرك بقرار من قوى الدولة العميقة التي خيوطها بيد خامنئي وآل خامنئي في إيران. ها هي الوحوش تتحرك في العراق، فهل نام عقل العراقيين، أم أن شعب العراق سيستيقظ عن بكرة ابيه ليضع حداً للمأساة والمهزلة الجارية في عراق اليوم!!!

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here