بلاد الرافدين..عطشى!

بلاد الرافدين..عطشى!
سعد جاسم الكعبي
يواجه بلدنا ازمة مياه حقيقية تكاد تحول نهري دجلة والفرات الى اثرا بعد عين.
ويلمس المتابع لهذه المشكلة انها تتصاعد عاما بعد اخر في ظل الأطماع التركية والإيرانية في استغلالها بشكل خارج القانون الدولي واية مبررات انسانية.
وتستخدم تركيا مسألة المياه سلاحاً للإبتزاز والضغط على العراق لتحقيق مكاسب سياسية وأمنية؛ فلم تُفعِّل تركيا اتفاقها الامني مع سوريا والعراق،الا بملاحقة القوات التركية لحزب العمال التركي المعارض داخل سوريا والحال نفسه في العراق.
مما يؤخذ على حكومات العراقية المتعاقبة عدم الرد على تركيا بنفس أسلحتها، إذ يستورد العراق من تركيا بما يعادل 20 مليار دولار، وما يعادل 10 مليارات دولار من إيران، وهذه الميزة، إن أرادت الحكومة العراقية استغلالها، فإنها يمكن أن تَستغِل الاقتصاد ورقة ضغط لتُجبر تركيا وإيران على الالتزام بالمعاهدات والاتفاقات الموقعة سابقاً
في هذا الشأن.
وكان يمكن للعراق ان يقوم بشق قناة وقتية في اقرب نقطة بين النهرين وهي بالقرب من بغداد لتغذية مياه الفرات بالمياه العذبة بدلا من مياه الثرثار المالحة، وبالتالي ستتوفر فرصة لاعادة الحياة الى الاراضي الزراعية وانهاء مشكلة التصحر الزاحف في اتجاه الشرق من خلال البدء بمشروع الحزام الاخضر.
بات من شبه المؤكد أن تركيا وإيران لن تتراجعا عن سياساتهما المائية تجاه الجوار العربي، نتيجة إدراكهما عدم وجود عواقب على هذه السياسات، وبالعكس تشكل أزمات المياه في سوريا والعراق مداخل مهمة لزيادة نفوذ وتأثير تركيا وإيران في هذين البلدين، وخاصة أن المياه، أو “الذهب الأزرق” كما يُطلِق عليه البعض، سيكون قضية العقود المقبلة الأهم.
مَن يتحكم بمجرى المياه ستكون له قدرة على التحكم بالتوجهات السياسية للدول المنكوبة بالفقر المائي.
في كل الاحوال لا بد وجود حلول مناسبة لمشكلة شحة المياه ،وذلك من خلال سعي الحكومة والتنسيق مع الدول المجاورة لزيادة حصة العراق المائية وعدم انشاء السدود على نهري دجلة والفرات قبل دخولهما العراق وكذلك على الحكومة العراقية انشاء السدود داخل العراق للحفاظ على كميات الماء الداخلة واستثمارها بالاضافة لما لهذه المشاريع من مردودات على الثروة السمكية والسياحة وفوائد اخرى تدر بها هذه المشاريع.
ومع تزايد ازمة المياه يفقد العراق مسماه التاريخي كارض للرافدين او مابين النهرين ،في ظل عجز تام وانشغال بمشاكل داخلية تاركين اهم ازمة تهدد بتفيت وتقسيم الوطن وربما تسبب هجرة سكانه في المستقبل المنظور.
واسفاه على ارض بلاد مابين النهرين ستكون تاريخا فقط وفقط.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here