بدأ الموسم الانتخابي هذا العام مبكراً من عدة بوّابات، أبرزها ملف الحشد الشعبي، حيث يسعى تحالف الفتح وعدد من نوابه، إلى إعادة الهاربين من معارك تنظيم داعش (المفسوخة عقودهم)، قبل موسم الانتخابات، فيما يسعى نواب آخرون إلى إنشاء جامعة تابعة للحشد تضم عناصره المسلحة.
ومع بدء نقاشات الموازنة المالية للعام الحالي، اشترط تحالف الفتح، الممثل السياسي للفصائل المسلحة، إعادة 30 ألفاً من العناصر المفسوخة عقودهم، مقابل التصويت على الموازنة، غير أن هذا الشرط لم يتحقق، وهو ما أوقع التحالف في مأزق أمام أنصاره الذين اتهموه بالكذب واستغلال معاناتهم في الدعاية الانتخابية.
وكان رئيس تحالف الفتح هادي العامري، وقائد ميليشيا عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، ونواب من كتلهم، قد تحدثوا عن ضرورة إعادة المفسوخة عقودهم، حيث قال العامري في أحد بياناته: «إننا لن نقف مكتوفي الايدي إزاء أبنائنا من الحشد الشعبي المفسوخة عقودهم، فما زلنا نتواصل مع الجميع من أجل إيجاد حل وعودة هؤلاء المجاهدين الذين انتظروا طويلاً ومروا بظروف صعبة».
اتهامات للفتح بالاستغلال الانتخابي
وأضاف البيان «نتمنى من دولة رئيس الوزراء المحترم ومن معالي وزير المالية إيجاد حل للمفسوخة عقودهم من الحشد الشعبي أسوة بإخوانهم من الجيش والشرطة ومكافحة الإرهاب الذين تمت إعادتهم إلى الخدمة منذ فترة طويلة».
ومصطلح المفسوخة عقودهم يطلق على العناصر الهاربة من الجيش والشرطة والحشد الشعبي في الفترات الماضية، ويرغبون بالعودة إلى الخدمة، وهو ما أثار تساؤلات عن سبب إعادة هؤلاء بعد ثبوت عدم قدرتهم وأهليتهم للقتال وانسحابهم وهروبهم في الجبهات، وهو ما يضع علامات استفهام على ذلك.
واتهمت جهات سياسية، نواباً في البرلمان وتحالف الفتح، باستغلال معاناة هؤلاء الأفراد ومنحهم الوعود لإعادتهم إلى الخدمة، رغم عدم وجود الغطاء المالي القانوني، فضلاً عن عدم الحصول على الضوء الأخضر من وزارة المالية بشأن تلك العودة، وهو ما أجج احتجاجات قام بها عدد من المفسوخة عقودهم في العاصمة بغداد، خلال الأيام الماضية.
بدوره ذكر مصدر مطلع، أن «هؤلاء العناصر سيوزعون على نحو 25 فصيل مسلح داخل الحشد الشعبي، وفق ما يخطط له من قبل الجهات السياسية التي ترعى الحشد الشعبي، وأبرز الكتل التي ستحصل على هؤلاء المقاتلين هم منظمة بدر بزعامة هادي العامري، وعصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي، بالإضافة إلى كتائب حزب الله، وهو ما يرفع العدد الكلي للحشد الشعبي إلى أكثر من 160 ألفاً».
وأضاف المصدر لـ (باسنيوز) أن «الموقف في الوقت الراهن هو وقوع تلك الأحزاب في مأزق، بسبب التصويت على الموازنة، وعدم تضمين تلك الدرجات، واستحالة إعادة الموازنة إلى مجلس النواب، خاصة بعد كتاب وزارة المالية الذي أكد عدم تضمن الموازنة أي مبالغ بخصوص المفسوخة عقودهم في الحشد الشعبي، وهو ما أثار غضباً وخلافات سياسية واتهامات بالتواطؤ بين نواب تحالف الفتح».
نفي من وزارة المالية
من جهتها نفت وزارة المالية، الجمعة، وجود أي تخصيصات للمفسوخة عقودهم من الحشد الشعبي والداخلية والدفاع ضمن موازنة البلاد لعام 2021.
وقالت الوزارة في تصريح للوكالة الرسمية، إن «جدول (باء) المرفق بقانون الموازنة العامة التي صوت عليها البرلمان ودخلت حيز التنفيذ لم يتضمن أي تخصيصات للمفسوخة عقودهم»، مضيفة أن «تخصيصات هيئة الحشد الشعبي جاءت فقط لتأمين كلف (169 ألفاً و400) منتسب وعلى أساس إجمالي راتب شهري يبلغ مليون وأربعمئة ألف دينار لكل منتسب ولم يتضمن إعادة المفسوخة عقودهم».
قاتلوا في سوريا
كما أكدت لجنة الأمن والدفاع النيابيَّة في وقت سابق الاثنين، عدم وجود درجات وظيفيَّة جديدة للحشد الشعبي ضمن موازنة 2021.
وقال رئيس اللجنة محمد رضا ال حيدر، إن «المفسوخة عقودهم من الحشد الشعبي لم يتمْ تضمينهم في موازنة 2021»، مبيناً أن «التضمين كان لمنتسبي الحشد الذين يتسلَّمون نصفَ راتبٍ وهم مستمرون في الخدمة».
وتابع أن «المبلغ المتبقي وقدره 22 مليار دينار هو لدفع مستحقات فرقة العباس القتالية حسب توصيات اللجنة المشكلة من مكتب رئيس الوزراء والمصادق عليها من رئيس الوزراء».
وعلى الرغم من مناشدات سابقة بإعادة الآلاف من عناصر الجيش والشرطة للخدمة، من القوات التي انهارت إبان اجتياح تنظيم داعش شمال وغرب البلاد في العام 2014، فضلاً عن توظيف حملة الشهادات العليا (الماجستير والدكتوراه)، وتوسيع برنامج الرعاية الشهرية للأرامل ومعدومي المُعيل، إلا أن البرلمان لم يمرّر أي وظائف أو امتيازات غير تلك المتعلقة بالحشد.
لكن تفسيرات أخرى ذهبت إلى أن قسماً من هؤلاء كانوا في سوريا، حيث كانوا يقاتلون إلى جانب قوات النظام السوري ضمن أجنحة الفصائل العراقية المقاتلة هناك، وباتت تصر الفصائل اليوم إثر عودتهم على اعتبارهم مقاتلين في الحشد الشعبي.
بدوره، ذكر المراقب السابق للانتخابات العراقية مرتضى المسعودي، أن «موسم الدعاية الانتخابية تحول إلى استغلال واضح لمعاناة ومطالب الناس، ووعدهم بالعودة إلى الخدمة على رغم عدم الحاجة إليهم في السلك العسكري في ظل التضخم الحاصل بأعداد القوات الأمنية، وهو ما يتطلب تدخلاً حكومياً عاجلاً لإيضاح الموقف وتبيان الحقيقة بشأن هؤلاء المفسوخة عقودهم».
وأضاف المسعودي لـ (باسنيوز)، أن «مسألة تأمين الانتخابات لم تعد متعلقة فقط بتأمينها من السلاح المنفلت، وإنما من الاستغلال الانتخابي وتكافؤ الفرص وعدم استغلال موارد الدولة وإجراءاتها ضمن الدعاية الشعبية»
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط